تحتل المساجد في نفوس المؤمنين باعتبارها بيوت الله ، مكانة رفيعة ، وتحظى بهالة من الوقار والتعظيم والقدسية، وتُذَكر المساجد روادها بعظمة الخالق جل وعلا، فيستشعرون معيته، ويحسون بمناجاتهم إياه: "اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".لذا فإن المسجد يعد منطلقا لإشاعة التوجيه الديني، ومركزا للإشعاع الروحي ومحلا لأداء الفريضة الكبرى في الإسلام وشريعته الأولى، وهو المدرسة التي تلقى فيها أحكام الشريعة، وتعاليم الدين الحنيف، يجلو صدأ القلوب ويخلصها من أدران المادة الطاغية، يغذي النفوس وينير العقول، وهو مأوى أفئدة المؤمنين، وملتقى المصلين الذين يتلقون فيه كل يوم خمس مرات دروسا عملية في المساواة والطاعة والانقياد لرب العالمين.وتحقيقا لوحدة المسلمين وتمتينا لصفوفهم، وتطميناً لقلوبهم، ارتبط المسجد بشعائر ذات حكمة ومغزى بليغ، فيه تؤدى صلاة الجماعة والجمعة، وفيه يتحقق الاعتكاف، ويتدارس كتاب الله، واستمرارا لأداء رسالة المسجد ووظيفته السامية، تسخو نفوس المسلمين بالأموال التي يجرونها وقفا عليه، فكان الوقف مظهرا من مظاهر النبل والكرم والإنفاق والإيثار والتكافل الاجتماعي في الأمة الإسلامية، وهو الصدقة الجارية التي لا ينقطع أثرها وأجرها بعد الموت، وقد كانت المساجد وما زالت معالم ناطقة بفن العمارة الإسلامية الأصيلة والمتميزة بحيث يضع تخطيط المدن في العالم الإسلامي قديما وحديثا في أوليات اهتمامه موقع المسجد قلب الأمة النابض وروحها، فكانت المساجد في الإسلام من حيث شكلها الخارجي والداخلي معلمة تجسد عظمة الإسلام، وتخلد أصالة العمارة الإسلامية الأخاذة سعة وموقعا ومعمارا وهندسة وتخطيطا وبناء وصحنا ومحرابا وسواري وزخرفة ونقوشا وزركشة وخطوطا ومآذن ونافورات ومختلف المرافق والوسائل وغير ذلك مما ينشر النفع العام بين المسلمين، ويعلي شانهم بين الناس.والإسلام دين الفطرة والتوحيد والوحدة، واليسر والبساطة، ومن ثم جاءت طبيعة المسجد في الإسلام وفي عهوده الأولى تتماشى وحياة البداوة التي لم تتأثر بعد بظروف الضخامة في الإسراف والزينة.وللمسجد دور حقيقي في قيادة وتوجيه المجتمع الإسلامي فهو مركز الجماعة المسلمة، ونقطة تجمعها ولقائها ومكان تشاورها وتبادل أرائها، ومركز العلم والتعلم فيها، ودار العدل والقضاء، والخلية الاجتماعية الطاهرة التي تنبض بالحياة، يؤدي رسالة نبيلة تتمثل في تعليم كتاب الله تعالى ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ويعتبر منتدى عاما مفتوحا أمام الجميع، ونزلا للضيف والغريب، وملجأ للمسكين، وروافد للتعليم الأصيل.والسودان وبوصفه دولة إسلامية اولى دور العبادة والمساجد اهتماما خاصا تعظيما لرسالتها الدينية والاجتماعية ، وشهدت ساحاته قيام بعض المنظمات الطوعية التي تركزت اهدافها فى اعمار المساجد شكلا ومعنا لاستنهاض قوى الامة فى جميع قطاعاتها .ومن بين هذه المنظمات الرائدة فى هذا المجال منظمة اعمار المساجد التى تاسست عام2009م برعاية كريمة من النائب الاول لرئيس الجمهورية وعضوية عدد من المسئولين والخيرين ورجال البر والاحسان الذين جعلوا ثواب الله ورضوانه هدفهم فى الحياة .وتمحورت رسالة المنظمة في جعل المسجد الملتقي الرئيسي لمحاور المسلمين وقيادتهم للاصلاح بغرس قيم الدين والاخلاق الفاضلة وربط الامة بالمسجد وجعله نقطة التقائها وتوحدها واعمار المساجد بالتلاوة وحلقات الذكر والمدارسة والمساهمة في بناء وصيانة وترميم المساجد فضلا عن تعميق وترسيخ معاني التايش السلمي والتآخي ونشر وترويج ثقافة الحوار والسلام والعمل على ترسيخ دور المسجد الاجتماعي والخدمي والصحي .وفي سبيل تحقيق ذلك عملت المنظمة على تهيئة بيئة متميزة تجتذب رواد المساجد واشاعة روح التدين وجعل المسجد منطلق المناشط بصفة عامة ، المساهمة فى دعم العاملين فى المساجد ورعايتهم ، دعم وترقية الخدمات العامة والمرافق العامة والمشاركة فى تنمية الموارد البشرية ورفع قدراتها وذلك عبر عدد من الوسائل تتضمن المحاضرات والندوات، الاحتفالات والمناسبات، المؤتمرات والمنتديات ، الاصدارت، ورش العمل، المتابعة والتنسيق، تكريم المبدعين من الائمه والدعاة، وربط المساجد بالتقنية الحديثة .وقد حققت المنظمة جملة من الانجازات خلال الفترة السابقة رغم ميزانيتها المتواضعة التي تعتمد على الخيرين من ابناء هذا الوطن المعطاء تمثلت في اقامة اكثر من مائة وخمسين مسجدا من المساجد الصغيرة (تركيب ) في اماكن مختلفة من ولايات البلاد المختلفة وذلك عبر تعاون وثيق مع برنامج رعاية المهتدين برعاية كريمة من الشيخ احمد محمد علي الفششوية ، كما قامت سبعة وثمانين مسجدا ، بجانب فرش وتزويد اكثر من ثلاثين مسجدا بالحصير والمصاحف ، كما اقامت عددا كبيرا من المحاضرات والندوات الدعوية واللقاءات الاذاعية والتلفزيونية والمعارض والمشاركات الاجتماعية ، ومزكرات التفاهم والشراكات الاستراتيجية . ع أ