تعد قضايا الامن ومكافحة الجريمة المنظمة من الشواغل الافريقية التي اضحت تؤرق القادة الافارقة وشعوب القارة وذلك لما لها من تأثيرات مباشرة علي عملية التنمية والاستقرار في افريقيا ، لذلك كان لابد من تنظيم العديد من ورش العمل والمنتديات للوصول الي حلول ناجعة تسهم في ايجاد معالجات جذرية لمشاكل الامن والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وهذا ما دعا بعض القادة الافارقة للاجماع علي اهمية تأسيس منتدي تانا حول الامن ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والذي تم تدشينه عام 2009 بمبادرة من معهد دراسات السلام والامن التابع لجامعة أديس أبابا وذلك تنفيذا لإعلان طرابلس الصادر عن القمة الافريقية الاستثنائية التى عقدت فى 31 اغسطس من نفس العام . وقد استضافت مدينة بحر دار الاثيوبية اجتماعات الدورة الثانية لمنتدي تانا يومي 20 و21 من ابريل الجاري والتي شارك فيها السودان بوفد قاده المشيرعمرحسن البشير رئيس الجمهورية بالاضافة الي رؤساء كل من الصومال- رواندا- واثيوبيا -وبورندي- بجانب الرئيس السابق لنيجيريا اولسيغون اوباسانجو رئيس مجلس ادارة المنتدي ورئيس جنوب افريقيا السابق ثابو امبيكي وعدد من رؤساء الدول والحكومات الافارقة اضافة الى أكثر من (100 ) مشارك من الدول الإفريقية والمنظمات الدولية الى جانب مختصين وودبلوماسيين وممثلين من المؤسسات الفكرية والبحثية من جميع أنحاء العالم. وألقي رئيس الوزراء الاثيوبي السيد هايلي مريام ديساليين الكلمة الافتتاحية للمنتدي مرحبا بالقادة الافارقة في أعمال المنتدي مبينا أن المنتدى يمثل فرصة لإيجاد حلول للنزاعات في إفريقيا ومكافحة الجريمة المنظمة داعيا إلي ضرورة تبني استراتيجيات من قبل الدول الإفريقية لمعالجة قضية النزاعات في إفريقيا . واعرب عن حزنه وحزن القارة الإفريقية على فقد ملس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل وقال إنه فقد كبير لإفريقيا وإثيوبيا وعبر ديسالين عن أمله بأن يحقق المنتدي نجاحا ملموسا ويخرج بتوصيات تعزز مسيرة السلام والإستقرار في إفريقيا وتدعم جهودها للقضاء علي الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدي قال المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ان موضوع مكافحة الجريمة المنظمة التي يبحثها منتدي تانا يمثل تحديا كبيرا امام القادة الافارقة وذلك لما له من تأثيرات علي الامن والاستقرار في افريقيا . واوضح ان الجريمة المنظمة ذات تأثير كبير علي السودان وذلك لمساحته الواسعة التي تجعل من الصعب السيطرة علي حدوده الممتدة مع دول الجوار فضلا عن معاناته جراء النزاعات سواء كان بالداخل قبل انفصال الجنوب او في دول الجوار . واضاف " لقد ادركنا من خلال تجارب مريرة ان العلاقة بين النزاعات الداخلية والجريمة المنظمة هي حلقة جهنمية" مبينا ان المثال الناصع لذلك هو تطورات قضية دارفور التي كان من عوامل اشتعالها بجانب التنافس علي الموارد الشحيحة انتشار الاسلحة في المنطقة نتيجة لعدم الاستقرار بدول الجوار واستغلال تجار الاسلحة والتهريب والنهب المسلح للاوضاع الهشة لتحقيق مكاسب مسمومة . وقال رئيس الجمهورية ان السودان اولي اهمية خاصة لاشراك المجتمع والجماعات المحلية في مكافحة الجريمة المنظمة مبينا ان السودان لديه تجارب مثمرة في تكامل الادوار بين الاجهزة الامنية والتنظيمات الشعبية المتمثلة في الشرطة الشعبية والمجتمعية مؤكدا استعداد السودان لتبادل هذه التجارب مع الدول الافريقية للاستفادة منها في توطيد دعائم التعاون الاقليمي لخدمة الشعوب الافريقية . واشار البشير الي ماحققه السودان بفضل اتفاقية السلام الشامل، ثم مصفوفة تنفيذ الاتفاقيات مع دولة جنوب السودان، فضلا عما حققه من استقرار من خلال اتفاقية ابوجا ووثيقة الدوحة لسلام دارفور مبينا ان توقيع هذه الاتفاقيات يأتي بفضل توفر الارادة في تحقيق السلام عبر الحوار مما وفر أجواءً صحيةً ساهمت بفعالية في منع الجريمة المنظمة وجعلت المواطنين شركاء وأصحاب مصلحة حقيقية في محاربتها لتحقيق الأمن والاستقرار . من جانبه قال الرئيس الصومالي في كلمته أمام المنتدي أن القضيتين اللتين يبحثهما المنتدي تمثلان تحديا حقيقيا لإفريقيا وقال " نحن نحتاج إلي تضامن الجهود الإفريقية للحد من هذه الظواهر" داعيا إلي ضرورة مكافحة كل الأنشطة غير الشرعية في القارة. وأكد علي ضرورة بناء أجهزة ومؤسسات أمنية في إفريقيا قادرة علي بسط الأمن والإستقرار ومكافحة الجريمة المنظمة و أن الصومال قادر علي مواجهة هذه التحديات إذا ماوجد دعما ومساعدة من القادة الأفارقة والمجتمع الدولي . ومن جهته اشار ابوسانجو الرئيس النيجيري السابق رئيس مجلس إدارة منتدي تانا إلي جهود الإتحاد الإفريقي في إرساء السلام والإستقرار في إفريقيا مبينا أن ما يحدث في مالي وإفريقيا الوسطي يمثل تحديا يجب علي الإتحاد مواجهته مشيرا إلي النجاحات التي حققها الإتحاد في الصومال والسودان . وقال أن تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية كفيل بايجاد حلول لمشاكل القارة مثمنا جهود رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس زناوي والحالي هايلي مريام في العمل من أجل انجاح المنتدى . وخاطب المنتدي ايضا الرئيس الرواندي بول كاقامي متحدثا حول رؤية رئيس الوزراء الراحل زناوي حول التنمية والديمقراطية في إفريقيا . وقال "إن زيناوي رحل ولكن افكاره ورؤاه ستبقي خالدة في أذهان الأفارقة ". وفي ذات السياق قال اللواء محمد احمد علي ممثل وزارة الداخلية في المنتدي ان الاجتماعات استعرضت عددا من الاوراق حول مكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز الامن في دول القارة، مبينا ان منتدي تانا تطرق الي مشكلة تجارة السلاح وما تشكلها من مهددات علي المنطقة باثرها. واوضح في استطلاع اجرته معه سونا علي هامش انعقاد المنتدي ان الاوراق تناولت قضية غسيل الاموال والاتجار بالبشر باعتبارها من القضايا المهددة للامن والاستقرار بالقارة، مبينا ان المنتدي يتم تنظيمه سنويا وينعقد بصورة غير رسمية في شكل مداولات وحلقات نقاش وحوارات تسهم في اثراء النقاش حول الشواغل الافريقية واهمية ايجاد حلول تشكل ضمانة لاستدامة الامن والاستقرار بالقارة . فإن مشاركة السودان في اعمال المنتدي كانت مثمرة وحققت نتائج ايجابية من خلال تقديم وفد السودان للتجارب والنماذج السودانية في حفظ الامن ومكافحة الجريمة المنظمة الأمر الذي جعل العديد من القادة الافارقة يشيدوا بتجارب السودان خاصة في مجال اشراك قطاعات المجتمع في الجانب الأمني من خلال الشرطة الشعبية والمجتمعية فضلا عن تجاربه في السلم وفض النزاعات من خلال التوقيع علي العديد من اتفاقيات السلام سواء مع الجنوب أو في دارفور وشرق السودان. وقد حظي خطاب رئيس الجمهورية المشير البشير امام المشاركين في اعمال المنتدي بقبول واستحسان منقطع النظير وذلك لما احتواه من أفكار ورؤي بشأن حل النزاعات ومكافحة الجريمة المنظمة حيث دوت قاعة فندق أفانتي بمدينة بحر دار الاثيوبية بالتصفيق الحار والمتواصل تعبيرا عن رضائهم واعجابهم بالكلمة وذلك لشموليتها واحاطتها بكافة القضايا التي تؤرق الأفارقة لاسيما قضيتي الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود. يذكر أن الدعوة لعقد هذا المنتدى جاءت امتدادا لتقليد افريقى عريق كان يتم بمقتضاه تجمع شيوخ القبائل الأفريقية تحت ظلال شجرة الباوباب للحديث عن القضايا الهامة لمجتمعاتهم المحلية ووضع المعالجات للمشكلات التي تواجهها. حيث أن فكرة المنتدى مستوحاة من هذه الشجرة الرائعة التى تمثل شعار المنتدى لمناقشة مستقبل السلم والأمن الأفريقي وفض النزاعات في افريقيا . ام/ام