كتب- سعيد الطيب شرعت وزارة الداخلية السودانية، في تنفيذ عملية نزع الأسلحة الثقيلة من أيدي المواطنين في إقليم دارفور، مؤكدة أنّه سيتم التدرج في تنفيذ هذا الإجراء، الذي يتم بشكل طوعي من قبل الأهالي، مع البدء في نزع الأسلحة الثقيلة ثم الخفيفة مع تعويض الأهالي بالشكل المناسب. وكانت الوزارة قد قدمت مؤخرا للبرلمان تقريرا اوضحت فيه انها أكملت ترتيباتها للبدء في تنفيذ خطة الحكومة لنزع السلاح من أيدي المواطنين في ولايات دارفور بصورة طوعية وموضحة أن نزع السلاح سيتم بصورة تدريجية بدءا بالأسلحة الثقيلة ، على أن يتم تسجيل الأسلحة الخفيفة في المرحلة الحالية . انطلاق عملية نزع السلاح مؤشر لاستتباب الأمن وانحسار الجريمة بصورة نهائية وتطبيقا واقعيا لما اعلنه الرئيس البشير أثناء زيارته لدارفور فى ابريل الماضى، عزم حكومته على تقنين السلاح وقصر حمله على القوات النظامية، عبر جمعه طوعا مقابل تعويضات محددة تم توجيه وزارة المالية لتوفيرها، وتشمل مصادرة السيارات العسكرية، محذرا من أن المرحلة اللاحقة ستفضي لمحاسبة كل من يقتني السلاح بالقانون. وفى ابريل الماضى وصل النائب الاول لرئيس الجمهورية الفريق اول ركن بكري حسن صالح ولاية شمال دارفور للمشاركة في فاتحة ورشة مختصة لنزع السلاح والسيطرة علي الأسلحة الخفيفة تنظمها السلطة الإقليمية بالفاشر عاصمة الولاية، لوضع خارطة طريقة تمهد لعملية النزع، بالتنسيق مع مفوضية الدمج وإعادة التسريح وبعثة "يوناميد" وبرنامج الأممالمتحدة الانمائي. و قال مفوض مفوضية نزع السلاح اللواء عبدالله محمد ان الورشة ضمت تنقيذيين وتشريعيين وادارة اهلية لوضع خارطة طريق لكيفية العمل وتنفيذ خطة دارفور خالية من السلاح. واكد ان الورشة لوضع خطة كاملة وشاملة لمعالجة نزع السلاح في كل انحاء دارفور وقال ان المشاركين من بقية الولايات سيشاركون بارائهم حول كيفية جمع السلاح وانهم في مفوضية نزع السلاح واعادة الدمج يمثلون الجانب الفني لهذا الأمر. واضاف المفوض ان خطتهم تتمثل في النزع تدريجيا لأن من الصعوبة نزع السلاح في وقت واحد ولا بد من التدرج والتسليم الطوعي. مع العلم أن إقليم دارفور يشتهر بانتشار السلاح الذي يُباع أحياناً بالأسواق العامة، ويتمّ عرضه في الهواء الطلق، من قبل الباعة المتجولين. كما كانت تباع الذخائر في وقت سابق ب"الملوة"، إلا أن تلك الظاهرة بدأت تندثر أخيراً. كما أنه في الفترة الأخيرة تراجعت أسعار السلاح بدارفور بنسبة أكثر من 80 في المائة، مع زيادة الإقبال عليه، وذلك بسبب الوضع الليبي، والتوترات في الدول الإفريقية المجاورة للإقليم، مما أسهم في توافر السلاح. أما المحلل السياسي الطيب زين العابدين، فيرى بأن "أية عملية نزع للسلاح بعد نزاعات طويلة، تكون صعبة للغاية"، مشيراً إلى أن "العملية تتطلّب عرضا ماليا مغرياً للتسليم". ويتوقع زين العابدين أن "يعمد البعض لإخفاء السلاح، وأعتقد بأن جمع السلاح من الأفراد لن يكون بذات صعوبة جمعه من المليشيات، خصوصاً أن معظم القبائل الدارفورية الكبيرة، لديها مليشيات تدافع عنها". ويضيف أنه "من الصعب أن تُسلّم المليشيات سلاحها، لأنه جزء من حماية القبيلة وممتلكاتها، خصوصاً أن النزاعات قد تقع في أية لحظة. كما لا أعتقد بأن الحكومة قد تدفع مبالغ مغرية لشراء السلاح من الأهالي، بالنظر للظروف التي تمر بها". ويؤكد بأن "العملية كان يمكن أن تنجح بشكل أكبر إذا كانت نتاجاً لسلام دائم، لأنها ستجد في هذه الحالة دعماً دولياً". ويُشدّد على أن "ارتباط العملية بفرض هيبة الدولة في الإقليم والاستقرار الأمني والاقتصادي، يؤدي إلى انتفاء حمل المواطن للسلاح". لماذا عملية جمع السلاح ؟ لانها مطلب أساسي وقديم، منذ تفجّر الأوضاع في دارفور. لا سيما وأن السلاح أسهم في تعقيد الوضع وخروجه عن السيطرة لذلك اتخذت الحكومة قرارات قوية بتصفية الأجسام الموازية للقوات النظامية، فضلاً عن فرض هيبة الدولة، بجانب إنهاء الحرب وتحقيق سلام دائم بولايات دارفور التى اختارت فى استفتاء ادارى نظام الولايات الحالى ليكون شكلا للحكم الادارى وهو سيسهم كثيرا فى عملية نزع السلاح, وكتجربة نجدها الثانية التى قامت بها الحكومة بعد الاولى في مطلع تسعينات القرن الماضي، حينما جمعت السلاح من الإقليم.