تحقيق: صديقة بخيت: منظمة: نحتاج لمعايير واضحة لوجود الأجانب وليس الاستغناء عنهم محلل سياسي: لابد من تغيير عقلية المخطط أو صاحب القرار السوداني خبراء: لابد من وضع قانون منفصل للأجانب وتحديد حاجة البلاد لهم تدفق الأجانب إلى السودان بطر ق شرعية وغير شرعية أوجد الكثير من المشكلات المعقدة باعتبار ما يمكن أن ينشأ عن ذلك في وطن غير وطنهم وما يترتب من آثار اجتماعية وثقافية، وبعد أن لامس هذا الوجود الحياة السودانية في العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ حتى أصبح ملف الأجانب في السودان من ضمن الملفات التي أجبرت المسؤولين للنظر فيها وتكريس الجهود لإيجاد الحلول لها بعد أن استفحلت الظاهرة وأصبحت تمثل هاجساً لدى السلطات والمجتمع من حيث التأثير والتأثر، لما تحمله من مخاطر من المتوقع أن تغير الخارطة المجتمعية للبلاد بعد التغيرات الاقتصادية، كل تلك التداخلات تنذر بميلاد جيل جديد يفتقد لمورث وطني حال استمرار تدفق الأجانب؛ الأمر الذي استوجب دق ناقوس الخطر. مخاوف ومخاطر!! ارتباط الكثير من المشكلات والأزمات التي مرت بها الدولة، وظهور نوع جديد من الجريمة بوجود الأجانب في السودان، جعل المسؤولين يتخوفون من خطورة الوضع، وجعل ضبط وجودهم إن لم يكن الحد منه ضرورة لا تقبل التأجيل، حيث نبه جهاز الأمن والمخابرات في إحدى الورش بالبرلمان عن خطورة الوضع، خاصة في ظل عدم وجود تشريعات يتم بموجبها ضبط الوجود الأجنبي والحد من إخطاره على الأمن القومي للبلاد، حيث صلاح عبدالله قوش لابد من الاتفاق على رؤية كلية لحماية مقدرات الأمة، خاصة وأن السودان يمر بمرحلة مخاض يتشكل فيها مستقبله السياسي، فالوجود الأجنبي في السودان أصبح كبيرا جدا حيث وصل عدد الشركات الأجنبية المسجلة إلى حوالي 950شركة يعمل فيها 13 ألفا و150 أجنبيا، كما بلغ عدد الذين منحوا جنسية سودانية حتى 2006م 42 ألفا و 212 وعدد الطلاب الأجانب بلغ 13 ألف طالب، بالإضافة إلى وجود عدد من اللاجئين بالمعسكرات يبلغ تعدادهم112 ألفاً و15 لاجئاً بينما يوجد 676 لاجئاً خارج المعسكرات وتلك الشريحة غير المحصورة تشكل خطرا حقيقيا، بالإضافة إلى ذلك نجد أن ميزانية المنظمات تبلغ ملياراً و 880 مليون دولار في العام وتمتلك 5 آلاف و 805 أجهزة اتصال منها 1850 جهاز HF للاتصال بعيد المدى و1352 جهاز HF متوسط المدى يستخدم للاتصال بين الأقاليم و 63 جهاز V.sat لنقل الصورة والصوت و12 جهاز ربيتر لتقوية الاتصال كما تمتلك 794 جهاز ثريا. ويضيف قوش: أضرار الوجود الأجنبي لا تتوقف عند البعد السياسي والتدخل في الشأن السياسي للبلاد لنجدها تتمثل في انتشار الرذيلة والخمور وخروج العمالة السودانية من السوق إلى جانب نقل معلومات اقتصادية عن ثروات السودان وارتفاع أسعار العقارات وغيرها، لذلك ندعو لوضع تشريعات نستطيع من خلالها ضبط الوجود الأجنبي والحد من مخاطره وليس الانغلاق أو التضييق. أما وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد فيجد أنه من المهم تضافر الجهود الشعبية والرسمية لمواجهة مخاطر الوجود الأجنبي في البلاد، خاصة وأن السودان مواجهة بأنواع مختلفة من الوجود الأجنبي العسكري والاقتصادي، بالإضافة إلى عدد كبير من المنظمات الإنسانية العاملة في المجال الإنساني بدارفور بآليات مختلفة، مضيفا: التطورات الاقتصادية ووجود البترول والطاقة الحيوية والزراعية في السودان يتطلب وقفة لتضافر الجهود، فالوجود الأجنبي في السودان واقع لابد من التعامل معه ومناقشة أبعاده يعتبر صافرة إنذار أولى للتنبيه إلى المخاطر المحدقة بالبلاد وضرورة وضع المعالجات لها للحد من الظاهرة. تدفق مستمر التدفق المستمر للاجئين في السودان رسم واقعا جديدا في خارطة البلاد السكانية والموارد وبات من اكبر المشكلات التي تواجه الحكومة، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أن عدد اللاجئين في السودان بلغ (723.794) ألفا ويمثل اللاجئون الكنغوليون الذين فروا من الحرب والنزاعات (5)آلاف لاجي ثم ارتفع عددهم إلى (9) آلاف لاجئ عاد معظمهم إلى بلادهم طوعاً بعد استقرار الأوضاع فيها ليبقى (200) لاجئ كنغولي حسب الإحصائيات،أما اللاجئون الأثيوبيون والاريتريون ازدادت أعدادهم بعد أن اشتد الصراع السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية ليرتفع عدد اللاجئين الأثيوبيين والاريتريين إلى (830) ألف لاجئ بقى منهم وفق إحصائية 2007م (97.415)ألف لاجئ أثيوبي و(435.429)ألف لاجئ اريتري،أما اللاجئون اليوغنديون فقد بدأ تدفقهم إلى البلاد عام 1972م وارتفعت أعدادهم من (160) ألف لاجئ عام 1978م إلى (250) ألف لاجئ عام 1985م، ومن ثم رجعت أعداد كبيرة منهم بالعودة الطوعية بعد تحسن الأحوال في بلادهم وبقى (6) آلاف لاجئ،كما أفرزت الصراعات السياسية في تشاد عام 1981م (22) ألف لاجئ فروا إلى السودان، حيث تؤكد تقارير معتمدية اللاجئين ضعف العودة الطوعية للاجئين التشاديين والبالغ عددهم اليوم (712.250)ألف لاجئ، بالإضافة إلى ذلك وجود مجموعات كبيرة من المصرين والأتراك والهنود والبغلاديش والصينيين دخل بعض منهم إلى السودان بطرق شرعية وآخرون دخلوا بطرق غير شرعية وعملوا في كافة المجالات، ليبقى السودان من ضمن الدول المستقبلة للأجانب بأعداد كبيرة،الكثير منهم سيطر علي سوق العمل، قليل منهم عمل في القطاع العام والآخر تسلم زمام الأمور في بعض القطاعات الخاصة وباتت من أهم المستثمرين في البلاد. عقلية المخطط.. المحلل السياسي د/محمود الشعراني يقول في إفادته ل(الأخبار) إن الوجود الأجنبي هو نتاج طبيعي للسياسات الخاطئة وغير المدروسة التي تتبعها الحكومة وهذا بدوره أدى إلى خلق حكومات مصغرة من البعثات، أو الجاليات الأجنبية داخل دول العالم الثالث، لذلك لا يمكننا إلقاء اللوم علي الأجانب لأنهم يعملون لمصالحهم التي يطغي عليها الجانب المادي أكثر من أي شيء آخر، فأتاحت الفرص من قبل دول العالم الثالث جعل الفرصة مناسبة لخلق أنظمة عميقة الجذور والسودان من ضمن تلك الدول التي أتاحت الفرصة لأجانب، وقد تكون أكثر الدول الإفريقية التي مكنت الأجانب بفتح فرص الاستثمار الخاصة والعامة، تداخل الأوراق بين المصالح الشخصية لأفراد بالحكومة والأهم والأكبر ربح خاص لأصحاب القرار، بالإضافة إلى ذلك عدم مراعاة مصالح عامة الشعب فتح الباب للأجانب ومنحهم المجال للسيطرة على بعض المجالات، وهذا بدوره أثر في المجتمع بجميع المجالات خاصة المجال الاقتصادي، وظهر هذا في سوق العمل لنجد العمالة الأجنبية باتت هي المسيطر؛ مما رفع من نسب البطالة ومستوى الجريمة وتدهور الاقتصاد والنسيج الاجتماعي، والحديث عن ضبط الوجود الأجنبي في السودان خطوة يمكن أن نسميها اعترافا بالسياسات الخاطئة أو تصحيح أوضاع ولكن بعد فوات الأوان، فجميع السياسات الخرقاء غير المسؤولة بسب الضغط الأخلاقي للمصلحة الخاصة وترجيحها على العامة والذي أدى إلى تدهور مجال التعليم والصحة وسياسيات السوق والمجتمع لا يمكن أن يغفره الشعب بمجرد تصحيح قرارات هدمت الكثير، لذلك وضبط الوجود الأجنبي لا يمكن أن يصلح الوضع إنما تغير عقلية المخطط السوداني أو صاحب القرار حتى نتفادى الأزمات الناتجة من القرارات الخاطئة، بالإضافة إلى استخدام إستراتيجية "الوقاية خير من العلاج" المتبعة في كل دول العالم. شروط محددة استدراك الدولة لمخاطر الوجود الأجنبي وانفجار الكثير من الأزمات نتيجة لتدخلهم في بعض القضايا جعل الحكومة تتخوف من ذاك الانتشار الكثيف للأجانب خاصة في مناطق النزاعات، هكذا ابتدرت هدى النعيم من منظمة حديثها، حيث قالت إن المنظمات الأجنبية في السودان برغم الكثير من الجوانب المضيئة التي تقدمها والمساعدات، إلا أن لها دور في تأزم بعض القضايا، وبعيدا عن التدخل في سياسات الدولة نجد الوجود الأجنبي في السودان بات من أقوى المهددات الاجتماعية التي ساهمت في انتشار أنواع مختلفة من أشكال التغيرات الاجتماعية التي لا تتواكب مع طبيعة أفراد المجتمع، فهناك ترهل اجتماعي واضح بالسودان، خاصة في المناطق التي تتواجد بها المنظمات الأجنبية بكثرة، واعتقد أن هذا ما دفع الدولة لتحجيم دور المنظمات الأجنبية من خلال مشروع سودنة العمل الطوعي في السودان وتحفيز العمل الطوعي الوطني لتخفيف الدور الذي تلعبه المنظمات الاجنبية التي بلغ نسبة تواجدها تقريبا 10%، لكن اعتقد أن ما نحتاجه هو وجود معايير وشروط محددة لانتشار الأجانب في السودان حتى نستطيع الحد من كمية المخاطر التي تأتي من وجودهم بكثرة، حيث نجد أن حجم العاملين الأجانب في المؤسسات الدولية وحتى القومية كبير جدا؛ لذلك نحتاج إلى أسس في التعامل معهم. وتضيف هدى: الأجانب في المجتمعات العربية يكون لهم تأثير سلبي واضح، لكن في المقابل يدعم البلد من نواحي عدة؛ لذلك نجد أن الاستغناء عن تواجدهم قد يكون خصما علينا، فنحن مازلنا نحتاج لخبراتهم حتى نستطع الارتقاء بمجتمعنا؛ لذلك وجودهم ضرورة تستوجب الحذر وليس الإلغاء.