فُجعت الحركة الحقوقية في السودان برحيل المدافع البارز عن حقوق الإنسان، عثمان حميدة، عصر الخميس، بمستشفي صننغ هيل، في مدينة جوهانسبيرج، بجنوب أفريقيا، عن (52) عاماً، أفني معظمها مدافعاً صلباً عن حقوق الإنسان، ومناضلاً مبدئياً في سبيل العدالة والسلام والحريات والكرامة الإنسانية. وعثمان حميدة، هو مؤسس ومدير المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، وهي منظمة دولية تعمل علي تعزيز وحماية حقوق الإنسان في السودان، ومقرها في لندن ونيويورك. وقال المركز في بيان ينعي فيه مؤسسه ومديره، ليل الخميس، " أذ نعبر عن بالغ حزننا لفقده الكبير ، وتعازينا لأسرته و أصدقائه في جميع أنحاء العالم ، سيظل مكانه شاغراً بيننا ، و سيظل ملهم لنا في طريق الكفاح من أجل رفعة حقوق الإنسان ، العدالة والسلام ". وشارك عثمان حميدة، في وقت سابق، في تأسيس المنظمة السودانية لضحايا التعذيب – التي ساهمت بفعاليّة في كشف انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، بداية ومنتصف التسعينات – وترأسها لفترة، قبل أن يستقيل منها ، ويساهم في تأسيس مركز الخرطوم لحقوق الانسان وتنمية البيئة، الذي أغلقته الحكومة السودانية في مارس 2009م ضمن سلسلة من الهجمات علي منظمات حقوقية محلية ودولية عاملة بالسودان بحجة تمرير معلومات ووثائق للمحكمة الجنائية الدولية أدت لإصدار أمر قبض علي الرئيس السوداني وعدد من معاونيه. وعاني عثمان حميدة من الاعتقال والتشريد بسبب مواقفه الحقوقية والسياسية، واعتقل مرات عديدة، مطلع ومنتصف التسعينات، قبل أن يُغادر السودان ويستقر في بريطانيا، التي منحته جنسيتها بعد أن طاردته حكومة بلاده. عاد عثمان للسودان في العام 2008م، وتم اعتقاله فور وصوله، بحجة التعاون وتمرير معلومات للمحكمة الجنائية الدولية بشأن النزاع في دارفور، وتعرض للتعذيب والمعاملة القاسية في بيوت الأشباح – المقار السريّة التي يستخدمها جهاز الأمن السوداني للاحتجاز والتعذيب – وغادر السودان بعد الافراج عنه، للمرة الأخيرة. وفي العام 2009م، تقدم عثمان وثلاثة من زملائه المدافعين عن حقوق الإنسان في السودان بدعوى قانونية الى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في بانجول بغامبيا، مطالبين فيها بإلانتصاف لحقوقهم جراء إعتقالهم وإستجوابهم وتعذيبهم من قبل جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وقبلت اللجنة دعوتهم. وشارك عثمان حميدة في العديد من المهمات والبعثات الحقوقية الدولية ، منها بعثة تحقيق وتقصي تابعة للمحكمة الجنائية الدولية حول اتهامات ومزاعم ضد قائد جيش الرب، جوزيف كوني، بارتكاب جرائم ضد المدنيين في شمال اوغندا. كما شارك في بعثة دولية لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان في تشاد، ضمن الفدرالية الدولية لحقوق الانسان. وكرس عثمان حميدة جل وقته وحياته لقضية دارفور، وساهم بفعالية وهمّة في تسليط الضوء علي قضية دارفور، وتشكيل الرأي العام العالمي الحقوقي والسياسي والإعلامي حول القضية، وكان من أبرز الأصوات السودانية في المحافل الحقوقية الدولية. عمل عثمان مستشاراً للعديد من المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة ، كمنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والفدرالية الدولية لحقوق الانسان. تتقدم اسرة صحيفة (شبكة سودانيات ) بأحر التعازي لأسرته ورفاق دربه وللشعب السوداني عامة في هذا الفقد الكبير.