- كتب- بابكر ابومدين أداء قسم لجنة التحري والتحقيق فى الاحداث التى شهدتها الحدود بين ولايتى شمال وغرب كردفان بمدينة الابيض امام مولانا عمر احمد النائب العام لجمهورية السودان وبحضور والى ولاية شمال كردفان مولانا احمد هارون ووالى غرب كردفان دكتور الامين ابوالقاسم بركة , يحمل العديد من الدلالات المهمة اولها اهتمام الحكومة بتلك الاحداث وحرصها على فرض هيبة الدولة عبر سيادة حكم القانون وإشعار مواطني الولايتين ان الاجهزة الامنية بكافة مسمياتها قريبة منهم وعلى راسها النائب العام المناط به اتخاذ كافة الاجراءات القانونية التى تسبق المحاكمة . ولعل الاستقبال الرسمي الذي حظي به النائب العام وفى معيته لجنة التحري والتحقيق بمطار الابيض يؤكد ذلك حيث كان على رأس مستقبليه واليا شمال وغرب كردفان ورئيسا المجلس التشريعى بالولايتين والاجهزة التنفيذية وقادة الاجهزة الامنية بمختلف مسمياتها . وادت اللجنة التي وصلت من الخرطوم اضافة للاعضاء الاخرين من الولايتين القسم امام النائب العام ايذانا ببدء عملها القانوني بحضور مولانا هارون والامين بركة ورئيسا المجلس التشريعى بالولايتين , وبعد اداء القسم اكد مولانا عمر احمد انه سعيد بأن تكون ولاية شمال كردفان نقطة الانطلاق الاولى لبداية عمله ،حيث أحيط تماما بالانجازات الكبيرة التى حققها والي الولاية مولانا احمد هارون بولاية شمال كردفان وعلى رأسها النفير الكبير لاعمار شمال كردفان . واعرب النائب العام عن سعادته بالحكمة التى ادار بها واليا الولايتين الازمة وتاكد له ان ما حدث وقع فى منطقة حدودية بين الولايتين ولايمكن ان نطلق عليها نزاعا قبليا مؤكدا انه تم احتواء هذه الاحداث بحكمة وحنكة من قبل القيادة والادارة الاهلية بالولايتين بالتنسيق مع الاجهزة الامنية ،وتم حصر الأزمة فيمن تسبب فيها وخالف القانون . واكد النائب العام ان النيابة العامة بصدد عمل قانوني بحت عبر اللجان فى الولايتين مع اللجنة المشكلة مشيرا الى ان المهمة ستكون يسيرة بعد أن قامت حكومة الولايتين بعمل احترازي عبر الاجراءات القانونية السليمة مما سيسهل على اللجنة انجاز مهمتها . وكانت رسالة النائب العام واضحة تماما وهى عدم اللجؤ لاجراء اي تسويات حتى يتم الوصول الى الجناة المتسببين فى هذه الاحداث وبعدها يتم التعامل بالجانب الشرعي عبر ولاة الدم فى التعبير عن ارادتهم بالتنازل او اخذ القصاص كما هو معلوم فى الحق الخاص ،مشيرا الى ان الحق العام يمكن التنازل عنه اذا اقتضت المصلحة العامة فى اطار ما يتم من تسويات. وقال مولانا عمران المحرض على هذه الاحداث سيعامل معاملة المنفذ وان النيابة العامة ستؤدي عملها وفق القانون والدستور لفرض هيبة الدولة . وعبر النائب العام عن الشكر والتقدير لرجالات الادارة الاهلية فى الولايتين لاعمالهم الحكمة وتقدير الموقف بطريقة ايجابية ساعدت فى اعادة الامور الى نصابها فى وقت وجيز , اما والى ولاية شمال كردفان مولانا احمد محمد هارون فقد تحدث حديث العام ببواطن الامور حيث تقدم اولا بالدعاء مقرونا بالامنيات الطيبة للنائب العام واصفا مهمته بالجسيمة والعظيمة والمعقدة قائلا" اننا سنكون له سندا ودعما فى تأسيس هذا الجهاز بالولاية والذى يعتبر تطورا كبيرا فى المنظومة العدلية في البلاد ". وقدم هارون سردا دقيقا ومفصلا للاحداث وقال انها بدأت فى 31 مارس الماضى فى المنطقة الحدودية بين محليتى سودري والنهود مع حدود ولايات دارفور التى تحيط بها جملة من التعقيدات حيث يقل ظل السلطة الادارية مما يفسر ان المنطقة فى السابق شهدت احداثا من قبل حركة العدل والمساواة المتمردة وتاريخيا اشتهرت المنطقة بانها تشكل ملاذا لعمليات النهب والسرقة وتتميز بانها منطقة تداخل بين الكبابيش والحمر حيث العلاقة بين القبيلتين عميقة الصلات وانعكس ذلك فى التصاهر والتزاوج وكسب العيش والمصالح المشتركة والتى امتدت الى اكثر من 300 عاما لم تشهد فيها المنطقة اية نزاعات او حروب بل اسهمت القبيلتان فى توحيد الكيانات بينهما . واضاف ان اختلاف سبل كسب العيش مع التداخل المذكور كان عادة ما يحدث بسبب احتكاكات طابعها فردي ويتم احتواؤها ومعالجتها بتعاون الادارتين واخيرا تطور الامر بظهور تشكيل (عصابى ) داخل سودري والنهود يقوده اثنان من القبيلتين احدهما يدعى محميد) والاخر (كودي) وامتهن التشكيل عمليات السلب والنهب باستغلال اجواء ما بعد الحرب فى دارفور وتوفر السلاح لتحقيق مكاسب عالية وسريعة . واشار مولانا هارون الى ان ما حدث بين القبيلتين يعود سببه الى سرقة (3) من الابل من مدينة النهود والدخول بها الى سودري وتبعهم (فزع) ترتب عليه مصرع عدد من الجناة ثم تطور الامر الى توغل عدد من افراد قبيلة الحمر الى داخل منطقة الكبابيش وحدث نزاع بين افرا د لا صلة لهم بالاحداث . وقال ان الاجهزة الامنية فى الولايتين انتقلت الى منطقة النزاع واسهمت بدرجة حاسمة فى انهاء الموقف مبينا ان التحدي كان كبيرا حتى وصول القوات الداعمة من الخرطوم بالتزامن مع لحظة الانفعال القبلى ليتم السيطرة على الاوضاع حتى لايأخذ الامر طابعا قبليا مع ارسال رسائل الى قيادة القبيلتين عبر الاجهزة الامنية وهو عدم الدخول فى معركة ليس هم فيها صالح وانما يقع ذلك تحت مسؤولية الدولة ، مؤكدا ان الوعي من قادة القبيليتن كان على درجة كبيرة وعلى رأسهم الامير عبدالقادر (الحمر) والناظر التوم (الكبابيش) واللذين اعلنا مباشرة تبرؤهما من المتسببين في الاحداث. واعتبر والي ولاية شمال كردفان ان الحكمة والبعد عن النظرة الضيقة للامور والتى تحلى بها اميرى القبيلتين تعتبر نقلة نوعية وفهم متقدم فى معالجة الازمة , حيث كان التستر فى اخفاء المجرمين والمناصرة هو السائد .الى وقت قريب. واشاد هارون بسرعة حركة القوات النظامية الموجودة بالولايتين ووصولها الى منطقة الاحداث فى وقت وجيز عبر استخدام عدد من المسارات مما سهل من حسم الامور قبل تفاقمها مضيفا ان تحديا طابعه اجتماعي ظهر خلال الاحداث وتمثل فى وجود اعداد كبيرة من المعدنين من ابناء حمر يقدر عددهم ب (5) الاف تم بث الذعر فى اوساطهم ليتم جمعهم فى الحامية العسكرية فى ام بادر، وحرصت الجهات التنفيذية فى الوصول اليهم وبث الطمأنينة وسطهم مع ظهور تحد اخر وهو العمل على عدم نزوح الاسر لكى لانصل الى وضع معقد وفى هذا الخصوص قامت اللجان الامنية والادارات الاهلية بدورها فى حماية الاسر والتصدى لرسائل التواصل الاجتماعي (واتساب) والتى كان لها دورا سالبا فى تفاقم الاوضاع مما يحتم سن تشريعات امنية وتدخلات فنية للتعامل معها . وكشف مولانا هارون ان (300) سيارة من القوات المسلحة والامن والشرطة انتشرت فى المنطقة وعملت بفاعلية فى منطقة مفتوحة مع غطاء قانونى عبر مرسوم مؤقت يمكنها من العمل بفاعلية حيث تم فرض عقوبات صارمة لمن ينادون (للفزع) مع الحد من الاعراف والثقافات التى تؤجج الصراع وتحويلها الى ادوات ايجابية . وقال ان تقارير الاجهزة الامنية عكست لنا من هم الاكثر مسؤولية فى الاحداث وتم القبض على نائب كودي وجاري البحث عن محيميد ومجموعته ,مؤكدا انه لاتوجد مظاهر لاى حشود وتبادلت القبيلتان التعازي مع الحرص على تسمية الاحداث بالمسمى الجغرافي وهي الحدود بين محليتي النهود وسودري . واوضح مولانا هارون ان التحرك الذي قادته الهيئة التشريعية في الولايتين اسهم في نزع فتيل الازمة مشيرا الى ان (22) من المعدنين لقوا حتفهم في الاحداث وتم مواراتهم الثرى باشراف القضاء والنيابة وموافقة الادارة الاهلية وذويهم . واكد والي شمال ولاية كردفان ان الوضع الان تحت السيطرة ولاتوجد بلاغات جنائية و الاجهزة الامنية والنظامية والشرطية تؤدي دورها بفعالية وتنسيق تام ,مشيرا الى ان الولاية فرضت اجراءات استثنائية لمدة شهر مع تمديدها اذا تطلب الامر،إضافة الى حالة الطوارئ المفروضة اصلا فى غرب كردفان , مؤكدا ان العمل سيتم على حصر السلاح وجمعه خلال الفترة القادمة. الدكتور الامين ابوالقاسم بركة والي ولاية غرب كردفان عبر عن تقديره وامتنانه لما قامت به اللجان المشتركة بكافة تخصصاتها فى الولايتين منذ اندلاع الازمة ،من خلال ما تم من اجراءات احترازية حيث تم التعرف على اصل المشكلة وتحديدها نافيا ان تكون نزاعا قبليا حيث تم اخراج الازمة من اطارها القبلي الضيق الى اطارها الصحيح. واثنى بركة على اهتمام الفريق اول بكري حسن صالح النائب الاول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي على متابعته اللصيقة والمباشرة لما تم اتخاذه من اجراءات اضافة الى ارساله لوفد من المركز برئاسة وزير الحكم الاتحادى مما كان له الاثر الطيب فى الوصول الى نزع فتيل الازمة والتأكيد على ان المركز على صلة وثيقة بما يحدث فى الولاية . واظهرت زيارة النائب العام لولاية شمال كرفان حرص النيابة العامة على فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون والتأكيد على ان من يخالف القانون سيجد العقاب عبر تأكيد النائب العام بعدم وجود تسويات الا بعد ان يقول القانون كلمته , كما تبين ان الحكمة التي تحلى بها واليا الولايتين والقيادة الاهلية فى القبيلتين اسهمت بصورة كبيرة فى نزع واحتواء الازمة فى اسرع وقت حتى لاتتطور الى نزاع قبلي تصعب السيطرة عليه .