بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغيير كبير سيحدث في السودان قبل نهاية السنة الجارية
نشر في سودانيات يوم 02 - 03 - 2012

توقع الاسلامي حسن مكي حدوث تغيير كبير في السودان قبل ان تنطوي أيام السنة الجارية ، وقال ( أكاد أراه رؤية العين).
وحسن مكي من قيادات الاسلاميين الفكرية ويعمل مديراً لجامعة افريقيا العالمية ، وهي جهاز آيديولوجي لتفريخ الاسلاميين في المنطقة ، وتنال على ذلك موارد هائلة من الميزانية الحكومية . ورغم ان حسن مكي لم يتولى منصباً سياسياً مباشراً إلا انه عمل في أجهزة الانقاذ الأخرى وظل أحد المدافعين الاعلاميين عنها .
وفي حوار مع صحيفة (الشبيبة) العمانية واصل حسن مكي تبني المواقف الدعائية والتبريرية لحكومة المؤتمر الوطني ، ولكنه مع ذلك إعترف بتفشي الفساد (... لقد أصبح فساداً “بنيوياً"، فساد مرضى مستشري، يضاف إليه فساد بسبب ضعف المرتبات، وفساد المحسوبية، ومكافحته لا تتم إلاّ بتقوية الجهاز الرقابي والجهاز القضائي والصحافة الحرة. لأن أي تدخل سياسي بين الصحافة الحرة والقضاء المستقل سيؤدي إلى إعاقة الدورة العدلية...)
ومع انه أقر بمساءلة الفاسدين في اسرائيل وايطاليا ، حتى ولو كانوا رؤساء ، إلا انه لم يتأمل في كون سلطتهم الاسلامية ، والتي تطرح نفسها أنموذجاً للعالم (الجاهلي ) و (الحائر) ، تعجز عن إدراك اسرائيل التي يهجوها صباح مساء !!
والأهم ان حسن مكي أقر بان المذكرات الإصلاحية تعبر عن (... إنسداد القنوات، لجوء مجموعات يعتمد عليها النظام إلى كتابة “مذكرات"، يعني أن هناك “إنسداداً ...) .
وتوقع تغييراً كبيراً (يحدث في السودان قبل أن تنطوي أيام السنة الجارية"، أكاد أراه رؤية عين..!) ، ولكنه استدرك (... تغيير “تدريجي سلمي وفاقي"، يعالج المآخذ ويكمل النواقص، ليس بين الإسلاميين وحدهم، بل وفاقاً وطنياً تشارك فيه كل المكونات الوطنية، وأذهب أبعد لأقول أن الجنوب نفسه سيعود إلى الوحدة. ومن الناحية الإستراتيجية السودان باق وسيكون أقوى، وسيتعافى تدريجياً، ورغم أن الإرادة السياسية “شاخت" لكنها ستتجدد..)
وترتبط توقعات حسن مكي بقرب التغيير بمعرفته بأجواء التذمر الواسع وسط الاسلاميين ، ولكن فضلاً عن ذلك يرجح توقعاته تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد ، وتزايد الحراك الشعبي ضد النظام ، والهزائم العسكرية المتتالية للقوات الحكومية في مناطق الهامش .
(نص الحوار أدناه) :
القيادي الإسلامي السوداني حسن مكي ل"الشبيبة":
تغيير محتمل في حكومة البشير
لست راضياً عن تجربة “الإنقاذ" لأنها وقعت في أخطاء قاتلة
وإسلاميو الربيع العربي يخشون آثار “السم" المدسوس للسودان
أبدى الأكاديمي الإسلامي مدير جامعة إفريقيا السودانية بروفيسور حسن مكي عدم رضاه عن تجربة “حكم الإنقاذ" وأقر بوجود “أخطاء حكم قاتلة" تمثلت في سيطرة من أطلق عليهم “السداحون المداحون" على السلطة، وإبعاد أصحاب الفكر والقدرات وتغييب روح النقد واستشراء الفساد.
وقال إن مذكرات الإسلاميين الإصلاحية تعكس “إنسداداً" في العلاقة بين هياكل السلطة، وضيق هامش الحريات، وتوجيه الحكومة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للشارع، واستثناء نفسها ورجالها منه.
(حاوره من الخرطوم – أحمد يونس)
* ابتعد الإسلاميون الذي وصلوا السلطة عبر ثورات الربيع العربي قدر الإمكان عن “تجربة الإنقاذ السودانية"، كأنها “جمل أجرب"، في تقديرك لماذا..؟
هذا استنتاج غير دقيق، الإسلاميون في العالم يقدرون الحركة الإسلامية السودانية، لأنها أسهمت في تأسيس “الحركة الإسلامية العالمية"، ويلقى د. حسن الترابي إحتراماً كبيراً بسبب “قدراته وأستاذيته"، بعضهم لا يوافقونه على موقفه من “الإنقاذ"، وبعضهم يوافقونه.
وأسهم إسلاميون سودانيون في تأسيس الحركة الإسلامية العالمية، إذ يعد “التجاني أبوجديري" أباً روحياً للحركة الإسلامية في أمريكا الشمالية، وسار على دربه “أحمد عثمان المكي" الذي أسس الحركة الإسلامية في أوروبا.
ولعب سودانيون دوراً كبيراً في تأسيس “الإتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية"، وأسهم “الفاتح على حسنين" بدور كبير في تأسيس “الحركة الإسلامية التركية"، لدرجة أن الرئيس “أوردغان" في زيارته للسودان تناول وزوجته وجبة الغداء في منزله، عرفاناً لدوره.
أما من يتنافسون على رئاسة مصر: “أبو الفتوح، محمد سليم العوا"، فهم أصدقاء السودان، استفادوا من تجربته، وكلاهما كان على تواصل مع التجربة اتفاقاً واختلافاً..!
* أنا لا أعني بسؤالي العلاقة التاريخية مع الحركة الإسلامية السودانية، بل موقف الإسلاميين المعلن من تجربة “الإنقاذ"، لم يتحدثوا عن الإقتداء بها، أو الإستفادة منها؟
رغم حديثه عن تجربة السودان فقد كان “راشد الغنوشي" يتنقل بجواز سفر سوداني، أما “وضاح خنفر" في فضائية “الجزيرة" التي حركت الأحداث فهو إبن التجربة السودانية، وبدأ “الهاشمي الحامدي" صاحب فضائية “المستقلة"، من السودان الذي قدم أول دعم لإقامه فضائيته.
تأثير الحركة الإسلامية السودانية كبير جداً، لكن هل تلقى تجربتها السياسية رضا الإسلاميين السودانيين أنفسهم الآن..؟ هذا موضوع نختلف عليه أو نتفق. تقييم تجربة السودان موضوع مختلف، “الترابي" نفسه يعطيها “صفراً كبيراً".
* حكمت زهاء ربع قرن وتزعم أنها إسلامية..
هي لا تزعم بل مدموغة بالإسلام..
* كيف لمن ولدوا من رحمها كما قلت ألاّ يشيروا في خططهم وبرامجهم الإنتخابية إليها..؟
يخافون من العدوان والحصار الذي يواجه التجربة، فرئيس البلاد مطلوب من محكمة الجنايات الدولية، ومعه خمسين يواجهون اتهامات من نفس المحكمة. لقد “سُمم" عقل العالم ضد الحركة الإسلامية السودانية، ووجهت لها إتهامات بمحاولة تفجير “مركز التجارة الدولي" بالتعاون مع الشيخ “أحمد عبدالرحمن" قبيل عملية بن لادن والقاعدة. فماذا سيفعلون والعقل العالمي كله مسمم بأن هؤلاء “قتلة وسفاكي دماء"..؟
ارتكبت الحركة الإسلامية أخطاء نعم، وأذكر أن “الترابي ومحمد سليم العوا" قابلوا رئيس الجزائر قبيل فوز “عباس مدني" فسألوهم عن إعدام “ضباط رمضان" في محاكمة الستة ساعات، وعن محاكمة تاجر العملة “مجدي" وإعدامه، وقالوا لهم “ألا تخشون الله". نعم وقعت الحركة الإسلامية في أخطاء كبيرة، أخطاء قاتلة، ضخمتها “الصليبية العالمية، والموساد وإسرائيل"، ما جعل الحركات الإسلامية الناشئة تخشى من هذا المحمول.
بل أن الإسلاميين المصريين قالوا إنهم لن يلغوا “كامب ديفيد"، لأنهم لا يرغبون في حمل أعباء إضافية في هذه المرحلة، هم حصلوا على تسهيلات دبلوماسية من السودان ساعة شدتهم ، أما الليبيون فقد تسلحوا ب"السلاح السوداني".
* ألا ترى أن ممارستهم السلطوية زادت كمية “السم المدسوس" كما سميته ما أثر على قبولهم..؟
هناك أخطاء تم تضخيمها، ورغم إني لست عضواً في المؤتمر الوطني، لكن موقفي لا يحجب عني الإيجابيات. لم يكن هناك “سودان جغرافي" قبل حكم الإنقاذ، ولم تكن أطراف البلاد مرتبطة ببعضها البعض، الآن هناك شبكة طرق وشبكات اتصالات قربت المسافات..
* يعزى هذا للفترة الطويلة التي حكمت فيها الإنقاذ، وإلى ثورة الإتصالات العالمية؟
قارن بين “تشاد، إثيوبيا، السودان"، يمكنك إستقلال سيارة من الخرطوم إلى القاهرة عبر طريق شريان الشمال الذي وصل “قسطلة" المصرية، وشارع القلابات وصل “أديس أبابا"، هذه الأشياء أسهمت في صناعة السودان الجغرافي..
* لم يبق نظام حكم في السودان لفترة مماثلة للإنقاذ (23) سنة؟
اذهب إلى أرتريا مثلاً عمر ثورتها قريب من الإنقاذ أين الطرق فيها، أين المستشفيات، أين المدارس وغيرها، أنا لا أمجد، لكني إعترف بالحقائق الموضوعية. هذا ليس إنجاز الحركة الإسلامية وحدها، فالسودانيون لهم إسهاماتهم الكبيرة فيه.
ذكر مركز “كارتر" أنه لم ير مظاهر “الأزمة الإقتصادية"، بل “حركة بناء" وأعداد كبيرة من السيارات الفارهة تزحم الطرقات، رغم أزمة العقارات العالمية وذهاب بترول الجنوب. هناك “شئ ما" ربما الانقاذ نفسها لا تفهمه: وهو أن “المكون الإقتصادي" لطبقة كبيرة تجاوز حكومة السودان، ولن يتأثر إذا سقطت الحكومة أم بقيت، وهو"هجرة وإغتراب" زهاء مليون سوداني، إذا كان الواحد منهم يعيل عشرة أشخاص، هذا يعني أن (10) مليون أصبحوا خارج تأثير اقتصاد الدولة، هو مكون السودانيين العاملين في الخارج الذين أصبحوا جزءً من الدورة الإقتصادية العالمية.
* ينظر الكثيرون إلى هجرة العقول السودانية إلى الخارج باعتبارها “منقصة"، وليست إضافة؟
ليست منقصة، لأن العالم كله في حالة حراك، “إنها العولمة"، وأن مواطنيك مؤهلين للمنافسة في الدورة العالمية، أما “المنقصة الحقيقية" فهي إننا نأتي حتى ب"العمال" من الصين.
* هل أنت راض عن أداء حكومة الإسلاميين وممارستها السلطوية..؟
لست راضياً، كان يجب أن يكون الوضع أفضل بكثير، الحركة الإصلاحية إذا لم تكن “شاملة وكاملة" لذا عانت الإنشقاقات، والحركة الإسلامية ليست بحاجة إلى إنشقاق جديد.
هناك جناح “الترابي"، الحركة الإسلامية المؤيدة للدولة جناح “علي عثمان"، مجموعات السلفيين، التنظيم الدولي للأخوان المسلمين “الحبر يوسف نور الدائم"، لسنا بحاجة لأية قفزة في الظلام.
يجب أن تكون موصولة بحركة النقد والنقد الذاتي، لأن “المدافعة" مهمة جداً، ودون النقد وتوجيه “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" إلى داخل الحركة الإسلامية وتطبيقه عليها، وعلى الحكومة وعلى رجالاتها، لن يحدث إصلاح.
عمري داخل الحركة (45) سنة، وغير موجود في أي من مؤسساتها أو مؤسسات حزبها “المؤتمر الوطني"، لعدم رضائي عن بعض الأشياء، وعن طرائق عمل بعض الشخصيات.
هناك شخصيات لن تتكرر في الحركة الإسلامية، “الترابي" لن يتكرر بكل ما له وعليه، علي عثمان لن يتكرر لأنه مسؤول “الدعم الإجتماعي" عن كل قضايا الأخوان.
قطع “الترابي وعلي عثمان والبشير" مرحلة، ومهما كان حجم عطائهم فيها حتماً ستتجاوزهم، لأن السلطة لا تدوم، بعضهم استنفذ فرصته..
* تقصد بعضهم أم كلهم..؟
بعضهم أو كلهم، لكني لا أتصور بديلاً يستطيع تجاوز البناء الإسلامي الموجود، وأكبر مشاكل المعارضة في “تحالف كاودا" أو غيره، أنها ليست ضد النظام السياسي، بل ضد المكون الثقافي السوداني “الثقافة العربية الإسلامية".
* ألا يعد هذا مجرد دعاية مضادة، لأنهم لم يقولوا إنهم ضد الثقافة العربية الإسلامية..؟
غيروا المناهج في جبال النوبة إلى المنهج “الكيني"، وارتد جنوب السودان عن الثقافة العربية الإسلامية، هذه حقائق وليست دعاية.
لماذا تحتضنهم الكنيسة العالمية، ولماذا أول زيارة خارجية ل “سلفاكير" لإسرائيل، لماذا كل العمالة في الجنوب كينية وإثيوبية، ولا تخفي علاقتها ب"إسرائيل".
* إنها أخطاء الشمال..؟
ليس بسبب أخطاء الشمال، بل بسبب توجهاتهم..
* أغلق الحدود ومنع التجارة..؟
هذا توجه قديم لا علاقة له بقفل الحدود، إقرأ مذكرات “جوزيف لاقو" 1965م، إنه تنفيذ لسياسة شد الأطراف الإسرائيلية.
* انتقدت تجربة الإنقاذ، اتقصد المنهج، أم الممارسة، أم السياسات..؟
أخطاء الممارسة كبيرة، وكان شيطان السلطة كبيراً، ما جعل بعض مكونات السلطة تعزل “أصحاب القدرات والإجتهادات"، فتحولت الحركة الإسلامية إلى “إنضباط أوامر وطاعة وتنفيذ"، وأخطأ أهل الطاعة ما أخطأوا، وقدموا الكثير من التنازلات.
ثم جاء “السداحون المداحون"، وصار الناس لا يسمعون صوت الناقد، بل صوت “السداح المداح"..
* ألا يدل هذا على خلل في طريقة التفكير نفسها..؟
هو شيطان كبير غيب سيادة قانون وفصل سلطات، طبقنا “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" على الشارع، ولم نطبقه على أنفسنا، فيما أسكرت السلطة البعض.
* يرى البعض أن فكر الحركة الإسلامية فشل في فهم التنوع الثقافي والإجتماعي، وفرض مفاهيمه بقوة الدولة..؟
لا يمكن قولبة قبائل “الأودوك والأنواك" في قوالب الثقافة العربية الإسلامية، ولا يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية على “الدينكاوي" الذي تبيح له ثقافته بزواج زوجات أبيه، هذه ثقافات يجب احترامها.
هناك انفتاح، وهناك من هو ضده وضد الحريات وضد ثقافة النقد في الحركة الإسلامية، هذا “الضد" تحول لعبء ثقيل على المرحلة وعلى التجربة، وستتجاوزه الأوضاع.
* “مذكرات الإسلاميين" المتداولة تفسر الأزمة التي تعيشها حكومتهم..؟
تدل على إنسداد القنوات، لجوء مجموعات يعتمد عليها النظام إلى كتابة “مذكرات"، يعني أن هناك “إنسداداً"، وتدل أيضاً أن الحركة الإسلامية “موجودة" وفيها من نذر نفسه ل"الأمر بالمعروف والحسبة"، ولم تلهه المناصب.
التغيير في “المؤتمر الوطني" الأيام الفائته انعكاس للمذكرات، هو غير كافٍ لكنه بداية ل"تغيير كبير يحدث في السودان قبل أن تنطوي أيام السنة الجارية"، أكاد أراه رؤية عين..!
* يزعم محللون أن الصراع داخل الإنقاذ بلغ مرحلة “كسر العظم"، ماذا تقول..؟
لا أرى صراعاً بهذا المعنى، هناك مجموعة “سداحين ومداحين" أوشك أمرها على النهاية، ولا أظن أن أية تغيير سياسي يستطيع تجاوز العسكرية السودانية لأن القوات المسلحة قدمت دماء كثيرة للحفاظ على النظام، ولا يمكن تجاوز آلاف الشباب الذين حملوا السلاح دفاعاً عن الإنقاذ، لا تستطيع مجموعات “السداحين المداحين" تجاوزهم،لأن هناك وعي كبير جداً وسط الإسلاميين.
* ما هو شكل التغيير الذي تنبأت به..؟
أنا متفائل بحدوث تغيير “تدريجي سلمي وفاقي"، يعالج المآخذ ويكمل النواقص، ليس بين الإسلاميين وحدهم، بل وفاقاً وطنياً تشارك فيه كل المكونات الوطنية، وأذهب أبعد لأقول أن الجنوب نفسه سيعود إلى الوحدة. ومن الناحية الإستراتيجية السودان باق وسيكون أقوى، وسيتعافى تدريجياً، ورغم أن الإرادة السياسية “شاخت" لكنها ستتجدد..
* هل اطلعت شخصياً على “المذكرات الإصلاحية" المتداولة..؟
قد لا تصدق إنني لم أقرأ المذكرة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، لا حاجة لي لقراءتها، أعرف المشاكل، بل ربما تكون المذكرات “مستلهمة" مما كتبته، وما كتبه غيري، لست بحاجة لقراءتها لأني أرى الأمور بالعين.
* يتردد أن هناك نيه لتأسيس حزب إسلامي جديد..؟
كانت هذه الفكرة مطروحة، ثم اتضح ألاّ حاجة إلى حزب جديد، كان هنالك كلام عن “شطب الدولة" وإنشاء حركة إسلامية، لكنه لم يلق رواجاً، والأرجح أنهم سيذهبون باتجاه التصحيح. بعد مرور (22) سنة يجب تجديد القيادات وفتح قنوات التتابع الدوري للقيادات، لأن الناس “شبعوا" من رؤية فريق واحد، ولابد من تجديده.
* هل هنا رغبة وقدرة على مواجهة غول الفساد..؟
لقد أصبح فساداً “بنيوياً"، فساد مرضى مستشري، يضاف إليه فساد بسبب ضعف المرتبات، وفساد المحسوبية، ومكافحته لا تتم إلاّ بتقوية الجهاز الرقابي والجهاز القضائي والصحافة الحرة. لأن أي تدخل سياسي بين الصحافة الحرة والقضاء المستقل سيؤدي إلى إعاقة الدورة العدلية.
* يقال إنه مرتبط ب"رؤوس كبيرة" هل ستحتمل السلطة التضحية بهم..؟
أين هو رئيس إسرائيل الآن، يواجه الرئيس الإيطالي برلسكوني القضاء، يجب أن تكون التجربة الإسلامية أشد تجذراً وعمقاً..
* هل سيحتملون الخضوع للقضاء..؟
يجب أن تكون هذه الآليات قوية لتطال جذور الفساد، يحتملوا أو لا يحتلموا مسؤوليتهم الشخصية..
* الفساد مرتبط بفكرة “التمكين"، التي انتبه لها الرئيس بعد(23) سنة وقرر إلغائها دون معالجة آثارها..؟
المشكلة تكمن في تداول السلطة وليس في التمكين، أي نظام “يمكن رجاله"، حتى في الأنظمة الديموقراطية.
* لم يقتصر استخدام مفردة “التمكين" على الإتيان بمؤيدي الحزب للسلطة، بل كانت إحتكاراً لكل شئ للحزب..؟
التمكين مصطلح قرآني، أما إذا كان “الممكنون" يحولون المشروع إلى مشروع “استفسادي" أو “شخصي"، فهذا هو المرفوض..
* هل تستطيع سلطة الإنقاذ احتمال الآخر المعارض..؟
الحرية لا تعطى بل تنتزع، على الآخر أن يكون قوياً لحماية نفسه وقادراً على العطاء الإيجابي، حين وصلت الحركة الإسلامية السلطة كانت قد أنشأت منظمات خيرية كبيرة، بنت المدارس، البنوك، أنظر إلى حركات دارفور المسلحة، خربت ودمرت ولم تقم مؤسسات أو مدارس أو منظمات وحولت الشعب إلى نازحين ولاجئين ومازالت تحرق..
* ألا ترى أن هذا حكما ظالماً ومنحازاً..؟
هذا غير ظالم وغير منحاز..!
* حين تقارن بين حركة متمردة ودولة..؟
لا أقارن بين حركة ودولة بل بين حركة وحركة..
* الحركة الإسلامية حين جاءت للسلطة استخدمت السلاح..؟
استخدمت السلاح في وجود مؤسساتها، وحين شاركت في حركة (1976م) كانت لديها مؤسسات قائمة وموجودة وفاعلة، وحين دخلت الإنتخابات كان لديها عشرات الآلاف يعملون في المنظمات الإسلامية “منظمة الدعوة الإسلامية، الهيئة الإسلامية للإغاثة، المدارس، المستوصفات، وغيرها"، وتنظيمات مثل “شباب البناء، رائدات النهضة" وكثير..
* لكنها حين لجأت للتغيير باستخدام السلاح في عام 1976م وصفت بنفس الأوصاف التي وصفت بها حركات دارفور الآن..؟
لقد أثبت التاريخ أن السلاح واحد من معطيات السياسة، وبدون قوة تتحول السياسة لمجرد عمل خيري.
* لدى الحركات مطالب مشروعة..؟
أثبتت التجربة أن مطالب حركات دارفور عبارة عن “وظائف"، نالوا وظائفهم وتركوهم، ولا أحد من رجال الحركات الذين حصلوا على وظائف اهتم لأمرهم.
* هذا دور الدولة تجاه مواطنيها..؟
لم تصل ثمرة الحوار مع حركات دارفور إلى الناس بعد، وأرجو بمجئ مجموعة “إتفاقية الدوحة" أن تتنزل المطالب لأرض الواقع.
* انفصال الجنوب أكبر الخطايا التي ارتكبتها الحركة الإسلامية ولم تحصل على سلام..؟
الجنوب لم يكن جزء فعلياً من السودان، كان جزءً منه على الخريطة، عملياً لا يمكنك الخروج من جوبا أيام “جون قرنق" إلى الريف، والآن هل يستطيع سلفاكير الذهاب إلى مناطق قبيلة “المورلي"..؟
* أنا لا أتحدث عن عدم الإستقرار في الجنوب، أنا أعني مسؤولية الإنفصال السياسية والأخلاقية..؟
لقد ظل الجنوب منذ 1955م خارج السودان نتيجة للحرب الأهلية التي راح ضحيتها (2) مليون شخص، ووجود الحكومة في الجنوب كان مجرد وجود جيوش في مدن “جوبا، واو، ملكال". لم يكن هنالك حضوراً لوطن..!
* وأتت الحركة الإسلامية لإراحتنا منه ب"بتره"..؟
لم تبتره الحركة الإسلامية، بتره الجنوبيون أنفسهم باستفتاء نسبته (99%)، كلهم صوتوا له حتى من كانوا في الحركة الإسلامية “عبدالله دينق نيال".
* لكنا خسرنا الجنوب، ولم نكسب السلام.؟
لابد من مراجعات، يجب إعطاء الجنوبيين الفرصة لحكم أنفسهم، وهذا ما نصت عليه “اتفاقية نيفاشا"، صحيح أن ما فعلته حكومة الإنقاذ لجعل الوحدة جاذبة أقل من المطلوب، لكنها لو فعلت كل المطلوب ونال الجنوب مرادهم بنسبة (60%) هذا انفصال غض النظر عن النسبة.
أنا أدعو إلى الجنسية المزدوجة وفتح الحدود والتجارة، وقناعتي أن الجنوب سيعود للشمال، وأعتقد بخطأ من يرون أن الله “أراحنا منهم".
* والحرب التي تدور فيما يمكن تسميته بالجنوب الجديد..؟
تجب مراجعتها، وأظن أن الحكومة بدأت تتراجع، فقد قبلت فتح ممرات الإغاثة، وهناك عاصمتان في جنوب كردفان فهناك “كاودا، كادوقلي"، وهذا اعتراف ضمني، وبالتالي يجب حصول حوار ونقاش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.