تسود المخاوف في السودان من انتقال الصراع وإعمال العنف الدائرة في إقليم دارفور إلى العاصمة الخرطوم ، خاصة بعد مصرع طالب جامعي وإصابة آخرين في مواجهات مع الشرطة السودانية. ويفتح ذل الباب واسعاً امام احتمالات غير محسوبة، فيما تشدد السلطات الأمنية على أنها ستتصدى بكل قوة وحسم لممارسات المجموعات التي تتبع للحركات المسلحة، في تعقيب على اعتقال طلاب بينهم فتاتان، كانوا يشاركون في مراسم دفن الطالب القتيل أمس الأربعاء . ويجيء الاعتقال على خلفية الهتافات المناوئة للحكومة، التي رددها المشيعون لجثمان طالب جامعة الخرطوم، ومنها "مقتل طالب مقتل أمة"، "لا حوار بلا حرية"، في إشارة إلى الدعوة للحوار التي وجهها البشير لأحزاب المعارضة . وتكشف أحداث يومي أمس وأمس الأول، ملامح مواجهات مقبلة بين الحكومة والمعارضة، قبل مضي ستة أشهر على مواجهات سبتمبر الشهيرة، التي كادت أن تفضي إلى "ربيع عربي" متأخر في السودان . ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة لا تستقيم مع دعوة الرئيس عمر البشير للقوى السياسية للدخول في حوار يفضي إلى إصلاحات جذرية ويحقق مجتمعاً سياسياً حراً ويوقف الحرب ويحقق السلام . ومع أن السلطات سارعت بتعليق الدراسة في جامعة الخرطوم إلى أجل غير مسمى، تحاشياً لتطور الاحداث، إلا أن أرتال سيارات الشرطة والأمن التي تحيط بالجامعة تلمح إلى أن الأحداث لن تتوقف عند هذا الحد . وحملت السلطات وحزب المؤتمر الوطني الحاكم منتسبين للحركات الدارفورية المسلحة مسؤولية الحادث، وحذرت من ممارسة أي نشاط أو تجمعات أو تظاهرات باعتبار أنهم يتبعون لحركات تشن حرباً على الحكومة، بيد أن الطالب الذي لقي حتفه مات مقتولاً برصاصة في صدره، ويأتي تأكيد السلطات الأمنية على أن نشاط الحركات المسلحة في الخرطوم هو امتداد لما تقوم به في الميدان من حرب ونهب وسلب وحرق، معززاً لاعتقاد المراقبين أن الصراع سينتقل إلى الخرطوم عاجلاً أو آجلاً . وفيما تكتفي إدارة جامعة الخرطوم بإعلانها تشكيل لجنة تقصٍ من الأساتذة للتحقيق حول مقتل أحد طلابها، وهو علي أبكر موسى إدريس، بجانب فتح بلاغين، تأتي تصريحات المتحدث باسمها، عبدالملك النعيم، متسقة مع مخاوف تصاعد الأحداث . وأكد النعيم أن تعليق الدراسة جاء بعد قراءة الخريطة وتحاشياً لعدم حدوث عنف آخر بين الطلاب . وأوضح النعيم أن الطالب المقتول راح ضحية احتكاكات بين الطلاب داخل الحرم الجامعي، فيما قالت الشرطة في بيان، أمس الأربعاء، إنها ستبذل كل جهد لكشف ملابسات الحادث والوصول للجاني، وهي تجدد التأكيد على أنها لن تسمح بأيِّ تفلتات أو زعزعة أمن واستقرار المواطنين . وطالبت منظمات دولية السلطات الحكومية بإجراء تحقيق عاجل في الحادث، ودعت في بيان إلى محاكمة من تسببوا فيه باستخدام القوة المفرطة، وهو ما قابلته الحكومة ببيان دعت فيه الإدارة الأمريكية، تحديداً للتراجع عن موقفها السلبي تجاه وثيقة الدوحة لسلام دارفور، وأن تحترم قرارات مجلس الأمن الدولى وقرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي في هذا الصدد .