متوعدا بمحاسبة مرتكبي الهجوم باعتباره 'وقاحة أخلاقية'، كيري يؤكد على استخدام أسلحة كيميائية قرب دمشق. اوباما قبل توليه الرئاسة: الحروب ليست مجيدة ميدل ايست أونلاين واشنطن - يتجنب الرئيس الاميركي باراك اوباما الدخول في اي نزاع عسكري لمعرفته بكلفته الباهظة ومعارضته "الحروب الغبية"، لذلك فان تشديد اللهجة الاميركية بشان سوريا قد يكون مصيريا ومهما للغاية. لكن وزير الخارجية الاميركي جون كيري اكد الاثنين ان اسلحة كيميائية استخدمت بالفعل في سوريا الاسبوع الماضي معتبرا ان هذا العمل يعتبر "وقاحة اخلاقية" لا بد من ان يحاسب عليه من قاموا به. وعلى مدى اشهر، قاوم اوباما، الحائز على جائزة نوبل للسلام، الانجرار الى المستنقع السوري، رغم ما لحق بالمدنيين في النزاع السوري الذي قتل فيه نحو 100 الف شخص بحسب الاممالمتحدة. كما قاوم الدعوات الى فرض مناطق حظر طيران والمطالبة من داخل مجلسه الحربي بتسليح المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الاسد خشية ان تنتهي هذه الاسلحة في ايدي الجهاديين المتطرفين. الا ان الموقف الاميركي غير الواضح من سوريا اصبح اكثر وضوحا الاحد عندما صرح مسؤول بارز في البيت الابيض انه بات "من شبه المؤكد" ان القوات السورية استخدمت الاسلحة الكيميائية ضد المدنيين الاسبوع الماضي. وجاء رد فعل واشنطن على سماح دمشق للمفتشين الدوليين بالتوجه الى موقع الهجوم بانه كان متاخرا وغير كاف. وقال كيري في تصريح صحافي من واشنطن "ان اسلحة كيميائية استخدمت في سوريا، وهذا الامر اكيد". واضاف "ما شاهدناه الاسبوع الفائت في سوريا يصدم الضمير العالمي. انه يتحدى اي معيار اخلاقي. ان المجزرة العمياء بحق مدنيين وقتل نساء واطفال وعابرين ابرياء بواسطة اسلحة كيميائية يشكل وقاحة اخلاقية". وتابع كيري "يعتقد الرئيس (الاميركي باراك) اوباما انه لا بد من محاسبة من استخدموا الاسلحة الاكثر وحشية ضد السكان الاكثر ضعفا في العالم"، مشددا على ان "لا شيء اكثر خطورة اليوم ولا شيء اكثر يستحق التقصي" من استخدام الاسلحة الكيميائية. وانسجاما مع موقف حكومته في نهاية الاسبوع، اتهم كيري ايضا النظام السوري بان موافقته على توجه محققي الاممالمتحدة الى المنطقة التي شهدت الهجوم الكيميائي المفترض في 21 اب/اغسطس جاءت "متاخرة جدا ما يجعلها تفتقر الى الصدقية" وبانه "قصف" الموقع المذكور "ودمر في شكل منهجي الادلة" الميدانية. وقال "ليس هذا سلوك حكومة لا شيء لديها لتخفيه". وصعد مسؤول اميركي بارز يرافق وزير الدفاع تشاك هيغل من اللهجة الاثنين بقوله ان هناك "مؤشرات قوية" الى استخدام مواد كيميائية في الهجوم على ريف دمشق. ويلفت هذا الخطاب الاهتمام لانه يبدو انه لا يترك لاوباما مجالا ويجبره على تنفيذ تحذيره العام الماضي بان استخدام الاسلحة الكيميائية يعد تجاوزا "للخط الاحمر" الذي تحدده الولاياتالمتحدة، فيما يتم نشر المعدات الحربية الاميركية في المناطق المقابلة لسوريا. ويسود الان شعور قوي في واشنطن بان استخدام القوة ضد سوريا والذي سيجر الولاياتالمتحدة الى الحرب السورية الشرسة مهما كان محدودا، بات حتميا. وقال السناتور الجمهوري بوب كوركر الخبير في السياسة الخارجية "اعتقد ان الرد سيكون وشيكا". واضاف "اعتقد اننا سنرى ضربات جراحية ضد نظام الاسد جزاء على ما فعله وأنا ادعم ذلك".وياتي هذا التحول في المزاج مفاجئا لانه قبل ثلاثة ايام فقط حذر اوباما من خطر القيام بمغامرات جديدة في الشرق الاوسط. لا حاجة لموافقة الكونغرس كما حصل في ليبيا في 2011، يملك الرئيس الاميركي باراك اوباما صلاحية اتخاذ قرار توجيه ضربات جوية ضد سوريا، لكن عليه اطلاع الكونغرس عليه، الامر الذي لم يفعله بعد. وصرح برندن باك المتحدث باسم رئيس مجلس النواب جون باينر الاثنين ان "الرئيس هو القائد الاعلى للقوات المسلحة لكن المرحلة الاولى بالنسبة له ولفريقه هي استشارة الكونغرس. وهذا الامر لم يحصل بعد". وفي 1973 بعد حرب فيتنام ورغم معارضة الرئيس ريتشارد نيكسون صوت الكونغرس الاميركي على "قرار صلاحيات الحرب" لارغام الرئيس الاميركي على طلب موافقة الكونغرس لنشر قوات. وعلى الرئيس اذا شن عملية او نشر جنودا اميركيين في حال "وقوع عمل عدائي او عمل عدائي وشيك"، ان يحصل نظريا على اذن من الكونغرس في حال تواصلت العمليات العسكرية لاكثر من 60 يوما. لكن كل الرؤساء منذ نيسكون اعتبروا هذا البند مخالفا للدستور وتجاهلوا طلب الاذن من الكونغرس واكتفوا بابلاغه بالامر. وفي اذار/مارس 2011 امر باراك اوباما بشن غارات جوية ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي مستندا الى قرار لمجلس الامن الدولي. وبحسب الادارة الاميركية لم تندرج العملية في اطار "الاعمال العدائية" التي نص عليها قانون 1973. ولاحقا دار خلاف في الكونغرس بين مؤيدي قانون يامر الرئيس بوقف التدخل في ليبيا وبين الذين يدعمونه رسميا. وفي اذار/مارس 1999 لم يكن للنواب كلمتهم حول حملة القصف الجوي الطويلة في كوسوفو وصربيا التي امر بيل كلينتون بتنفيذها. لكن النقاش السياسي يبقى حاميا. وفي تموز/يوليو حاول نواب قريبون من حزب الشاي منع شن هجوم بشكل وقائي في سوريا من دون موافقة الكونغرس المسبقة. وفي حال حصول جدل حول شن ضربات جوية سيستفيد اوباما من بقاء الكونغرس في اجازة صيفية حتى التاسع من ايلول/سبتمبر. ووصف الهجوم بالاسلحة الكيميائية على مشارف دمشق والتي تقول المعارضة السورية انه قتل 1300 شخص، بانه "حدث كبير"، في تلميح لرد اميركي قوي. الا ان اوباما الذي سحب قواته من العراق ويسحب قواته من افغانستان، اعرب عن شكوكه في اي تدخل في الشرق الاوسط. وحذر في مقابلة بثتها شبكة سي ان ان الاخبارية الجمعة من اي "تدخلات صعبة ومكلفة جدا" تولد الاستياء في المنطقة، منتقدا من يتسرعون في القيام "بامور لا تكون نتيجتها جيدة، وتتسبب بتورطهم في مواقف صعبة". ولم تكن تلك هي المرة الاولى التي يعرب فيها اوباما عن حذره من استخدام القوة الاميركية في الشرق الاوسط، وهي الحقيقة التي استغلها منتقدوه المحافظون لوصفه ب"الضعيف" وبان النفوذ العالمي للولايات المتحدة في عهده قد ضعف. الا ان المدافعين عن اوباما يقولون انه ليس محاربا مترددا، فهو يقود الحملة الشرسة للطائرات الاميركية بدون طيار ضد المشتبه بضلوعهم في الارهاب في انحاء العالم، وخاطر بشكل كبير بتنفيذ الغارة ضد زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لان. الا ان اوباما اشتهر خلال حملته الانتخابية بمعارضته ل"الحروب الغبية" وقال اثناء تسلمه جائزة نوبل للسلام ان الحرب "ليست مجيدة، وعلينا ان لا نصفها بذلك ابدا". وفي الخطاب ذاته اقتبس اوباما قول مارتن لوثر كينغ، المدافع عن الحقوق المدنية، بان العنف لا يجلب السلام الدائم ولكنه يخلق مشاكل "جديدة ومعقدة". ويمكن القول ان رئاسة اوباما باكملها كانت رد فعل على ما اعتبره استخداما غير حكيم للقوة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الذي قاد الولاياتالمتحدة الى الحرب في العراق. وقال اوباما مرات عديدة ان الولاياتالمتحدة لا يمكنها ان تخوض الحروب الخارجية وحدها، وعليها ان تتصرف طبقا للقانون الدولي. ولذلك فان الولاياتالمتحدة لن تقوم باي تحرك في سوريا الا بالتحالف مع حلفاء خارجيين. ولكن لا يزال من غير الواضح ما الذي ادى الى تغير لهجة البيت الابيض. ربما يكون سبب ذلك هو وجود معلومات استخباراتية اميركية مؤكدة تشير الى تورط نظام الاسد في هجمات باسلحة كيميائية، ما يضع مصداقية اوباما الشخصية على المحك بسبب تصريحاته حول "الخط الاحمر". وربما يكون السبب حرص واشنطن على ان تؤكد اهمية الاستمرار في تحريم استخدام الاسلحة الكيميائية. ويرفض مسؤولون في الادارة الاميركية فكرة ان الرئيس متردد بشان استخدام القوة او اتهامه ب"القيادة من الخلف" في العمليات بما فيها العمليات الجوية التي شنها الحلف الاطلسي على ليبيا. ويؤكدون ان الحكمة والتعقل ليسا رديفين للضعف. وقال اوباما في ايار/مايو بشان الغارة التي ادت الى مقتل اسامة بن لادن وعملية الحلف الاطلسي التي اسفرت عن الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي "توجد الكثير من الامثلة خلال رئاستي كنت اقول فيها انني سافعل شيئا.. وافعله في النهاية".