من المعادلات المبكية والمضحكة في ذات الوقت حتي يبدو حيالها المرء فاقدا لما تبقى من عقله في زماننا الردىء هذا ..ان كم التعليم في سالف الزمان كان متواضعا ، لكن كيفه كان ثقيل الوزن ، مفعم بالفائدة على الفرد والمجتمع والدولة الوطن ! فيما نجد الآن ترهلا في عدد المدارس والجامعات وجيوشا من المعلمين والأساتذة على مختلف الدرجات العلمية ، ولكن يقابل ذلك كله خفة في وزن ما يحمله ذلك القطار الممتد العربات ويسير بها في اتجاهات ، تاخذه والفرد والمجتمع والوطن الى منزلقات جد خطيرة ! ولكن اذا أردت معرفة السبب ، ليبطل عنك العجب ، فابحث عن الارتجال في السياسة الشمولية التي ، اما انه يقوم على مزاجية فرد باطش ، يطأطي له أهل المعرفة والعلم من بطانته المنتفعة بعطايا حكمه ، ان كانت مناصب أو غيرها من فتات الدنيا ، او انه ينبني على فكرة سياسية أ وعقيدة بعينها لجماعة يسعون لفرضها تجريبا وتخريبا حتي يضمنوا بقاءهم في ظل المناخات التي يرسموها وفق أهوائهم ! ولعلنا في السودان قد مررنا بكلا النموذجين ، ولا زلنا ندفع ثمن تداعيات وانهيارات التعليم خلالها ، منذ أن تسلط عليه جعفر نميري ومحي الدين صابر ، سامحهما الله وقد رحلا عن الفانية التي لو دامت لغيرهم ، لما تكررت مأساة التعليم علينا جراحا أكثر غورا في عهد الانقاذ التي اراد جماعتها مع سبق الاصرار ، ادخالنا في سياسة هلامية التعليم كما ، وابتسار فائدته الكيفية ، بدءا باثقال اذهان الأطفال بالمواد النظرية التي ينوء بها عقل الطفل في الحفظ المطول ، مثلما ينكسر ظهره جراء حمل كتبها ، التي يتحطم لثمنها وتكاليف مدرستها ظهر والده أو ولي أمره المغلوب على أمره ، في ظل ( طناش الدولة ) عن مصيبته وهي التي رفعت يدها عن خدمة التعليم الباهظ التكاليف حتي فيما تبقي منه ويسمي حكوميا ، ليتزامن ذلك مع رفعها من خدمات الصحة ، فأصبح ايضا لاعزاء للظهور المحطمة بتلقي العلاج الا بالمزيد من الجراحات ! ونحن في دولة انقاذ حقيقي ترصد لهاتين الخدمتين الهامتين مشكورة على عطائها الجزيل نسبة لا تخجل عن سردها ضمن بنود الميزانية التي يذهب سبعون بالمائة منها للآمن والتسليح والبذخ الدستورى ، فيما الثلاثون بالمائة يتقاسمها أفواه البنود الأخري بغض النظر عن أولوياتها ، زراعة كانت أوتعليما أو صحة الخ ! نحن بالطبع لا نعقد أي بصيص أمل على من دمر أن يبني ، ولكن ما نخطه من قبيل فشة الغل أو الامنيات الطوباوية، أن تكون الوزارة الكبيرة كما وكيفا في عهد الثورة المنشودة بعد زوال كابوسنا الطويل هي وزارة التربية والتعليم العالي، فبناء المستقبل الوطني الذي يعتمد على العقل البشري يبدأ من كنباتها ومدرجاتها ، لانها بايلائنا لها الاهتمام المادي والمعنوي وانصاف كواردها من المعلمين والمربيين والأساتذة الأجلاء وغيرهم من العاملين في منظومة تلك المهنة المقدسة ، نكون فد ضمنا تخريج الكوادر المؤهلة عموديا / ورفد مشارب التنمية بكافة المهن التي تؤسس للتنمية الحقيقية ، وليس كما نشهد الان من تخريج جيوش الطلاب في انبساط افقي واسع ، وانقباض معرفي على المستوى العلمي خانق الا فيما ندر، يثقل كاهل الوطن باطياف من صفوف العطالى الذين وان وجدوا في ظل التمكين الظالم وممالاة الموالين للحكم والحزب والجماعة ، مؤطيء قدم فانه يكون ايضا عبئا على الوطن وميزانية الدولة ، هو في الواقع عطالة مقنعة ، تضاف الى سيل الامواج الهادرة من الخريجين بنصف تعليم ، تكتظ بهم اشارات المرور وهم يبيعون ، علب مناديل الورق وصناديق اللبان ويغرقون في عرق الصيف الحارق ! دون ذنب جنوه الا لانهم اما ولدوا في عهد السلم التعليمي المايوى ، أوعهد الانقاذ التي جعلت الجهالة التربوية والتعتيم المنهجي آلتها الهدامة لوعي الناس ومقدرتهم على النهوض بالوطن لتسود جماعتها في هذا الظلام ، فاصبحت تلك السياسة المتعمدة أعلى درجة من العلم التطبيقي والمنير للعقول في طريق البناء المدروس! عافى الله تعليمنا ورفعه من وهدته التي أو قعته فيها الشموليات التي تنشأ دائما طفيلياتها في مستنقعات الجهل ولو كان مبطنا فيما يسمى تعليما ولكنّه مسخ ! والله المستعان .. وهو من وراء القصد.. ____________________ محمد عبد الله برقاوي.. http://font color="#0005FF"bargawi...hoo.com/font