عشرات السنين و نقطة البوليس أو التمنة كما كان يسميها سكان الديم الأقدمون, تمارس دور إجتماعي قبل مهمتها الرسمية التي تقوم بها مراكز اخرى للشرطة في الخرطوم. فالقسم الجنوبي كان يشكل لنا مكان مخيف حيث أنه عندما تصل الأمور للقسم الجنوبي فهنالك مشكلة حقيقية وتحري وقاضي وحكم و اشياء بذكرها تتوتر النفوس و تتراكم التعقيدات .أما إذا وصلت الأمور للقسم الشمالي عند شاطئ النيل فهذا يعني جريمة. و نقطة الديم هي أحد كبار السن في الحي يحترمه الناس و يلجأون إليه و يستمعون لما يقول و ينفذون ما يأمر به لا أدري ما هي المواصفات التي كان بموجبها يتم إختيار من يعملون في تمنة الديم. لم يكن فيها ضباط بل ضباط صف و جنود و كان الإحساس بهم كجيران يفوق الإحساس بهم كمطبقين للقانون وحماة له و كان ينعدم أو يكاد الإحساس بهم كسلطة . فالمشاكل التي تحدث غالباً ما يتم التعامل معها داخل نقطة الديم و لا تصل حتى إلى محاكم العمد إلا فيما ندر و حتى إنحرافات الشباب تعالج معالجات أبوية و أسرية و غالبا يخرج الجميع ضاحكون أو على أقل تقدير ليسوا في طريقهم لجهة أعلى. الديم منطقة إستعصت على فهم الإنقاذيين رغم وجود السيد علي عثمان وسطهم . فمكونات الديم الإثنية جعلت منه الصورة المستقبلية للسودان ففي الديم لا أحد يهتم بقبيلتك أو الجهة التي أتيت منها بل إحترامك لذاتك و وجودك معهم عند السراء و الضراء هو الذي يحدد علاقة سكان الديم معك سلباً و إيجاباً بجانب إهتمامك بشئونك و ترك الآخرين . و إذا حاولت التعالي عليهم فلن يجتهدوا كثيراً بل سيتجاهلون وجودك لأنه حقيقة لا يعنيهم.أما إذا حاولت الحكم عليهم فستجد نفسك في عزلة فهم عادة لا يحكمون على الآخرين و لكن يكيفون حياتهم على تجاهل ما ينغص عليهم حياتهم. البعض يتحدث عن الخمور في الديم و لا اعتقد أن الخمور غائبة حتى عن أكثر أماكن العالم قداسة .أما في الديم فإنك ستجد ما تبحث عنه. دواخل الشخص, ثقافته, خلفيته الفكرية وظنه في الآخرين يحدد هدف بحثه. جاء البعض وهو يجتر ثقافة قرية أو حوش أوثقافة أحدهم .ومن خلال هذه الثقافة التي يحملها إنبرى يحكم على الجميع و يصنف الجميع و يوزع شهادة البراءة و الإدانة . جاءوا ومن خلال رؤية أحادية لتأديب سكان الديم الذين أعطوا أصواتهم للأستاذ محمد إبراهيم نقد وهم لا يدرون أن نقد قد فاز ليس بسبب حزبه و لكن لأن سكان الديم أكثر وعياً من أن يعطوا أصواتهم لقبيلة أو لعرق أو لشخص يعتقد أن إستفزاز الديامة سيجعلهم ضد الشخص الأكثر فائدة لهم و لوطنهم . فاز الأستاذ نقد لأنهم يعتقدون إنه الأفضل في دائرتهم.بل أن عدد الشباب من غير الشيوعيين الذين عملوا مع الأستاذ نقد يفوق عدد الشيوعيين من أعضاء الحزب و كانوا يرددون عند سؤالهم عن شيوعيتهم من عدمها أن نقد هو الأفضل و الأفيد و الأكثر نضجا وكفاءةً فور حضور الإنقاذ التعيس في حياتنا حولوا نقطة شرطة الديوم الشرقية لأول مركز للنظام العام . فسكان الديم يجب تأديبهم و إستفزازهم أو لم يفز نقد الشيوعي عندهم؟ ووصلت الرسالة عالية و واضحة لسكان الديم أن الأنقاذ إستصحبت معها برنامجها العنصري الإقصائي و التاريخ القريب و محدودية السقف العقلي الإجتماعي و الثقافي لكوادرها للبطش بالديامة فهي لم تر شيئاً سوى أحاديث عن الخمور و الموسيقى و الغناء و هذا كافي لتصنيف الديم كمركز للموبقات يجب تأديب سكانه. علمنا أن الدكتور عبد المنعم عثمان محمد طه قد ترعرع في الديم و لكنه خرج من سادوم هذي إنقاذي و لن نذكر السيد كمال عبيد لأننا لانتوقع منه قليلاً أو أقل.و لكن الدكتور عبد المنعم له منصب يرتبط وظيفياً بحادثة آل عجبنا . لا نطلب منه سوى أداء عمله الذي يترزق منه .و الشهيدة عوضية عجبنا قتلت مع سبق الإصرار و الترصد فالقوة ذهبت ثم عادت أكبر عدداً و أكثر تسليحاً و ما هذا إن لم يكن القتل العمد. سكان الديم للريادة ثمن يُدفع. و انتم الصورة الأولى للسودان الحديث الذي لم و لن يستوعبه الإنقاذيون فهم لا يبصرون إلا من خلال قبائلهم و عجزهم عن إستيعاب أن هنالك آخرون في السودان لهم ثقافتهم وفهمهم و أحلامهم و التي تتقاطع مع برنامج الإنقاذ العنصري الأحادي. عليكم أن تدفعوا الثمن و ها أنتم تدفعون الثمن كان الدكتور علي فضل أو الضحايا و نسأل الله أن تكون عوضية عجبنا آخر الضحايا. عصمت محمد مختار يوسف