تواجه بعثة الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة لعمليات حفظ السلام باقليم درافور المضطرب غربي السودان، إنتقادات وإتهامات متصلة بفشلها في حماية المدنيين والتستر على الجرائم التى ترتكبها القوات الحكومية مدعومة بمليشيات موالية لها وجرائم ترتكبها مجموعات أخرى. وأنشئت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة لعمليات السلام في دارفور رسمياً من قبل مجلس الأمن في 31 يوليو 2007 بعد تبنيه القرار (1769)تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وتعرف البعثة اختصاراً ب "يوناميد". تسلمت "اليوناميد" مقاليد الأمور من "أميس" رسمياً في 31 ديسمبر 2007، ويجدد تفويض ولاية البعثة سنوياً، وقد تمّ تجديده حتى 31 أغسطس 2014 بعد تبني مجلس الأمن القرار (2113) في 30 يوليو 2013. وتقول المتحدثة السابقة بأسم اليوناميد عائشة البصري "من العدل أن نقول أن قوات حفظ السلام قد فشلت بشكل كبير في حماية المدنيين في دارفور"، واتهمت عائشة في لقاء مع مجلة فورين بوليسي الامريكية المتخصصه فى الشئون الاستخبارية والعسكرية، حفظة السلام فى الاقليم بالتستر والتغطية على الجرائم التى ترتكبها القوات الحكومية مدعومة بمليشيات موالية لها فى الاقليم فضلا عن غض النظر عن الإنتهاكات المرتكبة بواسطة اطراف اخرى ذات صلة بالصراع وعدم رغبة المهمة في مخاطبة الخرطوم لوقف إنتهاكاتها الممنهجة ضد المدنيين. وكشفت مجلة فورين بوليسي الامريكية في تقرير لها يتعلق بمهمة قوات حفظ السلام عن أكبر عملية تسريب لمعلومات تخص احدي بعثات الأممالمتحدة قبل إكمال مهمتها وشملت الوثائق التي أعتمدت عليها المجلة مكاتبات ووثائق سرية تضم آلاف الصفحات من مراسلات الايميل وتقارير الشرطة وتحقيقات داخلية ، إضافة للمراسلات الدبلوماسية الخاصة بالصراع في اقليم دارفور. وأفادت المجلة أن المتحدثة السابقة باسم اليوناميد عائشة البصري قد زودتهم بوثائق ترى أنها تدعم وجهة نظرها القائلة بفشل مهمة حفظ السلام ، وعدم رغبة المهمة في مخاطبة الخرطوم لوقف انتهاكاتها الممنهجة ضد المدنيين وتغطي الوثائق المسربة الفترة من 2012 الى نهاية 2013 ونبهت البصيري في تعليق لها لفورين بوليسي الى صمت البعثة عن كشف الحقائق وتحميل مسؤولية الانتهاكات صراحة لمرتكبيها، وأستدلت بعدم توثيق تقارير البعثة والاممالمتحدة (191) غارة جوية على مناطق مدنية بدارفور خلال عامى 2012 و 2013 وقالت ان ذلك دفعها لتقديم استقالتها من المنصب الاممى الرفيع ، ووصفت تقارير الامين العام للامم المتحدة بالكاذبة. وهاجمت البصيرى مجلس الأمن الدولي والاتحاد الافريقي، وأشارت الى المجلس كان على علم مسبق بحتمية فشل بعثة اليوناميد قبل ان تشير الى رضوخ مجلس الامن والاتحاد الافريقى لشروط الحكومة السودانية رغم علمهما بمسؤولية الحكومة والمليشيات الموالية لها عن عمليات قصف القرى الممنهجة وتشريد المدنيين. ونبهت البصرى الى أن الأتفاقية الموقعة بين اليوناميد والحكومة السودانية تشير الى مسؤولية الأخيرة عن تأمين البعثة الدولية وتسائلت " كيف لبعثة تأتي تحت حماية الحكومة ان تحمي نفسها وتحمي في نفس الوقت أهل دارفور من الحكومة" وكشفت عن تعرض البعثة لهجمات عدائية وتحرشات متكررة من طرف الحكومة مشددة على عدم مقدرة البعثة على حماية مليونى نازح بالاقليم. وطالت إتهامات البصيرى صراحة الأممالمتحدة وأمينها العام وإدارة حفظ السلام وبعض وكالات الاممالمتحدة العاملة في السودان ورؤساء بعثة اليوناميد بالتستر على الجرائم والانتهاكات منذ بدء المهة في دارفور. واستشهدت بما اعلنه رئيس بعثة اليوناميد الاسبق ، ردولف ادادا ، من ان الحرب انتهت في دارفور، في وقت لاتزال المعارك مشتعلة في الاقليم، وأشارت الى تبني خلفه ابراهيم قمبارى لنفس التوصيف وزاد عليه بأن الاوضاع قد تحسنت وأن اهل دارفور يريدون التنمية والاموال، وان السلام في الطريق لدارفور، مشيرة الى ان كل تلك التصريحات كانت كاذبة ولا تعكس الواقع الحقيقي في الميدان بدارفور، وأوضحت ان البعثة تتحاشى حتى ذكر تقارير عن الهجمات التى تتعرض لها خوفاً من إقدام الحكومة على طردها. وحذرت من أن دارفور لم تعد تمثل اولوية ملحة لمجلس الامن. وبحسب مجلة فورين بوليسي الامريكية فأن مسؤولين في الاتحاد الافريقي اقروا بأن فشل البعثة لا يمكن علاجه ، ولكن القيادة السياسية في العواصم الافريقية ومجلس الأمن الدولي لا يودون انهاء البعثة في ظل استمرار مسلسل العنف في اقليم دارفور، وقالت المجلة ان الموقف الامريكي لا يدعم خطوة انهاء مهمة القوات رغم فشلها، حيث صرح المبعوث الخاص السابق للرئيس أوباما بعدم عملية انهاء مهمة حفظ السلام في دارفور. وأعتبر ان مشاكل السودان لا يمكن حلها بواسطة بعثة سلام تابعة للامم المتحدة، وقال "اذا سحبنا اليوناميد من دارفور فسوف لن تكون هناك اي حماية للنازحين في معسكراتهم وليست هنالك اي منظور إن كانوا سيتلقون اي معونات غذائية". ويُجمل الخبير العسكري عبد الرحمن أرباب، في حديث ل(الطريق) أسباب فشل البعثة في حماية المدنيين لجهة ان القوات المكونة للبعثة معظمها من دول لا تهتم بالتدريب والجاهزية للقوات، وبالتالي هي اقل مستوي من القوات الدولية التي تنشر في العادة لتامين حياة المدنيين في المناطق المضطربة. هذا الى جانب غياب الإحترافية والتي أعتبرها الارباب مؤشراً خطيراً يمكن من خلاله فتح ابواب للتواطو مع طرفي الصراع.اضافة الى عدم وجود رقابة دولية علي البعثة تحاسبها في حالة التقصير. وأعتبر أرباب ان البعثة أصبحت تشكل عبئاً اضافياً على القوات المسلحة السودانية وفاقمت من أزمة دارفور. إلا أن الكاتب والمحلل السياسيى المهتم بشأن دارفور، عبد الله ادم خاطر، يقول ان البعثة تعمل في ظل ظروف معقدة، واعتبر الاتهامات الموجهة للبعثة غير صحيحة ولم تراع الاوضاع الأكثر تعقيدا على مستوي الارض في دارفور. وقال خاطر ل(الطريق)، "انصافاً لليوناميد فانها بذلت مجهودات في سبيل تحقيق السلام وتقديم الخدمات للمواطنين عبر نقل كافة الاطراف الي منابر السلام في الدوحة وغير الدوحة ونشطت في تفعيل الحوار مع الاطراف الدارفورية الحاملة للسلاح في جوبا وتنزانيا ومناطق اخرى". ورفض خاطر الإتهامات الموجهة للبعثة بالتباطؤ مع الحكومة، متهما الأخيرة بعدم رضاها عن عمل البعثة وايهام المجتمع الدولي بأن المشكلة في دارفور مجرد نزاع قبلي. وقال خاطر " البعثة تعاني من نقص حاد فنياً واقتصادياً.. واخفاقها تتحمله الحكومة التي رفضت دخول قوات دولية لدارفور الا اذا كانت افريقية او اسيوية" واضاف "ان قوات البعثة من دول تفتقر للتاهيل والتدريب لكنه اشار الى انها تحاول بالامكانات المتوفرة حماية حياة المدنيين.