- قال مولود تشاووش أوغلو، في مقال كتبه بمناسبة القمة الثانية بين تركيا وأفريقيا التي مقرر عقدها في 19-21 نوفمبر الجاري بدولة غينيا الإستوائية تحت شعار (منهج جديد للشراكة لتعزيز التنمية المستدامة والتكامل في أفريقيا)، إن علاقات تركيا بالدول والشعوب الأفريقية ذات جذور تاريخية، معتبراً أن سياسة إنفتاح بلاده على أفريقيا ناجحة تماماً، حيث تنطلق تركيا من قاعدة (القضايا الأفريقية تتطلب حلولاً أفريقية). وأشار خطاب الوزير التركي إلى أن القمة الثانية المقرر عقدها في دولة غينيا الإستوائية سيتم فيها إعتماد وثيقتين هما (الإعلان وخطة التنفيذ المشتركة للأعوام 2005-2015م). وفيما يلي تورد (سونا) المقال الذي تلقت نسخة منه: تركيا - افريقيا : تضامن و شراكة تحت شمس افريقيا المشرقة فى 19 اغسطس 2011 م هبطت فى مطار مقديشو الطائرة التى تقل رئيس الوزراء إردوغان و عائلته و مع وفد كبير مكون من العديد من الشرائح المختلفة في الجمهورية التركية. كانت هذه واحدة من اولى الرحلات الدولية نحو الصومال بعد انقطاع طويل جداً. وقد حولت هذه الزيارة مجرى الأمور فى الصومال التى عانت لفترات طويلة من الاضطرابات تمثلت فى عدم الاستقرار المزمن والصراع الاجتماعي والتي بدورها أدت الى أزمة إنسانية خطيرة متزامنة مع جفاف شديد ومجاعة. فى ذلك اليوم ولدت شراكة جديدة من رماد الحرب الأهلية والكارثة الإنسانية، بدأ الأتراك والصوماليون السعي الجاد كتفاً الى كتف لتخفيف الآثار المترتبة على أستمرار ذلك الوضع المزري والعمل على إعادة بناء الدولة. طائر الفينيق مستعد الآن لفرد جناحيه: نحن نتحدث الآن عن إحياء وإنعاش الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الصومال فالعمل جار من أجل مستقبل افضل. بدأت تركيا فعلاً بالعمل على تغيير الاوضاع ليس فقط فى الصومال بل في افريقيا ككل. "افريقيا ملك للأفريقيين، نحن لم نأت إلى هنا سعياً لذهبكم" كانت هذه كلمات رئيس الوزراء فى ذلك الوقت رجب طيب إردوغان أمام برلمان الغابون فى يناير 2013 . تركيا لم تكن مطلقاً فى موقع المستعمر فى علاقتها مع القارة الافريقية، بل على العكس من ذلك، طلبت الأمة الافريقية المساعدة من العثمانيين في صراعهم مع المستعمر ولا يخفى على أحد أن حرب الاستقلال التي قاتلنا وحاربنا فيها قبل ما يقارب القرن من الزمان بقيادة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك كان لها تأثير كبير على الشعوب الأفريقية فى سعيها نحو الاستقلال، وقد سمع صدى هذا الماضي مراراً عندما كانت البحرية التركية تزور موانئ 24 دولة افريقية. لم تكن تركيا مطلقاً غير مبالية بالتنمية في افريقيا فالتاريخ قد جمع بين تركيا و افريقيا و خلق بينهما ألفة و سمح بتكوين روابط عديدة لقد كنا دوماً متضامنون مع الشعوب الافريقية في كفاحها المستحق من أجل التحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطني و يسعدنا كثيراً أن نشعر بأن شعوب أفريقيا تعتبر تركيا دولة صديقة وقريبة. تقدم قارة افريقيا بتاريخها الممتد لعدة قرون بالفضيلة والحكمة وشعبها الشاب المفعم بالحيوية ومواردها الطبيعية الهائلة العديد من الفرص لدولها وأبنائها كما تعتبر تركيا قارة افريقيا مهداً للحضارة وحاضنة لمستقبل البشرية ويسرنا دون أدنى شك أن نرى الإنجازات في عمليات التحديث والتحول السياسي والديمقراطي والاجتماعي والثقافي في العديد من البلدان الأفريقية. أول تمثيل دبلوماسي لتركيا في افريقيا كان في جنوب الصحراء مطلع القرن العشرين، حيث انشأت أول قنصلية تركية فى مدينة حرار فى اثيوبيا. اليوم تنتشر قنوات التفاعل والاتصال العديدة في القارة الافريقية متمثلة فى 39 سفارة تركية وبالمقابل، يوجد 32 سفارة لدول افريقية فى أنقرة. إلا ان هذا التمثيل الدبلوماسي الكبير هو مجرد وجه واحد للعملة. إن التواصل بين الافراد في ازدياد يوماً بعد يوم، هنالك آلاف الأفارقة يقيمون ويعملون في تركيا والعكس صحيح. لقد أضحت الخطوط التركية إحدى أكبر شركات الطيران الدولي التي تصل إلى القارة، حيث تنطلق مباشرة إلى ما يقرب الاربعون وجهة. هناك تنامي فى الاستثمارات التركية فى القارة الافريقية و العديد من هذه الاستثمارات تعد الوحيدة من نوعها التي تقوم بتوظيف العمالة المحلية، حيث يتم من خلال هذه الاستثمارات استخدام الموارد المحلية وتصدير المنتجات النهائية إلى دول العالم الثالث. والشركات الخاصة التركية سوف تستثمر أكثر من 100 مليون دولار خلال السنتين او الثلاث سنوات المقبلة في مقديشو وحدها وخلال العقد الماضي، ارتفع إجمالي التجارة مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه. منذ عام 2005 ، الذي يعتبر "عام أفريقيا في تركيا" و بالتزامن مع سياسة الانفتاح التركية تجاه أفريقيا ، ازداد الارتباط مع الدول الافريقية حتى اصبحت تركيا شريك مهم فى التنمية والتجارة و الاستثمار في افريقيا. اليوم، نقوم بكل ما بوسعنا لندعم بفعالية الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي والدول الافريقية لتحقيق السلام الدائم والديمقراطية الحقيقية والتنمية المستدامة والرفاه للجميع. فى عام 2013 ، احتلت تركيا المرتبة الثالثة في العالم بعد الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة في مجال المساعدات الإنسانية والمرتبة الأولى من حيث نسبة المساعدات التنموية بالمقارنة مع ناتجها المحلي الإجمالي، وستكون تركيا أول دولة تستضيف القمة العالمية للعمل الإنساني التي ستعقد في العام 2016 حيث كان للتعاون مع الدول الافريقية دور كبير فى هذا الانجاز. و لقد حققنا تقريباً كل الأهداف التي وضعناها عقب قمة التعاون بين تركيا وأفريقيا التي عقدت في عام 2008 والآن ، بمقدورنا القول أن سياسة الانفتاح التركية تجاه أفريقيا قد أنجزت بنجاح. حيث كنا قد أطلقنا في العام 2013 سياسة جديدة تجاه الشراكة التركية الأفريقية تحت شعار "القضايا الأفريقية تتطلب حلولا أفريقية" كمبدأ رئيسي لهذه العلاقة. كما سنقوم بوضع الأرضية الأساسية للسنوات الأربع القادمة وذلك من خلال قمة الشراكة التي ستعقد في مالابو في الفترة الواقعة ما بين 19 و 21 تشرين الثاني 2014. وسيكون عنوان القمة "نموذج جديد للشراكة من أجل تعزيز التنمية المستدامة والتكامل الأفريقي" ، إذ سنتفق من خلالها على العديد من الأمور والمعالم والأهداف الجديدة في إطار سعينا المشترك نحو تحقيق المزيد من التعاون الذي يصب في مصلحة الجانبين. كما سنعتمد وثيقتين خلال هذه القمة ، الأولى هي الإعلان والأخرى هي خطة التنفيذ المشتركة القادمة للأعوام ما بين 2015 و 2018 . كجزء من سياسة الشراكة الجديدة، سنعتمد توجه - متعدد الطبقات فى افريقيا. قمنا بتأسيس علاقات سياسية متينة مع دول افريقية عبر تكثيف الزيارات رفيعة المستوى وعبر تمثيل صوت الدول الافريقية في الدفاع عن حقوقها ومواقفها سواء في المحافل الثنائية أو المتعددة الأطراف. نقوم بخلق شراكات اقتصادية مع الدول الافريقية للتغلب على تحدياتها من خلال زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار والمساعدات الإنسانية بالإضافة إلى استعدادنا عند الحاجة للعب دورنا الدبلوماسي فى التسوية السلمية للنزاعات والخلافات وتركيا لا تعتبر نفسها كيان غريب عن القارة، بل شريك استراتيجي يعمل نحو مزيد من التطور في الديمقراطية والحوكمة الرشيدة والازدهار. ستظل تركيا ملتزمة تماماً بدعم الاتحاد الافريقي لتحقيق أهدافه فى المجالات ذات الأولوية التى ستعزز الملكية الأفريقية للقضايا الأفريقية وتحديداً في هذا الأمر نشعر بالفخر لكوننا شريكاً استراتيجياً في ارتقاء القارة الأفريقية. أنشطتنا متعددة الأوجه وجهودنا في جميع أنحاء القارة خلال العقد المنصرم هي بالتأكيد شهادة واضحة لعزمنا المستمر على مواصلة تطوير علاقاتنا وتعزيزها وبناء أواصر علاقات أقوى مع الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية الأفريقية. ام/ام