(الحياة) كشف حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أنه يعتزم اجراء تعديل حكومي كبير يطاول الوجوه والسياسات والأفكار التي تدار بها الدولة، ورجح إعلان ذلك عقب عطلة عيد الفطر. وعلمت «الحياة» أن الرئيس السوداني عمر البشير طلب من أعضاء المكتب القيادي لحزبه في اجتماعه الأخير ترشيح وزراء للحقائب الحالية على ألا يزيد عمر المرشح عن 50 سنة بهدف تصعيد «جيل جديد» من القيادات، ووزع عليهم ورقة بيضاء لكتابة مرشحيهم، كما أبلغ مساعديه أنه يعتزم اجراء تعديل وزاري كبير. وقال عضو المكتب القيادي للحزب الحاكم رئيس جهاز المخابرات السابق، قطبي المهدي، إن البشير سيعلن الوزارة الجديدة عقب عطلة عيد الفطر، مؤكداً أنه سيكون تعديلاً كبيراً. وأشار إلى أن الباب مفتوح أمام الأحزاب المعارضة للمشاركة في السلطة إذا رغبت في ذلك. كما قال المسؤول السياسي للحزب الحاكم في ولاية الخرطوم، نزار محجوب، إن التغييرات الوزارية ستشمل السياسات والوجوه والأفكار، مشيراً إلى وجود رغبة كبيرة من قيادة الدولة في إحداث تغيير كبير في أسلوب الحكم وشكله. وكان رئيس «لجنة الأمن والدفاع» في البرلمان، محمد الحسن الأمين، قال قبل يومين إن التعديل الحكومي سيشمل مستويات الحكم كافة، بينما ترددت شائعات عن أن النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه سيغادر موقعه إلى رئاسة البرلمان أو الرجل الثاني في الحزب. ومن المتوقع أيضاً أن يكون من أبرز المغادرين رئيس البرلمان، أحمد إبراهيم الطاهر ووزراء الدفاع الفريق عبد الرحيم حسين ووزير الخارجية علي كرتي والداخلية إبراهيم محمود، والمالية علي محمود والطاقة عوض الجاز. وغالبية هؤلاء أمضوا في المواقع الوزارية المختلفة أكثر من عقدين. وقال الكاتب الصحافي محمد لطيف المقرب من الرئاسة وتربطه بالرئيس علاقة نسب، إن البشير يسعى إلى تغيير كبير، لكنه عدّل في سيناريو التغيير بحيث يكون هو آخر المغادرين بدلاً من أن يكون أولهم، وهو يرتب لخلافته وأن التعديل الحكومي المقبل يعتبر تمهيداً لذلك، خوفاً من وقوع أي صراع بين الإسلاميين على خلافته. وكانت (حريات) نشرت أمس بعض التكهنات القائلة بإعفاء عبد الرحيم محمد حسين من الدفاع وتعيين صلاح قوش في الداخلية، ذاكرة أن ذلك يعني إبعاد العسكريين من السلطة الفعلية، وهو ما يستبعد حدوثه. وقال محلل سياسي استطلعته (حريات) إن أحاديث المؤتمر الوطني الأخيرة لا تعدو أن تكون ذر رماد في العيون، وهي أحاديث مكرورة تسبق كل تشكيل وزاري جديد بدون أن تطبق، فمن قبل شغلوا الناس بالحكومة الرشيقة وجاءت مترهلة، وتحدثوا عن حكومة وحدة وطنية وكانت في النهاية مرتعاً للمؤتمر الوطني وأحزاب الزينة الديكورية، وأضاف: لا يرجى أن تفكك حكومة المؤتمر الوطني وتصلح من داخلها، واستدرك قائلاً: اللهم إلا في إطار اتفاق مع القوى السياسية كافة شاملة للمعارضة المدنية والمسلحة بدون أقصاء لأحد ولا مزايدة على أحد. وشرح قائلاً: كان ذلك مرجواً في إطار تفاوضي كالذي تبناه المثقفون السودانيون في لقائي الدوحة العام الماضي وما دعوا له من مائدة مستديرة، أو في إطار الحوار الذي تبناه مركز الحوار الإنساني بسويسرا مؤخراً، ولكن موقف المؤتمر الوطني السلبي من حوار الدوحة حيث أحجم المشاركون منه من اتخاذ موقف أمامي، وموقفه المعيق لحوار جنيف الأسبوع الماضي حيث منع المشاركين من السفر، يؤكد أنه لا زال يكابر ويعتقد أنه يستطيع إعادة الأسطوانة المشروخة إلى الأبد، ونقول له بقوة: لا تهمنا حكوماتك التي تشكلها وتفضها والتي لا تفعل شيئا سوى أنها تبدّل في بعض الأسماء كبهارات لنفس الطبخة الرديئة التي أجبرت شعبنا عليها طيلة ربع قرن من الزمان حتى أوشك على الهلاك.