إشراقة عباس د.راشد دياب: الالتجاء إلى الثقافة السودانية يوجه ويساعد السياسة في توفير حوارٍ مرضي للآخر الخرطوم في 20-9-2015(سونا)- خمسة وعشرون عاما هوعمر ثورة الانقاذ الوطني، وخمسة وعشرون عاما هو عمر الخلاف السياسي الذي استعصى على كل حل بين ثورة الانقاذ لاحقا(المؤتمر الوطني)، وبين الأحزاب السياسية السودانية الآخرى وحركات بعضها المسلحة. ولم تنجح آليات وآدوات السياسة في حله وتخليص المجتمع السوداني من شرور وآثام الاختلاف والمكايدات السياسية. عقب العام وثمانية أشهر على دعوة رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الحاكم، عمر البشير (لحوار مجتمعي شامل)، والنشاط سياسيا في هذا الحوار، وأقتراب موعد انعقاده، بدأت تظهر كلمة جديدة في الساحة السياسية السودانية وهي (الثقافة). على أمل أن تسهم فيما أخفقت فيه السياسة لوضع وتوفير مخرج من الأزمة السودانية ذات الجذور العميقة والمتشابكة التعقيد. ولكن ما يزال لفظ الثقافة وآدواتها المتباينة يطلق علي استحياء وبدون منهجية وتحديد (لكيف) يمكن أن يستفاد منها في تحقيق الاجماع الوطني السياسي. وما يزال يرددها البعض فقط وليس الجميع. ولعل لغلبة الخطاب السياسي وإرتفاع نبرته دخلاً في تواري الثقافة ودورها في المساهمة في الشأن العام السياسي للدولة والمجتمع، على الرغم من نجاحها في لم شمل السودانيين جميعاً. مجلة (سوداناو) التقت الفنان العالمي د. راشد دياب، وسالته هل يمكن للثقافة أن تؤدي دورا مؤثرا في مساعدة المجتمع السوداني في حل اشكالاته السياسية؟، وكيف يمكن أن نفعل ذلك. يقول د. راشد: إن الاحتماء والالتجاء إلى الثقافة السودانية وأستلهامها، هو ما يمكن أن يوجه ويساعد السياسة السودانية في إقامة حوارٍ ناجحٍ ومقبول من الآخر ومرضي للجميع وللمجتمع في آنٍ. ويضيف ولكن ينبغي علينا أولا أن نفصل مفهوم الثقافة من الفكر العادي، على أنها هي الفن والغناء والشعر والموسيقى والرسم والتشكيل. وأن نعي وندرك جيدا أن الثقافة هي "إنتشاءٌ ووعيٌ بالحس الوطني". وأنها تكمن في الاستمتاع بأهزوجة وحس جمال الحقيقة وحرية التعبير والانتماء للوطن الواحد". ويستطرد في حديثٍ له (لسونا) إن الوصول إلى هذا الوعي والمفهوم الفكري للثقافة يتطلب درجة عالية من التوعية والتخطيط العام لتشكيل رؤية موحدة بناء على التأملات التي تحدث في الحوارات المختلفة. كما ينبغي الاجتهاد في الدراسات والبحوث في مجالات الفنون المختلفة والنظم السياسية والنظم المعرفية للوصول إلى مستقر وأرضية فكرية مفاهمية تحتضن مجموعة الأراء السابقة والحالية.وأن ننشط الذاكرة الجمعية للأمة ونحولها في أتجاه المصلحةالعامة للوطن أولاً. ويذكر إن الثقافة التي تغيير المجتمع من ضعيف إلى قوي، هي الثقافة التي تستند على المعرفة التحليلية والتقييمية المدركة لجوانب التواصل على كل مستوى العلاقات البنائية التي تؤسس لقيام دولة حديثة. ووفقا لحديثه فإن ما يقود إلى المشاركة والقيادة الجماعية هو التفكير المؤسسي الذي يحمل التراكم المعرفي والخبرات وإستمرارية المشاريع التي لا ترتبط بشخص أو مكان. مضيفا إن هذه الادارة الجماعية تعين على الاهتمام بكل المشاركات والرؤى والفهم لاعضاء المؤسسة وبالتالي تنتفي القرارات الفردية وفي ذات الوقت تحمّل قرارات أولئك الذين كان لهم دورا في أصدارها، ورغبة في الاضافة لها لان هناك من يعي لقيمه. ويقول إن الثقافة عامل مؤثر ومهم داخل سلوكيات الناس فعندما يتحول سلوكهم إلى جهد راقي ومنتظم وواضح من خلال إحترام الآخرين والانتماء العميق والكامل للدولة والوطن، يصير هذا السلوك ما يسمي بالسلوك الحضاري ، فالتحضر والحضارة هما المظهر المادي للثقافة. ويشير إلى أن الدول التي حدث لها تطور في حياتها وأقامت العدل والمساواة والحرية هي التي أعتمدت على عقول أفرادها المثقفين من علماء ومفكرين وفنانين وغيرهم واستنبطت منهم الأفكار المضيئة والروؤ الثاقبة ومناحي الجمال. وشيدت من خلالهم صروح المعرفة وقيم الوجود الاجتماعي. ووفرت ظرف التربية الابداعية وفقا الحاجة ووضعت شروط التقدم المؤسسي العميق لاثراء الوجدان والحياة. ومثّل لهذه الدول بسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية التي أستطاعت في وقت ليس بالطويل أن تركز جهدها في إحترام العائد العقلي والرصيد المعرفي لشعوبها. وبحسب ما يرى، فإن الثقافة السودانية لها تعريف خاص أضافي للتعريف العلمي لها والمأخوذ من مفاهيم غربية، فالثقافة السودانية "إنسانية" السلوك وعاطفية وحسية ومرتبطة بلآخر بصورة وثيقة فالترابط النفسي والأسري والاجتماعي ظواهرة مهمة في تناول الثقافة السودانية . وهو أمر لا يدركه الاخرون إلا عندما يزورون السودان. وعلى الرغم من وجود مظاهر سالبة كثيرة، تظهر في ذلك السلوك الانساني من بعض مظاهر العنصرية إلا أن الغالب فيها هي المساواة والتحابب والتعاضد والوقوف مع الآخر في الخير والشر ومع الضعيف ومساعدة المسكين وتحجيم المتكبر قائلاً " حتى في دكتاتوريتنا واستبدادنا لا نتجاوز الحد ونصل إلى المدى الذي نراه في الدول التي حولنا. وهذه محمدة ترجع للثقافة السودانية التي وضعت من تلقاء ذاتها معيارا لضبط السلوك السياسي. إذ إن الثقافة دورها أن تحافظ على ذاتها في المقام الاول وعلى علاقتها مع السياسة ثانياً. وفقا لما يقول. لكنه يستدرك بالقول إن المرحلة الحالية التي تمر بها الثقافة السودانية تختلف عن ما سبقها إذ ان هناك معاول كثيرة تهدم في أسس تفكير ومنهج الثقافة السوداني وأستمراره. ويشير إلى أن هذه المعاول من داخل السودان اي من السودانيين أنفسهم ومن الخارج. وجميعهم يعملون بقصد وبدون قصد في هد وتغير ملامح الثقافة السودانية لاسباب اقتصادية بحتة لجعل السودان مستهلكا لكل ما هو سيء ودون الجودة. فسيطرة الاحساس بالدونية هو ما يجعل الانسان يُعاند نفسه "يُغالط" وكلما قلت قدرة الانسان في الفهم زاد عناده و"غلاطه" والذي يعاند هو ذلك الشخص الذي يحمل جُزءاً من الحقيقة ويكتفي به. ويبين أن المفكرين المثقفين هم الذين يصدون الرياح السيئة فهم الممتلكين للحكمة والذين يحفظون ثقافة الأمة. وأن أستمرارية الثقافة الحقيقية للبلد والشعب تستمر بصورة متعددة منها توثيق وتسجيل كل أشكالها من حكم وأمثال وحكاوي وبطولات وغيرها وحفظها وفي نفس الوقت تشذيبها وتهذيبها والمحافظة على ما يصلح منها في المستقبل وتوريثها للاجيال اللأحقة وفق منهج حديث. مشيرا إلى ان الخطأ الكبير "المفصلي" الذي لازمنا منذ الاستقلال هو عدم احترام قادة وزعماء الثقافة والاحتفاء بهم وعدم الاستفادة منهم. د. راشد دياب مواليد مدينة وادمدني - السودان - 1957م. - 1978 حصل على درجة الشرف الممتازة في التلوين من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالخرطوم. - 1982 حصل على شهادة الأستاذية في الرسم من كلية الفنون الجميلة جامعة كمبلوتنسي، مدريد. - 1984 ماجستير في التلوين، جامعة كمبلوتنسي. - 1987 ماجستير في الحفر، جامعة كمبلوتنسي، مدريد. - 1991 حصل على دكتوراه دولة بدرجة الشرف الممتازة في فلسفة الفنون التشكيلية السودانية. - 1999 عمل أستاذا بجامعة كمبلوتنسي (جامعة مدريد المركزية). - 1999 افتتح جاليري دارا للفنون التشكيلية، بهدف توثيق الإبداع التشكيلي وتطويره في السودان. - 2005 أسس مركز راشد دياب للفنون بالخرطوم. وأقام وشارك في العديد من المعارض الفردية والثنائية: 2004: - معرض بدار الفنون في الكثير من دمل العالم. و قدم العديد من المحاضرات والدراسات النقدية والجمالية حول الفنون التشكيلية، الأفريقية والعربية والعالمية في كثير من دول العالم. - أشرف على إدارة ورش الحفر والطباعة بمتحف الفن المعاصر بمدريد، موسم أصيلة ودارة الفنون بعمان بالأردن، وبدعوة من رعاية الشباب بالرياض، وورشة تلوين بجاليري الرواق بالبحرين. - مؤلف كتاب الفن التشكيلي السوداني المعاصر بتكليف من جامعة الدول العربية. يعد الفنان راشد دياب أحد أهم الفنانين التشكيليين السودانيين. نهل من التراث الشعبي السوداني.وجسده في أشكال فنية عصرية لاقت قبولا عربيا وعالميا، كما شكل بأعماله الفنية شديدة الالتصاق بالبيئة السودانية ملمحا أساسيا في حركة التشكيل السوداني. و في العام 2005 أسس مركز راشد دياب للفنون بالخرطوم.المعرض الياباني، المعرض اليوناني، المعرض السوداني، معرض القرين الشامل، التصوير الفوتوغرافي.