الحكومة السودانية توقف تصدير نفط دولة الجنوب لم يستغرب كثير من المراقبين قرار السودان المفاجئ تعليق نقل بترول جمهورية جنوب السودان عبر أنابيب النقل السودانية، ورجحوا أن تكون دوافعه سياسية تتصل بالمساعدات التي تقدمها جوبا لحركات التمرد في السودان، وذلك بخلاف ما ذكرته الخرطوم. وذكر بعض من تحدثوا إلى الجزيرة نت، أنه يبدو أن نقل حكومة جنوب السودان لرئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم من دارفور إلى جوبا مؤخرا للقاء قادة متمردين آخرين في كل من النيل الأزرق وجبال النوبة، بجانب دعمها لمجموعات أخرى ترى الخرطوم عدم التعامل معها، هو ما أغضب الخرطوم ودفعها إلى اتخاذ قرارها المفاجئ. واعتبر الكاتب والمحلل إبراهيم دقش أن قرار الخرطوم تعبير ورفض لما تقوم به جوبا من أعمال عدائية، لكنه أشار إلى عدم مراعاة القرار لأشياء مهمة تؤثر على "جانبي المعادلة". وقال إن الموقف الجنوبي "أجبر الخرطوم على التقدم خطوة بتهديد مباشر لمصالحها العليا"، ودعا إلى معالجة كافة القضايا العالقة بنوع من الحكمة. أما الباحث في مجال النزاعات سليمان آدم الدبيلو فرأى أن خطوة الخرطوم "جاءت استباقية لاتجاه جوبا لإنشاء خطوط جديدة عبر كينيا وربما أريتيريا لتصدير بترولها"، كما أشار إلى اتجاه الحكومة السودانية لمعاقبة جوبا على رعايتها للمتمردين الشماليين بجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وقال -للجزيرة نت- إن الخرطوم تملك عددا من كروت الضغط التي يمكن استخدامها في مواجهة حكومة جنوب السودان، مشيرا إلى أن قرار تعليق التعاون بشأن البترول "ربما يكون تحريكا للأمور أكثر من كونه تعليقا ثابتا". واستبعد مصدر رفض الإفصاح عن اسمه عدم قدرة الخرطوم على المواصلة في منع تدفق البترول عبر خطوط أنابيبها، وطالب الحكومتين في جوباوالخرطوم بإيجاد حل حقيقي للمشكلة دون النظر إلى ما أسماه بالخلافات السياسية، قائلا "إن تكلفة إنشاء خطوط جديدة للجنوب ليست بالعملية الممكنة، كما إنه ليس من مصلحة الحكومة السودانية تجفيف خط أنابيبها". وعلى غير عادتها، لم تتدرج الخرطوم في خطواتها نحو وقف ضخ النفط الجنوبي بعدما فشلت -حسب ما قالت- في تحصيل قيمة شهرين كاملين من عائدات خطوطها وموانئها وأراضيها. وكانت الخرطوم قد هددت باستخلاص مستحقاتها من نفط الجنوب دون انتظار التوصل لاتفاق، متحفظة على الطرق التي يمكن بها تنفيذ ذلك. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية للصحفيين إن وفد الحكومة أبلغ الوسيط الإفريقي ثابو مبيكي أن السودان لن يستطيع الانتظار إلى ما لا نهاية. وفي المقابل لم تجد جوبا غير استنكار الخطوة واعتبارها غضبا يمكن التعامل معه، مما يشير إلى أن بعض القضايا الحساسة بين الطرفين بحاجة إلى وسطاء جدد يقربون وجهات النظر حولها.