أدى فشل نقل وترحيل المواطنين الجنوبيين إلى دولتهم عبر الميناء النهري الوحيد بالمنطقة إلى طرح كثير من التساؤلات حول مدى قدرة الميناء على الإيفاء بالتزام الدولة من جهة, وما إذا كان مستعدا فنيا للقيام بدوره السابق من الجهة الأخرى. ويبدو أن تدهور مرافق السودان العامة لم يتجاوز النقل النهري الذي كان يمثل أحد المرافق الحيوية بالبلاد، الأمر الذي يفرض على الحكومة السودانية وضع حلول هي بالأساس مطلب كافة المواطنين. ففي وقت ابتعدت فيه الحكومة بنفسها عن إعادة تأهيل تلك المرافق –كحال النقل النهري– ببيعها لشركات خاصة أو أفراد، اعتبر متابعون خطوات الحكومة بأنها غير مدروسة. وقد لجأت الحكومة إلى إنشاء ميناء مواز لمينائها النهري, وأطلقت عليه اسم الميناء الجاف لمجاراة حركة التجارة البينية مع دولة الجنوب الوليدة. لكن ذلك كله لم يمنع من مطالبة حكومة الرئيس البشير بإعادة الحياة لكثير من المرافق, التي يراها مراقبون ومتابعون الخطوة الأكثر أهمية بالمرحلة المقبلة. عوامل جيدة أشار مدير إدارة النقل النهري محمد طيفور الذي يعتقد مواتاة كافة العوامل لعودة الميناء النهري لسابق عهده كرابط تجاري بين دولتي الشمال والجنوب، إلى أن نجاح الميناء النهري في العودة من جديد سيرفع من مستوى التعاون المثمر بين تجارة البلدين. وأضاف طيفور أن إدارته تعمل على تنظيم العمل وتأجير المواعين الخاصة بنقل البضائع والركاب للجنوب, والتي عادة ما تكون لشركات خاصة. وأكد أن ترحيل نحو سبعة آلاف مواطن جنوبي عبر شركات توقفت في آخر المطاف، معللا ذلك بسبب الحمولات الزائدة للعائدين، مشيرا إلى ضرورة مراعاة القدرة الاستيعابية والفنية الحالية للميناء. وقال طيفور في حديثه للجزيرة نت إن الميناء بحاجة إلى عمل كبير ليؤدي دوره كاملا في الربط بين دولتي الشمال والجنوب. سوء إدارة ومن جهة أخرى أشار صالح عبد الرضي عبد الله (مهندس سابق) إلى سوء الإدارات التي تعاقبت على المرفق الذي وصفه بالحيوي, رغم اعتقاده بإمكانية تطور النقل النهري ومن ثم ميناء كوستي. وربط عبد الله بين استعداد حكومة جنوب السودان لقبول موارد السودان ورغبة السودان في بداية تبادل تجاري حقيقي بين الدولتين، مشيرا إلى إمكانية تحقيق أكبر قدر من التبادل التجاري بين الدولتين "إذا ما اتجها نحو النقل النهري". ولم يستبعد عودة الروح لميناء كوستي "لكن لن يكون كما كان سابقا" لعدم وجود الكفاءات الهندسية والعمالة الماهرة المدربة في السودان حاليا، لافتا إلى وجود بصيص أمل لحل كافة المشكلات التي يعاني منها الميناء. ودعا الحكومتين الشمالية والجنوبية لتغليب مصلحة البلدين على خلافات السياسة، معتبرا عدم قدرة الميناء على الإيفاء بالتزاماته نتاجا طبيعيا لتدهور مرافق كثيرة بسبب سوء الإدارة.