تقرير.. حسن بركية تتعرض المرأة السودانية لأشكال متعددة من التمييز وتهدر حقوقها تحت مظلة العادات والتقاليد والعرق والدين وحتي القوانيين التي جسدت في بعض نصوصها تمييزاً صريحاً ضد المرأة ، ويعرف التمييز بأنه التفرقة أو الا نتقائية أو المعاملة المختلفة أو التجاهل أو الاستبعاد علي أساس العرق أو اللون أو الجنس...الخ هذا عن التمييز بشكل عام أما التمييز ضد المرأة فهو يأخذ أشكال متعددة ومتنوعة ورغم العديد من التشريعات والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلي القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة لازالت المرأة السودانية تتعرض لكل أشكال التمييز من قانون الأحوال الشخصية وسن الزواج وغيرها. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في 7-11-1967م القرار رقم2263(د-22) ونص القرار علي أن التمييز ضد المرأة بانكاره أو تقييد تساويها في الحقوق مع الرجل يمثل إجحافاً أساسياً ويكون إهانة للكرامة الإنسانية. وفي ظل وجود سلطة سياسية تتدثر برداء من الدين ومع مجتمع يعاني من إختلالات عديدة وتفشي الأمية والفقر تجد المرأة السودانية في وضع غاية في الصعوبة والتعقيد وتدعم الكثير من الأمثال الشعبية السودانية الصورة النمطية الشائهة للمرأة في المجتمع السوداني علي سبيل المثال هناك مثل شعبي يقول ( ثلاثة ماترفع منهم العصا.. النقارة والمرة والحمارة) وهكذا يلقي الواقع السوداني المعقد بظلال سالبة علي المرأة السودانية وتهدرحقوقها تحت ستار من الدين والقانون وتجد المجموعات والمنظمات التي تعمل إطار الدفاع عن حقوق المرأة عنتاً شديداً في العمل من أجل مناصرة قضايا المرأة. ومنذ فترة ليست بالقصيرة شرعت العديد من الجمعيات والمنظمات في القيام بعمل قاعدي يهدف إلي تعديل قسيمة الزواج ووضع تشريعات تمنع زواج الطفلات ووجت نفسها في مواجهة مع السلطة وأذرعها الدينية والقضائية والتي تركز كل جهدها علي تجميد الزمن السوداني ومصادرة الماضي والمستقبل من أجل حاضر متردئ وفاسد. . وأكدت العديد من الدراسات الاثار الصحية السالبة للزواج المبكر أو مايعرف بزواج الطفلات حيث أوضحت الدراسات إرتفاع نسبة النساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية وسط اللاتي تزوجن في سن صغيرة عن المتزوجات في عمر اكبر كما بينت الدراسات حصول تعقيدات اثناء الحمل والولادة. ويعتبر زواج القصر بمثابة تعدي حقيقي علي الطفلة في اللعب والمتعة والنمو السوي والصحة وهو شكل صارخ من أشكال التمييز ضد المرأة اذ يقوم علي مفاهيم أساسية تنمط المرأة جنسيا وتتحامل عليها وصفيا حين تحكم عليها بالضعف والماسوشية والعاطفية واللامنطقية واللا عقلانية والعورة والعبء والعجز و عدم الكفاءة وكل مايجعلها نقص بحاجة إلي تمام وعيب بحاجة إلي سترة وفعل ناقص لايجد كماله إلا في جملة إسمية مبتداها وخبرها الزوج والاطفال. وتقول سامية رباح المحامية والناشطة في مجال حقوق الانسان هناك جملة من المأخذ علي قانون الاحوال الشخصية لسنة1991 منها عدم وجود مذكرة تفسيرية تصاحب هذا القانون وترتب علي ذلك تناقض بعض الاحكام الصادرة من المحكمة العليا في الموضوع الواحد مما يؤدي إلي اضطراب الاحكام وتضيف سامية يجب إعطاء المرأة البالغة الرشيدة حق عقد زواجها دون ولي وفقا للمذهب الحنفي لأن المرأة أصبحت ناضجة وفاهمة وواعية, وفي هذا الخصوص يجب اليوم قبل الغد إعادة صياغة وثيقة الزواج(القسيمة) التي لم تعدل منذ إنشائها في 1925 لتتماشي مع النصوص القانونية الجديدة. وتضيف سامية رباح زواج الطفلات يعد إنتهاكا صريحا لاتفاقية حقوق الطفل المعتمدة في 20 نوفمبر 1989 ومن قبلها إعلان جنيف الوثيقة الاولي والخاصة بحقوق الطفل 1924 والمادة 27 من الدستور الإنتقالي للسودان لعام 2005 ويري الدكتور محمود الزين النيل إختصاصي امراض النساء والتوليد أن هنالك علاقة مباشرة بين وفاة الامهات اعمار الامهات(10-14)نسبة الوفاة أكبر بخمس مرات أثناء الحمل والولادة مقارنة باللاتي أعمارهن أكبر(15-19) الدفاع عن زواج القصر يبدو خطابا باليا إن تسربل بالقداسة الدينية والحديث للدكتورة ناهد محمد الحسن,قراءة الحقائق الدينية بالمنظور الإطلاقي اللاتاريخي الجمودي السلفي تنتج خطابا مأزوم وعاجز عن تقديم إجابات عن أسئلة عصرية أعادت تعريف الحقوق والعدالة وفق قيم إنسانية ثقافية أجتمع عليها البشر وصار اقناعهم بعدالة متوهمة وغيبية غير ممكن ولايتسم بأدني منطق أو موضوعية, ولذلك لجأ المستنيرون الإسلاميون إلي منظور تفسيري جديد ينطلق من النسبية التاريخية ولابد والوضع كهذا من مناقشة وتحليل البني النفسية المصاحبة للتخلف لمعرفة الدوافع الحقيقة الواعية واللاواعية التي تؤسس لزواج القصر وتدافع عنه باعتبارها خطوة أساسية باتحاه الإفلات من هذه الدائرة المعيبة التي تعيد إنتاج الجهل والإنتهاكات في إصرار شيطاني علي سجن إمكانيات المرأة وطاقاتها الإنسانية وإدخارها كعلف الحفاظ علي النوع الإنساني. وتضيف ناهد محمد الحسن يقف خلف المناداة بزواج القصر_ خصوصا الفتيات فكر سقيم يخشي جسد المرأة ويود لو يراكم سجونه وغير واثق في نفسه بالتالي يجد نفسهعرضة للغواية بمجرد أن هناك أنثي في الحوار وبدل أن يصاحب عملية التنشأة والتربية تمرين للرجال علي التعامل الإ نساني مع المرأة,تبارك الغرائز والنزوات الرجالية ويعترف بها مقابل إزالة الخطر المتمثل في المراة. وتري الباحثةوالناشطة سلمي محمد ان تحديد سن الزواج في قانون الأحوال الشخصية السوداني لم يعط الاهتمام الواجب للأوضاع الاقتصادية لأن المرأة منذ أن تبلغ سن البلوغ تصبح في المجتمع مهيأة للقيام بيولوجيا للقيام بعملية الحمل والولادة ويجب العمل علي تسليط الضوء علي المشاكل التي تصاحب زواج القصر بتوضيح النتائج المترتبة علي الحمل قبل العشرين وهوحمل عالي الخطورة لأن تكوين الفتاة لايكتمل قبل هذا العمر ناهيك عن النمو العاطفي والانفعالي الذي لايساعدها علي تحمل المسؤليات وقد تتعرض للإجهاض المتكرر وتصاب بفقر الدم خاصة خلال فترة الحمل, والزواج المبكر فيه حرمان واضح للفتاة من بناء شخصيتها الاحتماعية فتصبح مشوهة من الداخل وتشعر بالضعف تجاه الاخرين خاصة زوجها,ويعتبر الفقر عامل اساسي في ظاهرة زواج الصغيرات بالاضافة الي الحروب والجفاف والتصحر وغيرها من الكوارث ذات الاثر الاقتصادي علي المجتمعات,حيث ينظر إلي هذا الزواج باعتباره إستراتيجية اقتصادية لبقاء الاسرة واستمراريتها وحماية للفتيات وضمان الاستقرار الاقتصادي. وتظل المرأة السودانية مواجهة بأشكال متنوعة من التمييز بعضها يتسربل بنصوص دينية وسلطة تدعي أنها معنية بحراسة تلك النصوص وقوانيين تعبر عن نفسية وعقلية السلطة.وتتمدد مساحات الحرمان والقهر أمام المرأة السودانية وتأخذ أشكال وألوان مختلفة ، قوانيين وهيئات سلطانية ونصوص تطوع لخدمة أغراض الأرض بإسم السماء.