المنامه 26-9-2012-سونا في مقال الأسبوع السابق بدأت الحديث عن البروفسير محمد يونس صاحب فكرة ومؤسس جرامين بنك - بنك الفقراء و المساكين في بنغلاديش ، و وعدت بتكملة الحديث عن التجربة المصرفية الفريدة التي بدأها و تبناها و طورها هذا الأكاديمي الذي ترك الطبشورة و الممحاة و نزل للشارع للبحث عن تطبيق أفكاره الحانية علي الفقراء و المساكين و خاصة شريحة جندر النساء اللاتي يجدن الكثير من المعاناة والضنك و شظف الحياة مع الجندر الآخر في هذه البقاع من الدنيا. بدأ بروفسير يونس و بدأ جرامين بنك من الصفر و كبر مع الأيام و تغذي من أنفاس وعرق الفقراء و لهثهم الحار لتوفير لقمة العيش للأفواه الصغيرة الجائعة ، و لستر أجسادهم الضعيفة من الحر و زمهرير أمطار "المونسون" العاتية و الجارفة لمساحات كبيرة من بلاد البنغال في كل عام ، و لتوفير كبسولة الدواء من الملا ريا الفتاكة و البلهارسيا القاتلة التي تحصد أرواح البشر كالهشيم. و بعزم القائد و رفاقه و بهمة و إخلاص شريحة العملاء زادت نشاطات البنك و زادت أمواله و تعددت مشاريعه و عمت أخبار جرامين بنك كل القرى و الحضر، و ملأ أريجها كل العالم، كتجربة رائدة فريدة و تنادي الجميع بنقلها للعديد من الدول الفقيرة والغنية. و هكذا سارت التجربة و تعاظم تطبيقها و رسخت فكرة التمويل المتناهي الصغر للشرائح المتناهية الفقر في المجتمع ، و تطور الأمر من تمويل الأفراد إلي تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة . و مع هذا التطور تم زيادة مبالغ التمويل و تم إشراك قطاعات أكبر من المجتمع و تحول التعامل نحو المؤسسية ، بدلا من حصره في التعامل مع الأفراد (الفردية) ، عبر تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي شكلت بل و تشكل ما يتجاوز أل 95 في المائة في النشاط الاقتصادي في معظم دول العالم شرقية و غربية. و في هذا نجاح كبير للفكرة التي بدأت صغيرة و منكسرة الخاطر في جرامين بنك و يعود الفضل لمهندس التمويل الأصغر و التمويل المتناهي الصغر. و لكن هل وقف الأمر عند هذا الحد و هل توقف التجديف أو تم الكبس علي فرامل "البر يكس" للوقوف عند هذه النقطة ؟ الإجابة لا ، و يا للعظمة ، لأن صاحب الفكرة أثبت أنه من النوع الذي يملك المقدرة والقوة الدافعة لدفع فكرته للأمام. و من هنا بدأت إرهاصات تطبيق نظام ريادة الأعمال و "الانتربيورنشب" . حيث تم تطوير نظام متكامل لتحفيز رواد ريادة الأعمال لأخذ دورهم في خدمة المجتمع و دعم الحركة الاقتصادية . و الفكرة هنا تقوم علي تشجيع و دعم البيئة الملائمة للعمل الحر في شتي المجالات الظاهرة و الباطنة ، و كذلك العمل الجاد من أجل توفير التمويل اللازم لهذه الشرائح الفتية لتحفيزها لخلق الأفكار و نبش المشاريع الجديدة بعيدا عن دواوين الحكومة و خلق الوظائف الخاصة بهم في هذه المشاريع. و حرصا من بروفسير يونس علي الانتقال السلس بأفكاره للمرحلة الجديدة فانه يقوم بترتيب برامج تدريبية و تثقيفية لرواد الأعمال حيث يتم تجميعهم في لقاءات عصف ذهني يتم فيها نقل التجارب و تبادل الأفكار و تطويرها لتعود بالفائدة للواقع المعاش. و عبر مجموعاته المتمرسة يتم تقديم الخدمات الاستشارية الضرورية لرواد الأعمال، و لتكتمل الفائدة يتم التنسيق مع جهات التمويل المتخصصة لتقديم الدعم المادي المطلوب للمشاريع المختارة ذات المردود الكبير علي أصحابها الرواد و علي المجتمع الذي يتطلع بشغف لهذه الممارسات المتميزة. و تقوم مؤسسة بروفسير يونس بتقديم التدريب المكثف لرواد الأعمال القدامى والجدد و هناك دورات و ورش عمل تقام بصورة منتظمة في النمسا بفينا و بصورة متقطعة في مناطق أخري . و في الأسبوع الفائت كان هذا النشاط من نصيب البحرين حيث استفاد منه العديد من رواد الأعمال و مما يثلج الصدر أن مشاركة رائدات الأعمال كانت واضحة بل و مهيمنة طوال الأسبوع و هذا يدل علي رغبتهن الجادة في تطوير أعمالهن و رفع مقدراتهن الذاتية و تطوير المجتمع البحريني. و بعد نجاح مرحلة التمويل المتناهي الصغر للأفراد انتقل بنا بروفسير يونس إلي مرحلة برامج ريادة الأعمال ، أي من مرحلة تمويل الأفراد المعدومين إلي مرحلة تمويل الرواد المتطلعين نحو المستقبل الواعد و هو يركز الآن علي ترسيخ هذه الأفكار الجديدة . و من الجدير بالذكر أن هناك جهات عديدة تعمل الآن بكل ثقلها أيضا لدعم و تطوير برامج رواد ريادة الأعمال أو ما يماثلها و خاصة الشريحة المعروفة بشريحة قاع الهرم "بي أو بيي" التي يروج لها في أمريكا سي كي براهالاد حيث ينصح كبار الشركات ببرمجة أعمالها بما يتيح إشراك شريحة قاع الهرم"بوتوم أوف ذي بريميد" و هم مليارات البشر ممن يعيشون تحت خط الفقر و إذا تم الاستفادة منهم في برامج الشركات الكبيرة فان وجه العالم سيتغير و سيكون طعم الحياة مستساغا لأن الجميع يعمل وفق إمكانياته و مقدراته لتوفير ما يقيم أوده. و هكذا، الكل يعمل الآن بهمة من أجل المساعدة في توفير فرص العمل و الأعمال الملائمة وقطعا سيكون لهذا انعكاساته المؤثرة علي حياة البشر ... و هكذا وضع بروفسير محمد يونس بصمته في مساعدة الفقراء و رواد الأعمال و هذا انجاز يحق له أن يفخر و يتفاخر به . أق