أكثر من رسالة وجهها تحالف قوى الاجماع الوطني المعارض في السودان بإصراره على قيام ندوته الجماهيرية التى كان مقرراً لها ساحة ميدان الرابطة بشمبات شمالي العاصمة الخرطوم. وتحولت بأمر السلطات الأمنية الى دار حزب المؤتمر السوداني القريب من الميدان ومن ثم فضتها بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ليل السبت. تحالف قوى الاجماع الوطني الذي مثله رؤساء ما يقارب ال(12) حزباً منضوياً تحت لوائه، في ندوة ليلة امس السبت، ذهب عملياً في اول اختبار لمبادرة الوفاق الوطني التي طرحها رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عمر البشير قبل اكثر من شهر ونصف. وحرية العمل السياسي واتاحة الحريات بشكل عام كانت اولى شروط تحالف قوى الاجماع والمدخل الصحيح للحوار حول مبادرة الرئيس البشير، وضَمّن التحالف عدة شروط للحوار منها تهيئة الاجواء للحوار وايقاف الحرب واتاحة الحريات مع تأكيده على عدم رفض مبدأ الحوار. لكن الواقع بدأ مختلفاً وعلى غير مايدور على ألسُن قادة الحزب الحاكم وتأكيدهم على احقية الجميع في العمل السياسي الحر، وسيناريوهات نقيضة لخطاب الحزب الحاكم في السودان اتضحت في ساحة ميدان الرابطة بشمبات- ليل أمس – الذى شهد طوقاً امنياً غير مسبوقاً لمنع قيام الندوة المعلنة وبالتالى تأكيد حقيقة واحدة للمئات الذين توافدوا في وقت مبكر الى ساحة الميدان بأن النشاط المعلن لن يقوم وبالتالى ليس كل ما يقال في اجهزة الاعلام يتم السماح له بالنزول الى الميادين والسوح العامة. وذهبت الاجهزة الأمنية لأبعد من ذلك بتطويقها لدار حزب المؤتمر السوداني الذي اضطر تحالف المعارضة لنقل فعاليته به، بعد منعها بميدان الرابطة ، وقبل بداية مخاطبة التجمع من قادة تحالف المعارضة، وما ان علا هتاف الحاضرين وهمّ بعضهم في الخروج الى الشارع انهمرت عليهم عبوات الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وطاردت سيارات مكشوفة بلوحات مدنية متظاهرين داخل الاحياء القريبة من مكان الندوة. القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، الشفيع خضر، رأى ان ما حدث بميدان شمبات ودار حزب المؤتمر السوداني امس، يؤكد ما ذهب اليه تحالف المعارضة بعدم جدية النظام في دعوته للحوار، وقال ان ما تم يزيد الشكوك لشراء الزمن والقيام بتكتيكات تصل بالحزب الحاكم الى الانتخابات المقررة في العام 2015. ويقول خضر ل(الطريق)، " تأكدنا علي خلفية ما حدث أمس بأن اي حل سياسي لابد ان يتم في مناخ ديمقراطي حقيقي". وأوضح ان المواجهة العنيفة لتجمع سلمي – وهو حق مكفول بالدستور- يتنافى مع ما يتحدث عنه الحزب الحاكم، وقال "لا يعقل ان يطلب الوطني الحوار ويكمم الأفواه بالقوة في نفس الوقت". ويقول الشفيع ان المعارضة السودانية تمضي بثبات لمنع الحريق الذي يتشبث بالبلاد، بعيداً عن تحويل الموضوع الى ابتسامات لفرقاء الاسلاميين او اي حزب يصارع لاجل حقيبة وزارية. وقال "البلاد ما عادت تحتمل..وعلى القوى المطالبة بالديمقراطية الاتحاد وتنظيم الصفوف". من جهته، يرى نائب رئيس الحركة الاتحادية، ابو الحسن فرح، ان المعارضة تمكنت من اختبار له ما بعده في المطروح هذه الايام من حوار مع الحزب الحاكم، وارسلت بموقفها بالأمس واصراراها علي قيام ندوتها رسالة شديدة اللهجة لمن ارتضوا الحوار بدون شروط مع الحزب الحاكم. والواقع انه يُفهم الكثير مما حدث بالامس – بحسب فرح- بحيث ان مجريات الامور خلال الايام الفائته يُقرأ منها مضي النظام الحاكم لِلم شمله مع الترابي وتقاسم ما تبقى مع المهدي والميرغني، وبهؤلاء يمكن ان يحكم السودان. ويقول ابو الحسن، أن الرسالة التي ودّ الحزب الحاكم في السودان ارسالها للمعارضة، تصب في مصلحة الاخيرة وبدأت مطمئنة لأحزاب المعارضة التى كان مُهماً لها في وقت مبكر فرز الكيمان، فابتسامات الوطني والشعبي مردها طيب ومريح لدى احزاب المعارضة التى تقرأ بشكل جيد الأمور بحيث ان هذا التقارب يعني وحدة الاسلاميين وبالتالي مزيد من العزلة الدولية وهذا ما بدأ في التحقق بالفعل فدول الخليج قالت كلمتها مجتمعة، والموقف القطرى من حكومة السودان اصبح مرتبكا ومشتتا.