قام جهاز الأمن بولاية الجزيرة مدينة ودمدنى يوم الخميس 27 اكتوبر وفى تمام الساعة الثالثة ظهرا باعتقال التيم العامل فى برنامج المسح السلوكي الحيوي وسط الفئات الأكثر عرضة للإصابة بمرض الإيدز، التابع لبرنامج مكافحة الايدز والذى تشرف عليه جامعة الجزيرة مركز الرعاية الصحية الاولية، وهم : أميرة ضرار، باحثة نفسية، برنامج الإيدز ، نسايم مبارك، باحثة اجتماعية، برنامج الإيدز ، أميمة، ضابطة إحصاء، وزارة الصحة ، أمير الزين، منسق برنامج الإيدز محلية ودمدنى ، هاجر مختار، باحثة نفسية، مستشفى ودمدنى و السر محمد، فني معمل، مستشفى ودمدنى . هذا وقد داهمت قوات جهاز الأمن المبنى المعد والمخصص للدراسة بحى المطار بمدني، وقامت بمصادرة كل البيانات والمعلومات وأدوات المعمل الخاصة بالمسح التى تم حصرها ورصدها من قبل التيم العامل فى الدراسة، وقد تم اطلاق سراحهم بعد ان تدخل مدير عام وزارة الصحة مؤمّنا على إيقاف المسح. علما بأن هذا المسح يعد من أعمدة التخطيط الاستراتيجى لوزارة الصحة ممثلة فى إدارة الطب الوقائى وبرنامج مكافحة الايدز لمعرفة حجم الاصابة وسط هذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة بمرض الإيدز ومن أجل التدخل للحد من انتشاره، ويقتضي ذلك إجراء مسح دقيق لمعرفة الوضع والتخطيط بالتالي لإستراتيجية المكافحة، وهو –أي المسح- مطالب به كذلك من قبل شركاء الوزارة المتمثلين في 19 شريكا يشملون منظمات دولية ومحلية عاملة فى مجال الايدز، وقد بدأت وزارة الصحة المسح وتم تنفيذه فعليا فى عدد ثلاث ولايات هى البحر الاحمر وكسلا والنيل الازرق، ومن ثم ولاية الجزيرة التى لم يكتمل فيها المسح بسبب تدخل جهاز الأمن. ويرى جهاز الأمن بأن هذا المسح يزيد من حجم الظاهرة وأنه لا داعى له لأنه يتعارض مع المشروع الحضارى وأن الطريقة التى يجرى بها البحث للمسح السلوكى هى (تفكير خواجات) ويمكن لأى شيخ أن يقوم بدور الواعظ والإرشاد لهذه الفئات المعرضة لخطر الإصابة بهذا المرض دون (نشرالغسيل). الجدير بالذكر أن التخطيط للمسح تم عبر علماء ومختصين في الطب وعلوم الاجتماع والنفس، وتم تدريبهم بالخارج والداخل وقاموا بتدريب كل العاملين من أطباء وباحثين وبمشاركة جامعة الجزيرة التى قامت بالتدريب والإشراف على البحث من قبل مركز الرعاية الصحية الأولية وجرى التنفيذ من قبل برنامج مكافحة الايدز بالولايات، وتم الاعداد لهذا المسح بدراسة علمية ومنهجية واضحة وتم اشراك كل الجهات ذات الصلة فى هذا المسح بمن فيهم المدير العام لجهاز الأمن، وهو عضو بلجنة المسح، وقد تم إخطار كل الوحدات الشرطية والأمنية بهذا المسح من أجل القضاء على فيروس ومرض الايدز وسط هذه الفئات الأكثر عرضة. وكانت صحيفة الإيكونومست البريطانية نشرت قبل عامين، في عدد يوليو 2009م أن الإيدز تحول إلى وباء في السودان، وقالت الصحيفة إن واحدةً من أهم المشكلات التى يواجهها السودان، بجانب القضايا الدموية الأخرى المتمثلة فى حرب دارفور، هى انتشار مرض الإيدز. وقالت الصحيفة إنه من الصعب ذكر أرقام موثوق بها حول عدد المصابين بالمرض فى السودان، ورغم ذلك فإن هناك أبحاثا أجريت لتأكد أسوأ المخاوف من انتشار فيروس “إتش أى فى" المسبب لمرض الإيدز فى السودان. وكانت آخر دراسة هامة أجريت فى هذا الشأن في عام 2003، وكشفت عن أن نسبة الإصابة بالمرض تقدر ب1.6%، إلا أن الخبراء يشيرون على أن هذه النسبة وصلت إلى 3% حينها، أي قبل عامين، على العكس من مصر المجاورة للسودان التى لا تتجاوز النسبة قيها 0.1% ومن المعروف أن منظمة الصحة العالمية تعتبر تخطى نسبة 1% بمثابة وباء. ففى عام 2007، توفى 31600 شخص من مرض الإيدز فى المنطقة العربية، 80% منهم فى السودان، وكان معدل الإصابة في السودان أقل مقارنة ببعض الدول الأفريقية، لكن فيروس “إتش أى فى" قد ينتشر فجأة ويصبح خارج السيطرة ، ويشعر الأطباء بالقلق من وجود العوامل التى تساعد على انتشار المرض، منها ارتفاع نسبة الأمراض التى تنتقل عبر الاتصال الجنسى، وذلك بسبب الفقر والهجرة الداخلية إلى جانب التهجير الذى يتم بسبب الحرب. ويقول الخبراء إن الوضع الوبائي لمرض الإيدز في السودان يشبه إلى حد كبير الوضع الوبائي للدول الأفريقية أو على الأقل يشبه الوضع الوبائي لما كانت عليه تلك الدول في مرحلة من مراحل تطور الوباء فيها خلال العقد الماضي، ويعزى ذلك لعدة عوامل من أهمها: أن السودان يجاور ما يعرف ب(حزام الإيدز الأفريقي)، كما يؤكدون أن إخفاء المرض والمسارعة لإعلان الدول خلوها منه، ساعد على زيادة انتشار المرض لعدم تبني برامج للمكافحة في تلك الدول. وكان الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة لمكافحة الايدز بالسودان محمد علي بويان كشف في مايو الماضي عن وجود فجوة معلوماتية عن فيروس (HIV) في السودان رغم جهود الحكومة والبرناج القومي لمكافحة الايدز. وتتمثل إستراتيجيات محاربة الإيدز في التوعية به وحث الشرائح المعرضة للوقاية منه إضافة للتوعية التي تشمل كل المجتمع واستحداث مناهج تربوية توعوية، ويذكر أن منهج التربية الخاص بذلك قوبل بهجوم عنيف العام الماضي من قبل هيئة علماء السودان وذلك بمنطق شبيه لمنطق جهاز الأمن معتبرا التثقيف بالمرض إباحيا. ويعد تدخل أجهزة الأمن لوقف هذا المجهود العلمي ولأجل وقاية جيل من الشباب هم معرضون للإصابة بهذا المرض، حماية كبرى للإيدز ومساعدة على انتشاره فهي بمثابة استخدام الفيتو الأمني لحماية مرض الإيدز في السودان.