اوضحت التجربة التاريخية للشعوب التي تمكنت من بناء أنظمة ديمقراطية متينة أن الشرط الأساسي لقيام هذه المنظومة واستمرارها يتمثل في مدى قدرة الأطراف السياسية المتباينة على تنظيم الحوارات بهدف الوصول إلى التوافقات بمختلف أنواعها؛ ففي فضاء الحوار لا يوجد طرف خاسر وآخر رابح، كما هي الحال في آلية التفاوض، بل تتم العملية من خلال نقاشات واسعة صريحة وشفافة بين كافة الأطراف السياسية بدون أفكار مسبقة وصولاً إلى التوافق بين الآراء المتعددة وهو ما يتطلب التنازل المتبادل بشكل متواز ومتساو، وعدم التمسك بأقصى الأهداف، وعدم وضع الشروط المسبقة، وعدم اللجوء إلى التهديد من أجل الإقناع، واعتماد المرونة في التعامل مع الأهداف، وكذلك في الوسائل المستعملة. لقد وجدت مبادرة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية حول الحوار الوطني السوداني والتى اعلنها في السابع والعشرين من يناير الماضى تأييداً محليا واسعا و إقليمياً ودولياً. وعلى سبيل المثال (محليا)و بتاريخ 14 ابريل 2014م قال رئيس حزب الأمة الامام الصادق المهدي فى حلقة من برنامج (فى العمق) بقناة الجزيرة القطرية إن النظام السوداني مستعد لإجراء حوار مع جميع القوى السياسية بالبلاد بدون سقف مطالب محدد, وفى ذات الحين دعا الحكومة للاستجابة لمطالب المعارضة حتى يكون الحوار بمثابة عملية استباقية لربيع عربي داهم يهدد السودان .. وحول السيناريو المستقبلي للأزمة السياسة في السودان، توقع المهدي أن تتوصل الحكومة للاتفاق مع الأطراف الأخرى للبحث عن حل قومي، وقال الصادق المهدي( النظام قال الآتي: أنا مستعد أجري حوار مع الكافة بلا استثناء وبلا سقوف ونحن قلنا إذن نحن نقبل هذا الحوار بهدف أن تأتي مائدة مستديرة أو مؤتمر قومي دستوري ليحسم قضية السلطة في السودان لقيام نظام ديمقراطي كذلك لتحقيق السلام العادل الشامل، هذا ما قلناه نحن ونعتقد حتى الآن النظام لم يرفض هذا المشروع بل تحدثنا في آخر اللقاء عن آليات لمناقشة هذه الفكرة) كما اضاف المهدى انهم يتفقون على تكوين مجلس قومي للسلام، وليست الحكومة وحدها بل مجلس قومي يشمل القوى السياسية ويكون هو المخاطب للجهة الأخرى، والجهة الأخرى إذا كان أعلنت التخلي عن الإطاحة بالنظام بالقوة لان إطاحة النظام بالقوة إذا أمكن أن تحدث ستؤدي إلى دكتاتورية ثانية ولذلك التخلي عن هذا والتخلي عن أي فكرة لتقرير مصير لأي جزء من السودان يعترف بها ويدخل المجلس القومي للسلام مع الجبهة السودانية الثورية في حوار للاتفاق على المكتسبات التي تمت حتى الدوحة، وما بعدها اتفاق سلام شامل يدخل في الدستور الحزب الشيوعي السوداني اعلن "إنه لا يرفض الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير، وإنما يتحفظ على طريقة إدارته"، وطالب بعقد مؤتمر جامع لمناقشة كافة قضايا السودان، للوصول لاتفاق سياسي طويل الأمد، عبر خطة تصبح خارطة طريق لحل القضايا وقال القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف : "إنه إذا تم الاتفاق على المؤتمر الجامع وخارطة الطريق لحل القضايا، فسينتهي الخلاف السياسي على من يحكم داعيا ان يشمل الحوار الوطني جميع الأحزاب. ودوليا تمثَّل في ترحيب جامعة الدول العربية و الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأميركية حيث اكدت رئيس، مفوضية الاتحاد الإفريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، التزامها بمساعدة السودان، عن طريق الآلية رفيعة المستوى، لإنجاح الحوار الوطني مع القوى السيايسة، ودعت المجتمع الدولي الى ان يكون على أهبة الاستعداد لدعم السودانيين في السعي لإقامة نظام سياسي جديد مرحبة بالانطلاق الرسمي للحوار التشاوري في السودان وقالت إن الاجتماع الأول يُعد خطوة هامة تهدف إلى الانتقال بالسودان إلى نظام سياسي جديد، يتم من خلاله مُخاطبة قضايا الديمقراطية، الإصلاح الدستوري، الاستقرار الاقتصادي، الحلول السلمية للنزاعات وقضايا التنوع بشكلٍ فعَّال كما هنأت جميع الاحزاب السياسية التى شاركت فى الاجتماع الاول لمساهمتها البناءة والصريحة، التي من شأنها أن توجه عملية الحوار الوطني، وتساعد على تصويب جهود عمل اللجان المختلفة التي ستنشأ كما أعرب مبعوث الجامعة العربية لدى السودان السفير صلاح حليمة، عن أمله أن يكون الحوار الوطني سودانيًّا خالصًا دون تدخل خارجي مناشدا الحركات المسلحة للمشاركة في الحوار الوطني والاستجابة للقرارات التي أعلنها الرئيس عمر البشير، داعيًا الحركات المسلحة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى اتخاذ مواقف إيجابية فيما يتعلق بمفاوضات أديس أبابا ) ) اذن اكتسبت وفقا لما سبق التجربة السودانية الحالية زخما دوليا متابعا لها واستطاعت ان تقفز قفزتين الاولى افقية على مستوى السودان (جغرافية سياسية) حيث شملت الدعوة للحوار كل الوان الطيف السياسى والتنظيمات السياسية دون اقصاء لاحد حتى الحركات المعارضة المسلحة التزمت الرئاسة بتوفير ضمانات السلامة والتأمين لحضورها ومشاركتها فى جلسات الحوار والقفزة الرأسية صوبت نحو العالم الخارجى ولكافة منظمات المجتمع المدنى العالمية تفيد ان الحريات العامة متاحة حرة وتكوين الاحزاب متاح والحركة السياسية بكل فعالياتها حرة دونما قيود . واستطاعت بالتالى حركة الحوار السياسى النشط خلال الاشهر الثلاث المنصرمة عبر مساراتها الثنائية والجماعية الى السير صوب عقد الحوار الوطنى بكل مطلوباته واجندته واليته حتى يحقق الاهداف الوطنية المرجوة وحتى ينعم السودان عبر الاتفاق والوفاق بالسلام والاستقرار ووقف الاحترابات والتنمية المستدامة وتداول السلطة سلميا وهكذا.