ارتفعت أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازية "السوداء" بصورة قياسية لم تشهدها البلاد من قبل حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد في السوق الموازية الى أكثر من 4.5 جنيهات سوداني. فيما عزا بنك السودان المركزي هذه الزيادة الى تسرب الجنيه السوداني قادما من دولة جنوب السودان أثناء عملية الاستبدال علاوة على المبالغ الضخمة بالعملة المحلية التي استلمها المواطنون الجنوبيون كاستحقاقات بعد انتهاء خدماتهم بالقطاعين العام والخاص واستبدالها بالدولار، في وقت أكد فيه خبراء اقتصاديون أن عدم امتلاك الحكومة لرصيد كاف من العملة الأجنبية بسبب ذهاب أكثر من 90% من عائدات النفط للجنوب بعد انفصاله عن شمال السودان. وعلل البنك المركزي السوداني في بيان صحفي تحصلت "العربية نت" على نسخة منه، ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية إلى أسباب مؤقتة تمثلت في تسرب مبالغ من الجنيه السوداني قادمة من دولة جنوب السودان أثناء عملية الاستبدال ومن ثم دخول هذه المبالغ المستبدلة الى السوق الموازي لتحويلها الى عملة أجنبية مما زاد الطلب على النقد الأجنبي، هذا علاوة على المبالغ الضخمة بالعملة المحلية التي استلمها المواطنون الجنوبيون كاستحقاقات بعد انتهاء خدماتهم بالقطاعين العام والخاص واستبدالها بالدولار مما أدى إلى مضاعفة الطلب عليه. وأوضح البنك المركزي في بيانه أن هذه الأسباب المؤقتة في طريقها الى التلاشي بمرور الوقت وأن البنك يسعى جاهدا لامتصاص نتائجها، مؤكدا التزامه التام بتوفير وتغطية حاجة السوق من النقد الأجنبي عبر الضخ المباشر للنقد الأجنبي للمصارف والصرافات. ودعا البنك المواطنين الراغبين في الحصول على النقد الأجنبي للأغراض المختلفة الى التعامل مع النظام المصرفي مباشرة عبر المصارف والصرافات وعدم التعامل مع تجار وسماسرة العملة. بينما قال الخبير الاقتصادي دكتور خالد التجاني رئيس تحرير صحيفة ايلاف الاقتصادية في حديث خاص لمراسل "العربية نت" بالخرطوم إن أسباب ارتفاع سعر العملات الأجنبية بالسودان متعلقة بضعف الميزان التجاري الخارجي، مشيرا الى أن الدولة كانت تعتمد بدرجة كبيرة على عائدات النفط والذي كان يشكل أكثر من 90% من موارد النقد الأجنبي، وعدم الاتفاق والوصول لحل بين السودان ودولة جنوب السودان الجديدة فيما يخص النفط جعل البنك المركزي ليس لديه رصيد كافي من العملات الأجنبية بحيث توفي بالاستيراد والمنصرفات الأخرى. وتابع التجاني لذا فإن ارتفاع سعر العملات متعلق بمسألة الإنتاج وهيكل الصادرات السوداني وبالتالي فإن الدولة ليست لديها عملة كافية، ومن الطبيعي أن يحدث تدهور في سعر العملة باعتبار أنه كان من المتوقع بعد انفصال الجنوب أن تكون هناك تأثيرات اقتصادية سلبية على الرغم من أن الحكومة ظلت لفترات طويلة تنفي أن يكون للانفصال تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد بالشمال وبالتالي كأنها فوجئت بالوضع الراهن. وبيّن الخبير الاقتصادي أن هذه الأزمة لا يمكن تداركها بحلول أمنية أو اللجوء لأي إجراءات – مشيرا الى أن هيكل الدولة مازال ضخما والمنصرفات فيه بها إشكالات وبالتالي الآن فهناك حاجة لمعالجات اضطرارية جذرية تعيد هيكلة الدولة نفسها بصورة حاسمة في مسألة الصرف الحكومي من جهة ومن جهة أخرى تعزيز الصادرات غير النفطية، مضيفا "للأسف حتى الآن لم يحدث فيها شيء فهناك تدهور كبير جدا في حجم العملة الخارجية المتوفرة للدولة"، وذكر التجاني أن واحدة من الإشكالات الاقتصادية هي أن وضع الواردات السودانية تذهب لشراء المواد الغذائية وهذا يحدث خللا كبيرا جدا في الميزان التجاري الخارجي. وكانت أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني قد حدثت فيها قفزة لم تشهدها البلاد طيلة السنوات الماضية حيث وصل سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الماضية الى أكثر من 4.5 جنيهات، وسط توقعات بأن يضخ البنك المركزي كميات كبيرة من العملات الأجنبية في السوق في الأيام القادمة قد تؤدي الى انخفاض كبير في سعر صرف هذه العملات.