انبعثت فكرة تأسيس دار مصحف إفريقيا من إحساس عميق بمدى المعاناة التي يجدها المسلم في كثير من البلاد الإفريقية في الحصول على مصحف يتعلم منه أمور دينه، ويعبد الله بتلاوة آياته الكريمة، خاصة وأن أفريقيا مع ما تعانيه من فقر وحاجة يقرأ أهلها القرآن بأربع روايات، وإنه لمن أوجب الواجبات توفير المصاحف لهم بهذه الروايات التي يتلون بها القرآن الكريم، ولا يتم ذلك إلا بالطباعة. لهذا جاء تأسيس الدار وهي مؤسسة خيرية عالمية، عام 1415ه والموافق 1994م إسهاما لخدمة كتاب الله، وطباعة المصحف الشريف وتوفيره لملايين المسلمين في أفريقيا، واتخذت من الخرطوم مقراً لها. ويشرف على إدارة الدار مجلس أمناء والذي يتكون من (45) عضواً يمثلون منظمات عالمية وشخصيات من ذوي الكفاءة والمعرفة بتعليم القرآن ونشره، ويعاون المجلس مجلس إدارة بالإضافة إلى إدارة تنفيذية. وتم افتتاح الدار في 25 ربيع الثاني 1422ه، والموافق 16 يوليو 2001م. ويقول الراحل أ. د / أحمد علي الإمام _ رئيس مجلس الأمناء السابق_ ( إن دار مصحف أفريقيا، بفضل الله قد بوأها موقعها بالسودان في قلب إفريقيا لتكون مركزا لإشعاع القرآن، في أفريقيا باجمعها، تضيء بالمصحف الشريف شعابها، وتنشره بين شعوبها المحرومة من اقتناء المصاحف في مساجدها ودورها حتى إن المصاحف تبلغ حد الندرة في بعضها، فتخلو القرية كاملة من مصحف واحد، وإفريقيا في اتساق مع فطرتها استجابت لدين الإسلام، واستقبلته، في تاريخ انتشاره، بحسن الاهتداء والإتباع، وقاومت شعوبها المسلمة الحملات الصهيونية والصليبية والتغريبية، وهي تستهدف سلخها من كتاب الله العظيم. ولقد كانت الخلوة والكتاب والمحضرة في أطراف إفريقيا وأعماقها مثابات لحفظ القرآن الكريم ومنارات لفهم علومه، ولا تزال المصاحف المخطوطة، في مظانها الكريمة بربوع أفريقيا المسلمة تشهد برسوخ هذا الكتاب الكريم في وجدان شعوبها، وقد تعددت في إفريقيا روايات القرآن الكريم، وتجذرت بأسانيدها، واتسعت بحفاظها، فالشعوب الإفريقية المسلمة تمجد القرآن، وتكرم أهل القرآن، وهي لا تعدل به كتاباً أو مرجعاً آخر. ومن أهداف دار مصحف إفريقيا، طباعة المصحف الشريف بمختلف الروايات السائدة، وجعله في متناول المسلمين عامة ومسلمي أفريقيا خاصة، وتوفير التسجيلات الصوتية للقرآن الكريم بالروايات المتواترة، وطباعة ترجمات معاني القرآن الكريم. وفي الجلسة الافتتاحية للاجتماع الأول لدورة الانعقاد الرابعة، لمجلس أمناء دار مصحف إفريقيا التي انعقدت الخميس 20-12-2012م بالخرطوم جدد د. الحاج آدم يوسف نائب رئيس الجمهورية التزام الدولة بدعم طباعة المصحف الشريف والاهتمام بنشره في إفريقيا وكل أنحاء العالم. ودعا السودانيين ومؤسسات الدولة الاهتمام بدعم المصحف وشرائه لدعم طباعته في الخرطوم، مشيرا الي أن أفريقيا تحتاج إلي اليوم نشر المصحف مما يضاعف المسئولية علي زيادة طباعته. وقال إن الدولة تتوقع من مجلس الأمناء المقبل مضاعفة الجهد بطباعة ونشر المصحف، مناشدا الجميع بإحياء سنة الوقف بحشد الجهود والأموال لدعم نشر كتاب الله في العالم. وحيا نائب رئيس الجمهورية أعضاء مجلس الأمناء من الدول الإسلامية الشقيقة، معربا عن تقديره لدورهم في المساهمة في طباعة المصحف ونشره. من جانبه أكد البروفيسور عبد الرحيم علي نائب رئيس مجلس الأمناء عزمهم على تطوير طباعة المصحف، وقال ان هذه الدورة جاءت تكريما للمشاركين في عمل طباعة ونشر المصحف الشريف. ودعا إلي بذل الجهود والإخلاص في خدمة المصحف والسعي لبناء وتطوير الدار لإحداث نقلة نوعية في طباعة المصحف، مشيدا بجهود أعضاء مجلس الأمناء من الدول الإسلامية الشقيقة ممن دعم أعمال دار مصحف أفريقيا. الأستاذ الزبير أحمد الحسن رئيس مجلس الإدارة أعرب عن تقديره لدولة الكويت لطباعة مائة ألف نسخة من المصحف لدارفور ومملكة البحرين بطباعة مليون نسخة،وقال إن دعم دار المصحف مشروع يعود ريعه إلي طباعة ونشر المصحف الشريف في إفريقيا والعالم مشيرا إلي الحاجة الزائدة لنشر المصحف لتزايد أعداد المسلمين في العالم. وأوضح الزبير إن الدار دعمت آلياتها بماكينتي طباعة جديدة، مناشدا أعضاء مجلس الأمناء لتقديم دعم للدار لتخفيض تكاليف الطباعة وأكد أن مجلس الإدارة سيرتفع إلي قدر المسئولية ويبذل الجهود لتيسير الحصول علي المصحف للجميع. إلي ذلك قال د. حمزة الشيخ محمد العضو المنتدب لدار مصحف أفريقيا في إفادة (لسونا)، ينعقد الاجتماع الدولي في دورته الرابعة لمجلس أمناء مصحف أفريقيا اليوم، لاختيار رئيس جديد للمجلس خلفا للراحل بروفيسور أحمد علي الأمام الرئيس السابق، ومناقشة الأعمال للعام 1432، ووضع الخطط والبرامج للعام الجديد، وبحث مسالة زيادة كفاءة المطبعة لرفع معدل طباعة المصحف تمهيدا لنشره في إفريقيا والعالم. وأوضح أن العام الماضي شهد انجازا كبيرا بطباعة ثلاثة ملايين نسخة من المصحف وتوزيعها في إفريقيا والعالم، مشيرا إلي عزم الدار لزيادة الطباعة والنشر لاحقا. وأضاف العضو المنتدب، ان هذا الاجتماع شهد مشاركة واسعة من المملكة العربية السعودية، دولة الأمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، دولة قطر، جمهورية مصر العربية، اندونيسيا وجمهورية تركيا إضافة إلى أعضاء المجلس مشيدا بجهودهم في طباعة ونشر المصحف. ويجئ اهتمام الدولة بطباعة المصحف الشريف انطلاقا من مسئوليتها في نشر كتاب الله في ربوع القارة التي تلقى أهلها الإسلام دون حروب او قتال كباقي الجهات التي دخلها الإسلام إنما كان استقبالهم للإسلام بالمعاهدات والاتفاقيات ومن ثم انتشر بالقدوة الحسنة والتعامل السمح الذي وجدوه من القادة الأوائل الذين دخلوا إفريقيا من عبد الله بن أبي السرح وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وغيرهم من الصحابة الكرام. وهناك دول في إفريقيا تفوق فيها نسبة المسلمين لتصل إلى 100 % مثل الصومال وموريتانيا، وأخرى من 90 % - إلى 99 %، ولا تتعدى نسبة المسلمين الذين يمتلكون مصحف 25% خاصة الدول التي تقل نسبة المسلمين فيها 50 %، وهي بلا شك تحتاج إلى زيادة في الاهتمام بنشر المصحف فيها حتى تواجه حملات التنصير التي تشنها الكنيسة التي تقوم بترجمة الإنجيل إلى أكثر من 600 لغة ولهجة بينما القرآن مطبوع بسبع لغات فقط، وهذه تحتاج إلى جهود جبارة لمواجهتها. وقد أنتجت دار المصحف منذ صدور أول يونيو 2001م وحتى 2011م، مليوني مصحفا ومليون ربع يس ومليوني وخمسمائة ألف عشر أخير، وأربعمائة ألف طبعات أخرى، وتستفيد 44 دول في قارة إفريقيا من خدمات الدار والتي تعتمد على الدعم من الوقف وجهات في دول السعودية، الكويت، قطر، الأمارات، البحرين، جيبوتي والسودان. ط ي