كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوات المسلحةً السودانية تسعة وخمسين عاما من العطاء
نشر في وكالة السودان للأنباء يوم 14 - 08 - 2013

أنجازات مشرقة للقوات المسلحةً السودانية في عيدها التاسع وا لخمسين‎ والأحتفال بعيدها القومي في 14أغسطس من كل عام تمجيدا وتخليدا لليوم الذي تولي فيه الفريق احمد محمد الجعلى قيادة الجيش السوداني من الضابط البريطاني الجنرال إسكونز في 14 أغسطس1954م كأول قائد عام للجيش السوداني . وجاء ذلك نتيجة للدور الذي لعبته القوات المسلحة في استقلال السودان وهو شرط قوة جيوش الحلفاء مع قوة دفاع السودان إذا شاركت قوة دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية فسوف يمنح السودان إستقلاله. وبالفعل شاركت قوة دفاع السودان في حرب شمال افريقيا وشرقها وأبلت القوات المسلحة بلاءًا حسنا وابرز الجندي السوداني شجاعة منقطعة النظير بقيادة اول قائد عام للجيش السوداني وتمت سودنة القوات المسلحة علي يده وتم جلاء القوات البريطانية والمصرية وكانت هذه هي النواة الاساسية لإستقلال السودان. ومنذ تكريم الفريق احمد محمد ما انفكت القوات المسلحة تحتفل بهذه الذكري المجيدة سنويا . وحينما تحتفل القوات المسلحة بهذه المناسبة يكون لهذه المناسبة مغزي ودلالات ومعان سامية وعظيمة الاثر في نفوس جنودها وشعورهم بالفخر والإعزاز والعزة والإباء. ويجي الاحتفال بالعيد التاسع والخمسين الذي يوافق الرابع عشر من أغسطس 2013 كما يوافق اليوم الختامي لفعاليات مهرجان الإبداع العسكري السنوي الذي درجت الإدارة العامة للخدمات والتوجيه على إقامته سنوياً , ويشهد الإحتفال السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع والسيد رئيس الأركان المشتركة والسادة أعضاء رئاسة الأركان المشتركة وعدد كبير من قادة القوات المسلحة والعمل السياسي والدستوري بالبلاد كما يشتمل الاحتفال على مجموعة كبيرة من الفعاليات الثقافية تتمثل في الجلالات العسكرية بما تحويه من جلالة الخطوة المعتادة والسريعة والأنشودة الدينية ونبر الحماس والدراما الى جانب العديد من الفقرات الثقافية المتنوعة إلى غير ذلك من الأعمال وتكريم الرعيل الأول من قادة القوات المسلحة . فى السودان كان تكوين الجيوش منذ القرن الثامن قبل الميلاد وقامت فيه و اشتهرت على النطاق العالمي كالمملكة الكوشية والمروية القديمة التي ظهرت بين القرن الثامن قبل الميلاد والرابع الميلادي, ثم تلي ذلك الممالك المسيحية النوبية في المقرة(علوه) ودنقلا (سوبا) مابين القرنين السادس والرابع عشر الميلادي ونتيجة لتدفق القبائل العربية .. منذ القرن الثالث عشر الميلادي ظهرت مماليك إسلامية في السودان كسلطنة الفونج والعبدلاب والفور والمسبعات وتقلي الإسلامية والممالك والسلطنات التي قامت في السودان اعتمدت اعتمادا كبيراً علي قوتها العسكرية في نشاطها وتكوينها وبقائها واستقرارها فالقوة العسكرية كانت دائماً وأبدا هي عماد هذه الممالك . مملكة كوش كانت القوه العسكرية هي عماد المملكه وكان الجيش يعمل علي النظام الطوعي غير النظامي حيث يتكون من أفراد متطوعين يتجمعون من القبائل المختلفة عندما تدعو الحاجة لذلك , فالمماليك القديمة لم تكن تعرف نظام الجيوش النظامية المستديمة أو المقاتلين المحترفين كما هو معروف حالياً في الدول الحديثة . كان التنظيم القتالي للجيش يتكون من الفرق وكانت كل فرقه تمثل أحدي القبائل التي تكون الجيش في المملكة كانت هذه الفرق مقسمه إلى عدة أقسام حسب نوع السلاح المستعمل فهنالك فرق رماة الأقواس وهذه الفرق مقسمه إلي وحدات صغري(كتائب) ويقود كل وحده ضابط كما كانت هنالك فرق المشاة التي تنقسم إلي عدة أقسام من حيث نوع الوقاية فقد كانو ينقسمون إلي مشاة خفيفة ومشاة ثقيلة أما من حيث التسليح فقد كانو ينقسمون إلي جماعة الرماح وجماعة الفؤوس وجماعة السيوف وجماعة المقاليع جماعة الخناجر وجماعة الهراوات "العصي الغليظة". أما فرق الفرسان فقد كانو ينقسمون إلي قسمين قسم يمتطون الخيول ويعملون كفرسان عاديين أما القسم الأخر فقد كانوا عن قوات راكبه فوق مركبات حربية أو عربات مجرورة, بالاضافه إلي المجموعات الثلاث رمات الأقواس, المشاة والفرسان . فقد كانت الجيوش الكوشية تملك بعض الصناع والفنيين والحدادين والنجارين والبنائين الذين كانوا يقومون بالمهام الهندسية من بناء القلاع والحصون وبناء السفن والقوارب وعمل أدوات الحصار من أبراج وسلالم خشبية. جيوش المملكة النوبية: اعتمدت المماليك النوبية علي القوة العسكرية في توطيد أركان حكمها وضمان استمرارها ويتكون الجيش من المتطوعين ويبدو ان الممالك قد ورثت التنظيمات العسكرية التي كانت سائدة من قبل في مملكة كوش حيث كانت طريقة تكوين جيوشهم مشابهة لتنظيم الجيوش في المملكة الكوشية حيث كان التنظيم يتكون من أفراد متطوعين يجمعون من القبائل الخاضعة تحت نفوذ هذه الممالك لخطر خارجي عندما تقوم المملكة بشن حروبات خارجية . ومن خلال ما ورد في كتابات المؤرخين العرب إن ملوك المقرة عندما يريدون جمع القوات يرسلون إلى الحكام لجمع أفرادهم والتوجه والانضمام إلى جيش المملكة وبعد انتهاء المهمة كان الأفراد يعودون إلى أقاليمهم وأعمالهم العادية ، كذلك كان الحال في مملكة علوه الذين كانوا يجمعون جيوشهم من الأقاليم التي كانوا يسيطرون عليها . أما تنظيمهم القتالي فقد استمرت الجيوش النوبية تعتمد على العناصر الثلاثة التي كانت تتكون منها جيوش مملكة كوش من قبل رماة الأقواس ، المشاة ، الفرسان بالرغم من أن الوثائق لم توضح طريقة تنظيم الجيش إلا أنه يبدو أنه كان يقسُم إلي وحدات كبري وصغري من فرق وكتائب ، أما من حيث التسليح فقد استخدمت الجيوش النوبية السهام والأقواس والسيوف والخناجر والمطارق والرماح وهى ما استخدمته جيوش مملكة كوش ويأتي الإختلاف فقط في المادة التي صنعت منها الأسلحة . سلطنة الفونج تمكنت القبائل العربية المتحالفة تحت ملك العبدلاب من إسقاط مملكة علوة وتأسيس أول مملكة إسلامية في السودان في عام 1504م كما تمكن الفونج من هزيمتهم في معركة أريجي وإنشاء سلطنة الفونج الإسلامية وبالتالي أصبح العبدلاب حلفاء الفونج . جيش السلطنة سلطنة الفونج كالممالك السابقة لها إعتمدت على القوة العسكرية في قيامها وتوسعها وبقائها فالقوة العسكرية ظلت عماد السلطنة منذ البداية وحتى النهاية . استفادت سلطنة الفونج في تنظيم وتسليح جيوشها من الموروثات التي اكتسبتها من مصدرين أساسيين فالمصدر الأول موروثات الجيوش الإسلامية التي حملتها القبائل العربية التي جاءت إلى السودان أما المصدر الثاني فمن موروثات الممالك السودانية السابقة كمملكة كوش والممالك النوبية . ولم تكن الاستفادة من النواحي التنظيمية والتسليحية فقط بل استفادت من النواحي القتالية أيضاً حيث تم تكوين وتنظيم الجيش في السلطنة على مرحلتين الأولي إعتمدت فيها السلطنة على الجيش التطوعي القبلي الذي يستدعي عند الحاجة ، أما المرحلة الثانية وهي المرحلة التي اعتلي فيها السلطان بادي أبو شلوخ السلطنة حيث شهدت هذه المرحلة إنشاء ( ولأول مرة في تاريخ السودان ) جيش ثابت أو جيش نظامي محترف .ويعتبر السلطان بادي أول من إستخدم جيشاً نظامياً حيث قام بتجنيد الرقيق كجنود نظاميين وقام بإسكانهم في قري خاصة بهم حول سنار , وتمثل كل قرية وحدة قتالية واحدة وفي كل وحدة قتالية قائد عسكري يشرف على هذه القوات . أما من حيث السلاح فقد إعتمدت السلطنة على الأسلحة البيضاء من سيوف ورماح وخناجر كأسلحة قتال أساسية لجيوشها منذ البداية وحتي نهاية السطنة وقد كان السيف هو السلاح الرئيسي لخوض المعارك ويتم إستيراد السيوف من مصر والجزيرة العربية والهند وتركيا بل بعض هذه السيوف كانت أوربية الصنع ، أما الرماح والخناجر فقد كانت في معظمها صناعة محلية أما أسلحة الوقاية والتي تتكون من الدروع والتروس فهي مصنوعة من جلود الحيوانات من افيال وأفراس البحر كما أن بعض الدروع كانت مصنوعة من الحديد . الأسلحة النارية -: لم تستخدم الممالك الإسلامية في إفريقيا الأسلحة النارية كأسلحة قتال أساسية إلا في أواخر القرن التاسع عشر على الرغم من وجود هذه الأسلحة في هذه الممالك منذ القرن الخامس عشر ولكن ذلك العصر يعتبر عصر فروسية وبطولة يتطلب مقابلة الاعداء وجهاً لوجه ويداً بيد فكانت الأسلحة البيضاء هي المناسبة لتحقيق ذلك الغرض . سلطنة الفونج كانت تواجه صعوبة في جلب الأسلحة النارية من أوربا حيث كانت عالية التكلفة وكذلك مشاكل جلب الذخيرة والبارود بالإضافة إلي مشاكل صيانة تلك الأسلحة ولكن رغم ذلك فكانت هنالك أسلحة نارية في السلطنة ولكنها بكميات قليلة . الحكم التركي -: في أخريات الربع الأول من القرن التاسع عشر أى في العام 1821م عرف السودان القوة العسكرية النظامية الحديثة ، في ذلك العام إجتاحت خيل محمد علي والي مصر مملكة سنار وبقية شمال السودان بسهولة عكست بوضوح التباين العميق بين القوة التقليدية والقوة حديثة التنظيم والتسليح . رأي محمد علي في السودان مستودعاً مادياً يحقق طموحاته الكبيرة وينهل منه لتمويل فتوحاته وملء صفوف جيشه بالرجال . وهكذا شرع فوراً بوضع أسس إدارة البلاد وقسمها إلي عدة مديريات تتبع له شخصياً , وكان يؤمل أن تعتمد البلاد علي نفسها وتدفع جزية إلي مصر في شكل مواش وأخشاب وحبوب وذهب وعاج ورقيق . ولكن ظلت القوة العسكرية هي أساس الحكم المصري فقد صمم الجيش المصري الجديد حسب أحدث النماذج الأوروبية . أقيمت معسكرات التدريب في أسوان في عام 1821م لتدريب الجنود السود . كان يتم تطعيمهم هنا ويعلمون الإسلام ويدربون علي أيدي ضباط عسكريين فرنسيين من الذين خدموا مع نابليون ، وقد أحضروا معهم الإنضباط العسكري الفرنسي ونظام الترقي حسب المقدرة والكفاءة وتكتيكات الصحراء . شاركت أغلب هذه الوحدات في الحملات في الشام والحجاز , بينما شكلت وحدات أخري للحماية الدائمة في السودان . بالإضافة إلي هذه الوحدات النظامية تم تجنيد مجموعات محلية غير نظامية تسلح وتدفع مرتباتها بواسطة ضباطها وتستخدم بكثافة لجمع الضرائب والإغارة علي القبائل المتمردة . بغض النظر عن سوء الحكم والإدارة الذي تميزت به فترة الحكم التركي والذي قاد في النهاية إلي الثورة المهدية التي قضت عليه , فقد تميزت بعض وحدات ذلك الجيش وأبلت بلاءً حسناً في حملات الشام والحجاز , كما أن الخديوي إسماعيل كان قد أرسل حملة لمعاونة الفرنسيين في المكسيك حيث نال الجنود السودانيون إعجاب وإطراء إمبراطور فرنسا . يذكر المؤرخون أيضاً أداء الجنود السودانيين في معركة التل الكبير سنة 1882م ضد الغزو البريطاني هو الأكثر تميزاً بين كل أفراد جيش عرابي برغم الهزيمة النكراء . ويذكر أحد المؤرخين أن الهجوم البريطاني وقع ليلاً وقد هب الجند من نومهم مذعورين وولوا الأدبار لا يلوون علي شئ إلا السودانيين منهم فقد ثبتوا في مواقعهم حتى فنوا عن أخرهم . برغم هذه الإشراقات الوضاءة إلا أن سماء إحترافية ذلك الجيش كانت ملبدة بغيوم سوء الحكم وظلم الحاكمين , وقد إنعكس كل ذلك علي الجيش , أداة الحكم الرئيسية الذي انقلب أفراده إلي جباة ضرائب غلاظ وأحياناً نخاسين يتعاملون في تجارة الرقيق ، فتدنت الإحترافية وتراجعت حتى انهارت تحت ضربات الثورة المهدية المتلاحقة التي قضت عليها قضاءا مبرماً . جيش الثورة المهدية -: بإنتصار الثورة المهدية دخلت البلاد في حقبة وطنية يجوز أن نسميها الإستقلال الأول . ولقد إتسمت هذه الفترة بالراديكالية الثورية وكان جيش المهدي يعكس بالضرورة والتكوين السياسي للدولة . إستفاد جيش المهدية من إستيعاب الأفراد الذين خدموا مع جيوش الجلابة الخاصة أمثال الذين خدموا مع الزبير باشا ود رحمة وإبنه سليمان الزبير وكل الجلابة الذين طردهم غردون باشا من الجنوب قد شكلوا النواة الصلبة لجيش المهدية , وقد لمع منهم البعض كقادة متميزين في حروب المهدية مثل حمدان أبو عنجة والزاكي طمل وآخرين . بعد وصول المهدي إلي جبل قدير إستخدم المهدي الجبال المحيطة به كخط دفاع أول ومركز لتلقي المعلومات عن العدو كما عُني بتدريب جيشه الصغير بوحدات متماسكة وبعد فتح الأبيض واستيلائه علي السلاح والعتاد أعاد الإمام محمد أحمد المهدي و تنظيم جيشه علي النحو التالي :- - فرسان الاستطلاع . - قوة الاقتحام الرئيسية . - قوة النيران . - وبعدها إضطر الإمام المهدي إلي تكوين رئاسة ميدانية
نسبة لتوسع الجيش وجاء تكوينها كالآتي:- الخلفاء الثلاثة. قاضي الإسلام. أمين بيت المال . وبعد وفاة الإمام المهدي قام الخليفة عبد الله التعايشي بتنظيم الجيش في مناطق عسكرية ومن ثم توزيع القوات إلي عدة تنظيمات وكانت أم درمان هي مقر القيادة العسكرية . ولكن جيش المهدية ظل تقليدي التسليح ولم يستطع الحصول علي أي معدات وأسلحة وذخائر خلافاً عن تلك التي غنمها من الحاميات المصرية التي إجتاحها , كما أن مصر وبريطانيا أحكمتا حصارهما علي البلاد فلم يكن هناك سبيل للإتصال بالعالم الخارجي . وفي النهاية أسدل الستار علي أول دولة وطنية مستقلة في إفريقيا بهزيمة جيوشها في لقاء غير متكافئ في الثاني من سبتمبر 1898م علي سهل كرري بأمد رمان بين جيشين أحدهما تقليدي الإعداد والتسليح والآخر حديث الإعداد يتسلح بأحدث ما أنتجته الثورة الصناعية من رشاشات وبنادق حديثة ومدفعية سريعة الطلقات. الحكم الثنائي- : أسدل الستار علي الدولة المهدية ودخلت البلاد في فترة حكم أجنبي للمرة الثانية خلال قرن واحد ولكن شكل الحكم إختلف هذه المرة وبدلاً عن دولة تمارس الحكم أحادياً كما في السابق ، تقاسمت بريطانيا ومصر حكم البلاد فيما إصطلح علي تسميته بالحكم الثنائي . كانت هذه الصيغة للحكم غير مسبوقة في العلاقات الدولية وقد قادت إلي الكثير من الغموض في الموقف السياسي الأمر الذي إنعكس سلباً رغم أن الواجب الرئيسي للقوات المسلحة في مناطق العمليات هو المحافظة على الأمن و الاستقرار ،حماية المواطنين والتصدي لقوات التمرد الا أنها لم تلقي تقديراتها الحلول السلمية لمشكلة الجنوب ،فالقوات المسلحة هي الفيصل المكتوي بنار الحرب وويلاتها ونتائج الحرب وآثارها . هذا بالإضافة إلى إن القادة والضباط الذين يعملون في مناطق العمليات يعايشون الواقع الفعلي في مناطقهم ويعايشون ما يعانيه المواطنون خاصة كبار السن والنساء والأطفال ،وهؤلاء كانت القوات المسلحة تقف معهم وتساعدهم وتقوم بحمايتهم ،كل هذه العوامل جعلت القوات المسلحة تقوم بعمل مزدوج احد أطرافه تحقيق الأمن والاستقرار والطرف الثاني إقرار السلام والتنمية . يمكن إرجاع دور القوات المسلحة في جهود السلام إلى عام 1955 م عقب حوادث تمرد الفرقة الاستوائية بتوريت . فبعد سيطرت القوات المسلحة على الموقف وكسر شوكة التمرد وجه رئيس الوزراء (آنذاك ) إسماعيل الازهرى نداء للمتمردين الفارين لتسليم أسلحتهم كما قام الحاكم العام بإجراء مماثل .وفى هذه الفترة قامت القوات المسلحة بجهد مساعد لهذه النداءات حيث قامت وبصورة فعالة وبمساعدة السلاطين بتوزيع المنشورات التي تخص المتمردين لتسليم أسلحتهم . غير إن الدور الرئيسى للقوات المسلحة جاء بعد تسليم المتمردين لأنفسهم وسلاحهم . فقد تحلى رجاله بأقصى درجات ضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف والانتقام وذلك رغم الأعمال الوحشية التي ارتكبها المتمردون ضد المدنيين من النساء والأطفال وضد العسكريين ،كما اتسمت تصرفات القادة بالحنكة وممارسة أقصى ضروب الضبط والسيطرة على جنودهم . وقد أشاد الحاكم العام بهذه التصرفات المتميزة وذلك في خطاب شكر أرسله للقائد العام للقوات المسلحة . في الفترة الستينات قامت القوات المسلحة بإنشاء قرى السلام وحمايتها مما جعل إعدادا كبيرة من المواطنين تلجا إليها .وهذه الفترة هي التي عاود فيها قادة التمرد نشاطهم بعد إطلاق سراحهم . بالإضافة إلى هذه القرى كانت القوات المسلحة تقوم بتوزيع كافة إشكال العون الذي يصل من الحكومة لسكان هذه القرى العائدون من حركة التمرد كانوا دائما يلجئون إلى مواقع القوات المسلحة حيث يعاملون معاملة كريمة ويقدم لهم الغذاء والكساء كما تقدم لهم الحماية حتى يصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم بالعمل في الزراعة أو اى موقع آخر . بالإضافة إلى حماية المواطنين كانت القوات المسلحة تقدم خدمات أخرى لهم . ففي المناطق التي لا توجد بها مستشفيات مدنية كانت القوات المسلحة تقدم خدماتها الطبية للمواطنين الموجودين في مناطقها ، وقد رصدت حالة فريدة في حامية غرب الاستوائية (مريدي ) في نهاية الستينات حيث اتصل "حكمدار " احد النقاط الخارجية برئاسة الحامية طالبا إخلاء مريض مدني حالته خطرة .ولم تكن برئاسة الحامية آنذاك سوى عربة واحدة تركت احتياطيا حيث إن كل العربات خرجت في مهام مختلفة . ورغم ذلك خاطر ركن عمليات الحامية وأرسل العربة للمريض والذي تم إخلاؤه وإنقاذ حياته . المواطنون الذين تضطرهم ظروفهم للتحرك لأي موقع بالجنوب كانوا يجدون عونا من القوات المسلحة والتي كانت تسمح لهم بركوب عرباتها خاصة في المناطق التي لا تتحرك إليها الأطراف التجارية . حاميات القوات المسلحة كانت تشارك المواطنين احتفالاتهم خاصة أعياد الميلاد ، حيث كانت تنظم منافسات رياضية بجانب منافسات آخري مفيدة . وكان ضباط هذه الحاميات يقومون بشراء الهدايا للفائزين . الأمر الذي يكون له وقع حسن المواطنين ويزيد من فرحتهم بهذه المناسبة . ثورة 17 نوفمبر 1958 م ترسب في أذهان الكثير من السودانيين إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي حكم البلاد من نوفمبر 1958 م وحتى أكتوبر 1960 م قد تبنى الخيار العسكري لحل مشكلة الجنوب ولم يقدم أية مبادرات لحل المشكلة سلميا . وهذا الاعتقاد خاطئ ساهمت في ترسيخه المعارضة الشمالية والجنوبية بجانب النشاط الكنسي المعادى للبلاد والمرتبط بالإعلام الاجنبى . وكانت كل هذه الجهات تثبت دعاية مفادها إن المجلس الأعلى يرسخ الحل العسكري لمشكلة الجنوب. غير إن الواقع يؤكد غير ذلك , فقد قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدة خطوات نحو حل المشكلة سلميا كما قيل مبادرات قدمها مواطنون سودانيون بينما قدم المجلس نفسه بعض المبادرات . يمكن إجمال الجهود السلمية التي قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الآتي : (1) منذ استيلاء الجيش على السلطة في 17 نوفمبر 1958 م أعلن الفريق عبود العفو العام عن الذين شاركوا في حوادث توريت عام 1955 م وفروا إلى مناطق آخري بأسلحتهم داخل وخارج البلاد . (2) في عام 1963 م تم إطلاق سراح أكثر من ستين شخصا من قادة التمرد ومعاونيهم والذين شاركوا في الحوادث وتمت محاكمتهم. وكان على رأسهم الملازم تفنج لادنقى احد قادة التمرد . ولكن هذه المجموعة عادت بعد فترة إلى صفوف التمرد . (3) قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مذكرة قدمها د.محي الدين صابر تضمنت دراسة للأحوال السياسية والاقتصادية والانثروبولجية للجنوب كما تضمنت توصيات على طريق الحل السلمي للمشكلة . وكانت من أهم التوصيات وضع خطة تنمية اقتصادية واجتماعية للجنوب ، إنشاء جهاز متخصص للمناطق المختلفة ، الاتصال بدول الجوار التي بها لاجئين وحثها على إعادتهم لبلادهم ، الاهتمام بالمسائل الإفريقية وتأمين الحركات الوطنية ، إبعاد الجنوبيين عن نفوذ الإرساليات وإنشاء شبكة قومية للمعلومات . بعد قبول المذكرة شرع المجلس الأعلى في تفيدها الا إن غياب العمل المنظم والتنسيق بالإضافة لبطء العمل الديواني أعاق تنفيذ هذه التوصيات . (4) إنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو جهازا يعمل على ربط وتنسيق الوحدات الحكومية ومنحة بعض الصلاحيات . و تم على ضوء ذلك تكوين لجنة لتطوير الجنوب في 1963/1/19 م بناء على توصية وزير الداخلية اللواء محمد احمد عروة.ضمت اللجنة وكلاء وزارات الداخلية، الخارجية والمالية، مدير الأركان حرب العام، مديري الوزارات الحكومية ومدير مجلس التنسيق. ونسبة لطبيعة تكوين اللجنة من مسئولين حكوميين يقضى تفرعهم كاملا لها فلم تتمكن اللجنة من انجاز مهمتها . اقتراح وزير الداخلية اللواء مجمد احمد عروة أعادة تشكيل لجنة وكلاء الوزارات من هيئة أعلى من تكوينها الأول على إن تقوم الهيئة الجديدة بالآتي: أ . دراسة مشكلة الجنوب دراسة شاملة لكل جوانبها مع استبعاد دعاوى الفيدرالية أو الانفصال. ب. إزالة مشكلة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب . إشاعة الثقة والتفاهم بين المواطنين بهدف تعميق الوحدة الوطنية ونشر الوعي القومي . نسبة لازدياد نشاط الخارجين عن القانون في نهاية عام 1963 م فلم تتمكن الحكومة من تنفيذ مقترح وزير الداخلية حيث أنها انشغلت بمواجهة النشاط المعادي . في عام 1962م قدم وزير الداخلية اللواء محمد عروة مذكرة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة تتعلق بإصدار قانون للعفو العام . وقد وافق المجلس على مذكرة العفو العام واصدر وزير الداخلية القانون في 1963/3/2م . و قد شمل العفو جميع الجنوبيين الذين حوكموا أو حكم عليهم غيابيا والذين لا يزالوا مطلوبين للمحاكمة عدا جرائم القتل . في نهاية سبتمبر 1964م جرت اتصالات بين وزير الداخلية ( آنذاك ) اللواء محمد عروة وبين سلطان منطقة ياي والذي هرب إلى شرق الاستوائية. وجرت هذه الاتصالات عن طريق أحد القناصل السودانيين بالخارج . (5) كما تما الاتفاق على عقد اجتماع بكمبالا بالتنسيق مع وزير الداخلية اليوغيدى وكذلك كخطوة تنسيقيه لوضع الترتيبات اللازمة لعقد اجتماع مع زعماء التمرد خارج البلاد ،وكان من المقرر أن يزور وزير الداخلية اليوغندى السودان خلال احتفالات نوفمبر 1964 م غير إن إحداث أكتوبر 1964 م حالت دون استكمال هذه الاتصالات . في سبتمبر 1964 شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لجنة سميت باللجنة القومية لشئون الجنوب وكانت مكونة من خمسة وعشرين عضوا برئاسة احمد محمد يسن وذلك في محاولة لحل مشكلة الجنوب . وقد كلفت اللجنة بدراسة الأسباب التي أدت إلى عدم الوفاق بين الشمال والجنوب ورفع توصيات تتعلق بكيفية إعادة الثقة بين الطرفين وإعادة الأمن والاستقرار دون المساس بالهيكل الدستوري وبمبدأ الحكومة الوحدة (1) وقد ترتب على ذلك الموافقة على قيام الندوات والمحاضرات وسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم حول مشكلة الجنوب . وقد قاد النقاش إلى إن حل مشكلة الجنوب يكمن في زوال الحكم العسكري وعودة الحياة الديمقراطية . وهذا جعل الحكومة تعدل عن رأيها وتحظر هذه الندوات والاجتماعات . فترة مايو 1969-1985م بعد أسبوعين من استيلاء القوات المسلحة على السلطة في25 مايو 1969م أعلن العقيد ا.ح جعفر محمد نميري رئيس مجلس قيادة الثورة عن سياسة المجلس تجاه مشكلة الجنوب في بيان 9يونيو 1969م وقد أكد البيان الاعتراف بوجود فوارق تاريخية وثقافية بين الشمال والجنوب طالب بقيام اشتراكية ديمقراطية في الجنوب تضع يدها على الحركة الثورية في الشمال لتحقيق الأهداف التقدمية وحتى تتمكن الحركة الديمقراطية في الجنوب من تولى زمام السلطة . ودعا البيان المواطنين الجنوبيين الموجودين بالخارج للعودة والمشاركة في بناء الوطن . بعد صدور البيان شرع مجلس قيادة الثورة في العمل على شرح السياسة الجديدة للجنوب داخل وخارج البلاد فسافر وزير الجنوب إلى يوغندا في يوليو1969م قام رئيس مجلس قيادة الثورة بطواف على المديريات الجنوبية .حيث دعا إلى السلامة الاقتصادية وطالب المتمردين بإلقاء السلاح والعودة للبلاد . كما أعلن عن تمديد فترة العفو العام من أكتوبر 1969م إلى أكتوبر 1970م إلى أكتوبر 1971م نتيحه لهذه السياسة ارتفعت إعداد العائدين للجنوب . من أهم الانجازات التي حققها العسكريون في هذه الفترة هي توقيع اتفاقية أديس ابابا للسلام في مارس 1972م وقد ساعدت ثلاثة عوامل على نجاح الاتفاقية هي : 1: وجود قيادة متناسقة وموحدة لكلا الطرفين ، قيادات في موقف يمكنها من تقديم التنازلات الضرورية 2: قبول الحكومة المركزية للتفاوض مع الذين مارسوا القتال المسلح 3: اشتراك الوسيط الذي كان في موقف يمكنه من التأثير على الطرفين . القيادات التي أشار إليها هي قيادات عسكرية حيث كان على رأس السلطة في الشمال وعلى رأس المعارضة في الجنوب عسكريون تخرجوا في كلية حربية واحدة ويفهمون لغة البعض هذا أدى إلى التقارب بينهم وتوصيلهم إلى السلم . فترة المجلس العسكري الانتقالي 1985م-1987م بعد انجاز القوات المسلحة لجانب الشعب السوداني واستيلائها على السلطة في 6 ابريل 1985م بقيادة المشير الركن عبد الرحمن سوار الذهب . و بعد اكتمال تشكيل المجلس العسكري الانتقالي قدم المجلس مبادرة إلى قيادة التمرد للجلوس والتفاوض لحل مشكلة الجنوب سلميا. وعدم قادة التمرد بالرد على مبادرة المجلس عبر مدينة الناصر وقد وصل الرد
إلى مدينة الناصر بعد عدة أيام ثم أرسل بلاسلكي إلى ملكال ثم إلى الخرطوم وذلك بعد أسبوعين من إطلاق المبادرة . وكان الرد سلبيا لا يتماشى مع صدق نوايا المجلس العسكري الا نتقالي .وكان اخطر ما صاحب هذا الرد هو استغلال فترة إرسال الرد في التقرب من العناصر وحصارها . خلال فترة المجلس العسكري الانتقالي بدأت القوات المسلحة في الاتصال ببعض القيادات العسكرية الجنوبية الرافضة للحرب التي انطلقت مرة أخرى في عام 1983 م.وقد استجاب عدد من هؤلاء القادة لمبادرة القوات المسلحة الرامية إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار. و كان هؤلاء القادة ينتمون لمناطق غرب النوير وقد أدت استجابتهم إلى استقرار المنطقة وعودة المواطنين لممارسة حياتهم الطبيعية في جو آمن. . فترة ثورة الإنقاذ الوطني بادر مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني إلى إعلان إن احد أسباب قياد الثورة هو حل مشكلة الجنوب ثم اتخذ المجلس خطوة أخرى بإعلان العفو العام عن كل حاملي السلاح ودعوة المعارضين للعودة إلى البلاد . وجرت بعد ذلك اتصالات مع حركة قرنق وعقدت اجتماعات مع قياداتها في نيروبي أغسطس 1989م وأديس ابابا أغسطس 1989م نيروبي مرة أخرى في نوفمبر، ديسمبر 1989م تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، وألمانية (فرانكفورت) في يناير 1992م . أكثر الخطوات أهمية كانت إصدار مجلس الثورة لقرار بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام وقد انعقد المؤتمر في الفترة من 9 سبتمبر 1989م. وكان المؤتمر قد كون ست لجان فرعية تحسست كل جوانب مشكلة الجنوب ، وهي لجنة الخلفية التاريخية ، لجنة المعالجات السابقة و لجنة بحث أثار ونتائج الحرب ولجنة خيارات الحلول ولجنة الإعلام ولجنة التوثيق .ورفع المؤتمر توصيات إلى السيد رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في يوم الختامي للمؤتمر وهو 21 أكتوبر 1989م وذلك في احتفال رسمي . وقد قدمت التوصيات بكل القضايا المهمة المرتبطة بمشكلة جنوب السودان . علي رأس الاعتراف بالتنوع الثقافي وإعتماد خيار الحكم الاتحادي اقتسام السلطة ، التوزيع العادل للثروة ، علاقة الدين بالدولة وهوية الدولة (22) أجاز مجلس الوزراء هذه التوصيات وأعتبرها برنامج الحكومة للتفاوض من أجل الوصول إلي السلام . في نوفمبر 1994م أصدر رئيس الجمهورية قرار تكوين المجلس الأعلى للسلام برئاسته وعضوية تسعة وثمانين آخرين وتولي المجلس الأوضاع المهمة بتحقيق السلام وقد ضم المجلس ممثلاً للقوات المسلحة وذلك اعترافا بدورها . بادرت بعد ذلك حكومة نيجيريا وأبدت استعدادها باستضافة مفاوضات السلام وبعد موافقة الطرفين عقدت الجولة الأولي من المفاوضات في 24 مايو 1994م بأبوجا وقد تم الاتفاق علي عدد من النقاط إلا أن الحركة تنصلت عن الاتفاق ثم عقدت المباحثات التمهيدية لأبوجا الثانية في أبريل 1993م ثم تلتها الجولة الثانية 26 أبريل 1993م وقد تم التوصل إلي إتفاق حول قسمة الثروة والسلطة وبدأ التحضير للصياغة النهائية والتوقيع علي الاتفاق وللمرة الثانية تتنصل حركة قرنق بإدخالها لشروط تعجيزية أدت إلي إعاقة التوقيع علي الاتفاق . مع نهاية ولاية الرئيس بابا نجيدا لم يكن من الممكن مواصلة نيجيريا في وساطتها ولهذا انتقلت بعد ذلك مفاوضات السلام إلى منظمة الإيقاد وذلك بطلب من الرئيس السوداني عمر البشير. وقد بدأت أول جولة من المفاوضات تحت مظلة الإيقاد في نيروبي في الفترة من 17 _23 مارس 1994 م أعقبها جولة أخرى في الفترة من 17 _20 مايو 1994 وثالثة في الفترة من 19 _29 يوليو 1994 م. وفي كل هذا الجولات لم يتم التوصل إلى اتفاق غير إن باب المفاوضات ظل مفتوحا واستمرت المفاوضات على فترات متباعدة. غير أنها توقفت ثم بدأت مرة أخرى في عام 1998م . بينما تواصلت المفاوضات مع حركة قرنق بالخارج واصلت القوات المسلحة جهودها نحو السلام من الداخل .فمنذ بداية التسعينات انتقلت القوات المسلحة بجهودها نحو ولاية أعالي النيل ، ومناطق شمال وشرق الاستوائية . وكانت النتائج كبيرة جدا . وتعتبر القوات المسلحة سابقة في هذا المجال فقد عملت لوحدها وحققت نجاحات باهرة . وقد سخرت القوات المسلحة كل إمكانياتها الاتصالات والإمداد . كما خصصت جزءا من ميزانيتها لهذه الجهود . وكلها كانت في نفس الوقت تقوم بواجبها الاساسى وهو الذود عن الوطن وترابه وحماية المواطنين وتحقيق الاستمرار لهم . وقد قدمت القوات المسلحة الشهداء على طريق السلام مثلما قدمت الشهداء في مناطق العمليات . استمرت القوات المسلحة منذ بداية التسعينات في تأسيس وحماية قرى السلام وقد بلغ عدد القرى التي أسستها القوات المسلحة حتى عام 1995م ست وخمسين قرية في منطقة الاستوائية . وقد تعاملت القوات المسلحة بمستوى عالي من التسامح على المواطنين وأصبحت تقوم بدورين امني وخدمي في مناطق العمليات خاصة في ولاية أعالي النيل حيث توقفت بعض المدارس بسبب الموقف الأمني وعدم وجود مدرسيين قامت القوات المسلحة في أعادت فتح هذا المدارس وصار الضباط يقومون بالتدريس والإشراف وذلك وفق المنهج الذي أعدته وزارة التربية والتعليم وقد تلاحظ إن المواطنين كانوا يعترضون على غيار القوات التي كانت تدير مدارسهم ويطالبون ببقائها معهم . تعتبر القوات المسلحة الأكثر ريادة في مجال سلام الداخل حيث نجحت في التوقيع على سبع اتفاقيات مع الفصائل الرافضة للحرب ممثله في القبائل والمناطق . وكان آخرها اتفاقية الناصر مع قبيلة النوير بقيادة د. رياك مشار رئيس حركة استقلال جنوب السودان والتي وقعت في 1 مارس 1996م وأصبحت في وقت لاحق اتفاقية الخرطوم للسلام . وكان للقوات المسلحة الدور الأعظم في هذه الاتفاقيات حيث تمكنت من الوصول إلى القادة العسكريين والمدنين لهذه القبيلة . كما شاركه القوات المسلحة في صياغت الجوانب العسكرية للاتفاقيات . وقد انضم لهذا العمل الشهيد المشير الزبير محمد صالح . للاتصالات واللقاءات التي تمت كانت محفوفة بكثير من المخاطر والتي تعرض لها المشاركون فيها . غير أنهم لم يبالوا بهذه المخاطر واصلوا اتصالاتهم حتى تكللت مساعيهم بالنجاح. انضمت مجموعة بحر الغزال لاتفاقية الناصر وتم التوقيع على ميثاق سمي بالميثاق السياسي في ابريل 1996م بحضور السيد رئيس الجمهورية بالقصر الجمهوري وقد وقعت الميثاق الحكومة، حركة استقلال جنوب السودان بقيادة د. رياك مشار مجموعة بحر الغزال بقيادة كاربينو كوانين . في وقت لاحق انضمت للميثاق السياسي مجموعات أخرى هي اتحاد الأحزاب الإفريقية السودانية، قوة دفاع الاستوائية، مجموعة بور، ثم مجموعة جنوب السودان المستقلة. و قد تم سياق الميثاق السياسي في اتفاقية وقعت علية الأطراف المذكورة أعلاه مع الحكومة 21 ابريل 1997م في احتفال رسمي وبحضور رئيس الجمهورية وسط حضور عربي و إفريقي وعالمي. وقد حملت الاتفاقية اسم اتفاقية السلام. ومازالت القوات المسلحة تواصل الجهود من أجل الوطن . وجه الفريق أول مهندس ركن عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع القوات المسلحة بمختلف قطاعاتها في كل الفرق العسكرية بكل أنحاء السودان للعمل جنباً الى جنب مع المواطنين المتضررين من السيول والامطار لهذا العام , واضعاً كل إمكانات وزارة الدفاع على أهبة الإستعداد لخدمة المتضررين في كل أنحاء القطر .وقال العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة إن هذا التوجيه يأتي عقب الجهود المقدرة التي ما زالت القوات المسلحة تبذلها في اغاثة ونجدة المتضررين من السيول والامطار منذ اليوم الاول لبدايتها ما زالت القوات الجوية وعبر طيرانها الحربي تواصل جهودها المكثفة في الإستطلاع ونقل المسؤولين وإغاثة المتضررين في كل بقاع السودان . وهذه هى القوات المسلحة السودانية ظلت ومازالت تواصل العمل من أجل الوطن الغالى السودان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.