[b]بعد تصاعد الأحداث في كل من جنوب كردفان و النيل الأزرق في ظل وضع سياسي مليء بالشكوك و عدم الثقة خاصة بين القوي السياسية في المعارضة و المؤتمر الوطني الحاكم كان هناك البعض من يعتقد وحتى داخل الحزب الحاكم نفسه أن قضية انفصال الجنوب ربما تؤدي إلي واقع جديد ترسخ فيه القيم الديمقراطية وأطلق عليه البعض الجمهورية الثانية و لكن الجمهورية الثانية بدأت بنزاعات مسلحة ثم تعطلت قضية تشكيل الحكومة التي كان يدعو لها المؤتمر الوطني رغم الحوارات المستمر بين المؤتمر الوطني و الحزبين التقليديين " الأمة القومي – الاتحادي الديمقراطي" و كانت المؤشرات تؤكد أن أحزاب المعارضة لن تشارك في أية حكومة يدعو لها المؤتمر الوطني خاصة بعد تصاعد الثورات العربية و ترنح العديد من النظم الديكتاتورية التي كانت أشد شراسة و قبضة أمنية, هذه التحولات في المنطقة ,هي التي أدت إلي تراجع قيادات القوي السياسية المعارضة التي كانت تجري حوارا مع المؤتمر الوطني ,ثم جاء تحالف القوي السياسية الحاملة للسلاح " حركة تحرير السودان أركو مناوي و حركة تحرير السودان عبد الواحد و الحركة الشعبية قطاع الشمال" هذا الجو السياسي المضطرب و المتصاعد سياسيا و عسكريا دفعنا في " مركز أبحاث الديمقراطية و الدراسات الإستراتيجية" بالتنسيق مع جريدة " المهاجر" أن نجري لقاءات سياسية مع العديد من قيادات المعارضة حول السياسي الراهن بهدف تمليك المعلومات للجماهير السودانية و البحث عن حلول من خلال حوار متواصل بين النخب السودانية في السودان و خارجه و يعد هذا الحوار الثالث مع الأستاذة هالة عبد الحليم رئيسة تنظيم حق و إلي مضابط الحوار:- الأستاذة هالة بعد تصاعد القتال في ولايتي النيل الأزرق و جنوب كردفان هل تعتقدين هناك فرص للحوار السياسي السلمي؟ الأستاذة هالة: أعتقد أن الحوار هو أسلم طريق لحل المشاكل السياسية و لكن المؤتمر الوطني غير مقتنع بهذه الفكرة و يعتقد إن الحلول العسكرية هي الأسرع رغم أنه كان قد جربها في الماضي و لم تنجح ثم أقتنع أن الحوار أفضل ربما تكون القناعة نفسها جاءت للضغوطات العالمية و الداخلية و لكن كان من الأفضل لهم أن يتعظوا من تجاربهم. تعتقد قيادات المؤتمر الوطني أن الحركة الشعبية قد ذهبت مع دولة جنوب السودان و بالتالي يجب لقطاع الشمال يعيد ترتيب نفسه قانونيا أي أن يقوم بتسجيل حزب جديد و يفقد بذلك تاريخ الحركة الشعبية النضالي ما هي رؤيتكم في ذلك؟ الأستاذة هالة : أعتقد أن المؤتمر الوطني أراد من عملية التصعيد الوصول إلي نتيجة حل الحركة الشعبية قطاع الشمال و هو مدرك تماما إن الحركة لن تقبل بذلك و كما أن المؤتمر الوطني يحاول من إثارة القضية و تصعيدها أن يشغل الناس من قضاياهم الأساسية حيث أن المجتمع الآن يعاني من غلاء فاحش لا يستطيع المواطنون تقبله كما أن سلطة المؤتمر الوطني تعاني من شح الموارد المالية التي تستطيع أن تواجه بها مشاكل الناس الناتجة عن هذا الغلاء و بالتالي هي تبحث عن قضايا تصرف بها الناس عن مشاكلهم الحقيقية. حزب الأمة قد رفض تماما المشاركة في الحكومة القادمة و الحزب الاتحادي رغم إن موقفه غير واضح وقاطع و لكن مشاركته علي ضوء شروط المؤتمر الوطني بعيدة جدا إلا إذا حدث فيها تعديل هل تعتقدين تلك المواقف الرافضة للمشاركة في الحكومة سوف تعزل المؤتمر الوطني؟ الأستاذة : المؤتمر الوطني أصلا معزول داخليا و خارجيا و هو يحاول من خلال السعي لمشاركة الحزبين الكبيرين أن يحملهم مسؤولية الفاشل كما إن المؤتمر الوطني يعلم أن الأيام القادمة هي أيام صعبة باعتبار أن المشكلة الاقتصادية ليس لها حل لقد رفضت أغلبية الدول العربية النفطية مطالب المؤتمر الوطني كما إن الغلاء لا حلول له و هذه سوف تجعل المواطنين أمام خيارين إما القبول بالغلاء و الموت البطيء أو الخروج للشارع من أجل التغيير. هل تعتقدين إن الثورة قد اكتملت شروطها في السودان و إذا كانت الإجابة بنعم ما هو سبب التأخير و إذا لم تكتمل الشروط ما هي البدائل المطروحة من قبل المعارضة؟ الأستاذة هالة : الثورة قد اكتملت شروطها في السودان و لكن سبب التأخير هو الضعف البين في قوي المعارضة التي حتى الآن لا تريد أن تتفق علي برنامج سياسي واضح تقدمه للجماهير كما إن هناك بعض الخلافات وسط قيادات المعارضة هذه الأسباب كفيلة بتأخير الثورة رغم أنني مقتنعة جدا إن الشارع السوداني سوف يسبق القيادات السياسية و في أية لحظة ممكن أن تندلع الثورة و هي لا تحتاج إلي أسباب كبيرة لآن الشارع لوحده قادر أن يخلق قياداته الجديد كما أية ثورة بتخلق قياداتها. هل معني ذلك أن السودان مبشر أن يكون الدولة القادمة في جدول الثورات العربية؟ الأستاذة هالة : ليس ببعيد كما قلت إن شروط الثورة مكتملة تماما و أن الأزمات تلاحق بعضها البعض و الحرب التي اندلعت في كل من النيل الأزرق و جنوب كردفان سوف تزيد من معاناة الناس أكثر لآن الحكومة ليس لديها موارد كافية تصر علي الحرب و هي سوف تؤدي إلي معاناة الناس و إذا لم تنفجر الحرب الحكومة ليس لديها موارد تواجه بها الغلاء و التردي الحادث في الخدمات. تقول قيادات المؤتمر الوطني إن الغلاء ليس سببا كافيا لقيام الثورة و إن الجماهير متفهمة لأسباب الغلاء كما إن السيد رئيس الجمهورية قال أن الغلاء ظاهرة عالمية ؟ الأستاذة هالة : صحيح إن الغلاء لوحده ليس سببا كافيا لقيام الثورة و لكن هناك عوامل كثيرة تتفاعل مع عامل الغلاء التردي في الخدمات الحروب المستمرة في البلاد حجر الحرية الرقابة القبلية علي وسائل الإعلام و الصحافة التي يمارسها جهاز الأمن و المخابرات الحصار الاقتصادي الضغوط العالمية محيط السودان الذي يعاني من مشاكل حكومة الإنقاذ مجتمع دولي لا يتعامل مع الحكومة قيادات محاصرة لا تستطيع الخروج خارج حدود السودان عملية متدهورة يوميا إضافة إلي أن ربيع الثورات العربية هو نفسه مؤثر قوي وسط الشباب الطامحين إضافة إلي بطالة بلغت نسبها كبيرة جدا مما أدت إلي الإحباط عند الشباب كل تلك عوامل تتفاعل مع عامل الغلاء تزيد من عملية ألتذمر و تدفع الناس للخروج و هي كلها مشاكل لا يملك المؤتمر الوطني لها حلول لا اليوم أو بعد خمس سنوات. هل تعتقدين إن هناك فرصا للحوار الوطني يخرج السودان من هذا المأزق التاريخي و من حالة التشتت التي يعيشها السودان؟ الأستاذة هالة: أن قضية الحوار الوطني التي تتحدث عنها قيادات المؤتمر الوطني هي لكسب الوقت و هم غير جادين في عملية الحوار و أقول أليك بصراحة جدا إن المؤتمر الوطني لا يفرط في السلطة مطلقا و أية طريق يمكن أن يؤدي إلي سلام و استقرار سياسي و لكنه يفقدهم السلطة لن يسلكوه اعتبار أن قيادتهم مطالبة من قبل المحكمة الجنائية الدولية و السلطة أصبحت هي طوق النجاة لوحده و بالتالي هم غير واثقين في القوي السياسية أن تسلمهم إذا فقدوا السلطة إذن قضية الحوار الوطني هي مطلوبة كحل سياسي لكن من الذي يقنع المؤتمر الوطني. لكن دائما يتحدثون عن الحوار هو الطريق للحل؟ هذا نوع من التكتيك السياسي و تخدير للجماهير و الرأي العام العالمي و لكن المصيبة الكل فهم قيادات المؤتمر الوطني و كيف تفكر و إذا هم جادين في الحوار الوطني كل القوي السياسي طارحه قضية الحوار الوطني العام الذي يفضي إلي تفيك دولة الحزب إلي دول التعددية الديمقراطية و أيضا أعتقد أن الجماهير لها رؤيتها و هي الرؤية الفصل في ذلك باعتبار أن الثورة يمكن أن تحدث في أية لحظة و هذا لا يمنع أن تتحرك القوي السياسية و تنظم نفسها و لكي تعجل بالثورة. شكرا جزيل علي وقت سيادتكم زين العابدين صالح عبد الرحمن خالد عثمان