في الوقت الذي يتابع فيه المعجبون أخبار فنانيهم، ويدخرون المال من أجل حضور حفلاتهم العامة؛ يلجأ بعض السياسيين والأثرياء إلى استئجار مواهب النجوم في حفلات خاصة بمناسبة أو من غير مناسبة للاستمتاع حصريا بمواهبهم الغنائية والترفيهية مقابل ملايين الدولارات في الليلة الواحدة. فعندما أعلن كل من ماريا كاري وبيونسيه وفيفتي سنت ونيلي فورتادو تبرعهم بأجورهم التي تلقوها من بعض أفراد عائلة الزعيم الليبي معمر القذافي لإحياء حفلات خاصة؛ لفتوا النظر إلى ظاهرة مثيرة للجدل وهي أداء هؤلاء الفنانين لحفلات خاصة للسياسيين والأثرياء، والدخول إلى عوالمهم السرية بكل ما تحويه من عادات غريبة، وأموال طائلة. ورغم أن تلبية هذه الحفلات والطلبات الخاصة من شأنه أن يشوه صورة الفنان الشخصية على المدى الطويل، فإن الفنانين يضعفون أمام المبالغ الضخمة التي يتم تقديمها لهم في الليلة الواحدة. ولا يقتصر الأمر على الأجر فقط، بل يتخطاه إلى السفر على متن طائرات خاصة، والإقامة في فنادق فخمة على حساب المضيف. ولا يأبه العديد من هؤلاء الفنانين بالخلفيات السياسية لصاحب الحفل، لا سيما وأنهم قد لا يكونون على دراية بالتاريخ السياسي لهذه الشخصية أو تلك، فتراهم أمام معضلة أخلاقية بعد تسرب الأنباء لوسائل الإعلام، فيسارعون إلى الإعلان عن التبرع بهذه الأموال للجمعيات الخيرية. وفي هذا السياق؛ أصدرت الفنانة ماريا كاري بيانا صحفيا لامت فيه نفسها على إحيائها حفلا برعاية أحد أبناء القذافي، ودعت الفنانين إلى تحمل المسؤولية في أخذ قرارات مشابهة، وعدم الانصياع لكل من يحجز عروضهم. وفق ما نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأحد 13 مارس/آذار 2011. وانقلب الفنانون الذين تقاضوا مبالغ بملايين الدولارات على عائلة القذافي بعد تصعيد المواجهات بين الزعيم الليبي وأبناء شعبه المطالب بتنحيه إلى حد المواجهة بالسلاح، وسقوط ضحايا بالآلاف. إلا أن بعض الفنانين المتابعين للشؤون السياسية كالمغني "ستينج" يرون أن أداء حفلات لسياسيين من دول أخرى يكون بمثابة مد جسور ثقافية؛ إذ سبق لستينج أن أحيا حفلة خاصة على شرف ابنة الرئيس الأوزبكي إسلام كاريموف، على الرغم من الخلافات السياسية حوله. وفي حال كان الفنان مدركا لخلفية المضيف؛ فإن قرار الموافقة على إحياء حفلات خاصة يعود له وحده، أما إذا كان "جاهلا" بالأبعاد والخلفيات السياسية فعندها تقع المسؤولية على عاتق مدير أعماله الذي يتوجب عليه التأكد من أن مصدر الأموال التي سيتقاضاها النجم في آخر الليلة "نظيف ومشروع". وبالتالي لا بد من التشاور مع الفنان النجم قبل تعاقده مع أية جهة، وإبداء النصيحة قبل التوجه مباشرة لمن يدفع أكثر. في سياق موازٍ؛ ألغت المغنية جينفير لوبيز مثلا حفلا كان من المقرر إقامته في فندق فاخر بالجزء التركي من جزيرة قبرص؛ إذ كاد الحفل أن يؤدي إلى خلاف سياسي بين القبارصة اليونانيين والأتراك، فألغته لوبيز لحفظ ماء الوجه، وعدم خسارتها جمهورها من الجانبين. ورغم التباين الشاسع بين قدرة الناس العاديين وكبار الشخصيات على متابعة آخر أخبار وإصدارات نجومهم المفضلين، فإنه بات من المؤكد أن الذائقة الفنية بين أصحاب السلطة والشعب متشابهة إلى حد بعيد رغم خلافاتهم السياسية، فيما يقف قرار استجابة الفنانين لدعوات السياسيين عند حدود الوعي السياسي.