نيويورك تايمز : 22 أكتوبر 2011 في الأشهر القليلة الماضية في الوقت الذي نتساءل نحن الأمريكيون فيما بيننا بشأن حالة الإقتصاد أو الطقس هنا، يعيش رايان بويتي في قطية مشيدة من الطين والقش ويتجنب القنابل وهو في ملابسه الداخلية. إن بعض الكوارث الانسانية تطول في الكونغو والصومال والسودان بسبب حدوث عمليات القتل دون وجود شهود. لذا قرر رايان بويتي وهو مواطن أمريكي من ولاية فلوريدا البالغ من العمر 30 عاماً أن يكون شاهداً على الأعمال الوحشية التي تجري في جبال النوبة السودانية، حيث تخلف هناك خفيةً بعدما تم إجلاء الأجانب الآخرين. التقيت رايان قبل بضعة سنوات في السودان وقد أصبح شخصية مؤثرة ويتحدث اللغات المحلية مثل الأوتورو واللغة العربية وهو مسيحي إنجيلي يدفعه إيمانه، وقد انتقل الى جبال النوبة في عام 2003 وعمل مع منظمة (ساماريتان بارس) وهي مجموعة عون إنساني بقيادة القس فرانكلين جراهام. في بداية هذا العام تزوج رايان من سيدة محلية (عاملة صحية) وحضر الزواج 6000 من مواطني جبال النوبة مع والديه اللذان حضرا من فلوريدا. كانت الحرب تتفاقم بصورة جلية في جبال النوبة، وقد وقف الاقليم الى جانب جنوب السودان إبان الحرب الأهلية وقد انفصل الجنوب وبقيت جبال النوبة ضمن الشمال- معظم شعب جبال النوبة مسلمين مع وجود أقلية مسيحية – وقد شجعوا التمرد المسلح المحلي المتبقي من الحرب الأهلية. في يونيو إندلع القتال، وتحركت الحكومة السودانية لتدمير التمرد في جبال النوبة وقامت بتهجير سكان المناطق الذين دعموا التمرد، وسحبت منظمات العون العاملين لديها، لكن ريان قرر عدم الهرب وعندما طلبت منه منظمته الإنسحاب من المنطقة قرر الإستقالة والبقاء. ويقول رايان " حاول الكثيرون إقناعي بالمغادرة، هنا تعيش زوجتي، وهنا عشت ثمانية سنوات ويصعب علي أن أغادر على متن أي طائرة بكل بساطة وأقول لزوجتي وداعاً آمل أن أراك بعد نهاية هذه الأحداث." أسس رايان شبكة من 15 شخصاً لجمع المعلومات والصور الفوتوغرافية وتسجيلات الفيديو لتوثيق الأعمال الوحشية التي تمت، مستخدماً كمبيوتر محمول يعمل بالطاقة الشمسية وهاتف موصول بالأقمار الإصطناعية لنقل ما وثقه إلى الغرب لاسيما إلى مشروع كفاية ومقره واشنطون وهو منظمة ناشطة ضد أعمال الإبادة الجماعية، ويقوم رايان بتوفير لقاءات مع شهود عيان لمساعدة مشروع كفاية ومبادرة هارفارد الإنسانية للحصول على أدلة بالإبادة الجماعية، بما فيها ثمانية قبور جماعية، كما يساعد الصحفيين على فهم ما يجري هناك. حاول رايان الحفاظ على سرية وجوده في الإقليم على الأقل من الحكومة السودانية لخوفه من محاولاتها تصفية الشهود، خصوصاً وأنه نجا من إحدى الغارات التي يبدوا أنها كانت تستهدف قطيته ولكنه حالما سمع أزيز الطائرة خرج بملابسه الداخلية واحتمى في الخارج وقد أخطأته الغارة ولم يُصب. بعد بضعة أسابيع خفت وتيرة القتل على الأرض ولكن استمرت الحكومة في القصف الجوي. قال لي رايان " إنه لأمر مرعب عندما يقصفون، إنك لا تشعر بالأمان في أي وقت ليلاً أو نهاراً". ويقول رايان أن الغارات الجوية أخطأت أهدافها وقتلت 200 شخصاً، ومنعت الناس من زراعة حقولهم، و أن مئات الألوف هجروا مساكنهم في مناطق جنوب كردفان فيما تبدو نذر مجاعة في المنطقة. ويقول ربما لذلك قالت لي زوجتي جزيرة " هذا ليس وقتاً ملائماً للإنجاب فإن أنجبنا سيتعرض أطفالنا للجوع". وبسبب الإحباط الذي أصاب رايان لعدم الإنتباه لمشكلة النوبة قرر العودة إلى الولاياتالمتحدة هذا الشهر لرواية ما شاهده ، ولأنه لم يستطع الحصول على تأشيرة لزوجته بسبب طول إجراءات حصول تأشيرة للزوجة للولايات المتحدة، تركها في معسكر للاجئين النوبة بجنوب السودان يقيم فيه 15000 لاجئ ويسعى من جهة أخرى لتوفير الإحتياجات الصحية لهم. في واشنطن قام رايان بتقديم إفادته أمام الكونغرس والتقى مسئولين في البيت الأبيض. وسيعود رايان للإلتحاق بزوجته جزيرة، في وضع أكثر خطورة هذه المرة بعد أن أصبح معروفاً، ولكنه قرر توصيل صوت الصامتين وسيقوم النوبة بأي شيء لحمايته. سألت رايان ما إذا قرر إستخدام موقع التواصل الإجتماعي (( تويتر)) فأجابني مستغرباً أي تويتر !! إنني كنت أقيم في الأدغال لمدة تسع سنوات، لذلك لا أعرف كيف أستخدمه. ولكنه يخطط لتعلم كيفية إستخدامه.