- السودان مثله مثل بقية الدول العربية يتمتع بموارد طبيعية خام كثيرة ومتعددة وبالذات المعدنية منها، ولكنه سيضطر إلى بيعها واحدة تلو الأخرى وليس الرمال البيضاء فحسب، بأبخس الأثمان، طالما لا يتمتع ببنيات أساسية لزيادة قيمتها أوتصنيعها، بحسب ما قاله أحد الخبراء الاستراتيجيين . وكانت الحكومة قد وقعت - أول أمس الأحد - مع شركة بريزما الألمانية اتفاقية إطارية لبيعها رمال السيليكا، ولتشييد محطات لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية إضافة لتقوية شبكات نقل الكهرباء والمحطات الفرعية في جميع أنحاء السودان. ووصف المدير العام لشركة الكهرباء القابضة المهندس صالح علي عبد الله أن التوقيع يعد "فتحا كبيرا للسودان واختراقا نوعيا" من أجل تشييد البنيات التحتية للكهرباء بجميع أنحاء البلاد، مشيراً إلى أن هذه الرمال تتصف بجودة تعتبر الأعلى في إفريقيا وتصل نسبة السيليكون بها لأكثر من 90 % منها. ورمال السيليكا أو رمال الكوارتز هي صخور رملية بيضاء نقية تحتوي على نسبة عالية من السيليكا وهو ثاني أوكسيد السيليكون (SiO2)، إضافة إلى كمية قليلة من الشوائب والمعادن الثقيلة. وتزداد قيمة هذا الرمل كلما انخفضت نسبة الشوائب التي يحتويها. وللسيليكا مصدران، الأول عضوي مثله مثل النفط والفوسفات على مدى ملايين السنين، ويتكون من بقايا الهياكل العظمية للحيوانات بعد تحجرها، والثاني معدني وهو الأكثر شيوعا. وتوجد هذه المادة في أغلب أنحاء العالم نظرا إلى أن عنصر السيلسيوم يمثل ما يقرب من 28% من القشرة الخارجية للأرض منها حوالي 12% من رمل السليكا والبقية في شكل طيني (سيليكات). ورمل السيليكا (الرمل السيليسي) عادة ما يستعمل مادة أساسية للبناء وهو يتطلب نقاوة تبلغ 95% وهي نسبة متوفرة طبيعيا في العديد من المناطق في العالم. أما الرمل الصناعي السيليكون، فهو رمل تفوق نقاوته إلى 98.5% ويستعمل في مجالات صناعية كثيرة أهمها مجال صناعة الزجاج ومجال الأفران ويستحوذان على أكثر من 80% من الإنتاج العالمي الذي يبلغ 120 مليون طن. كما يستعمل في العديد من المجالات الصناعية والتقنية والطبية. إضافة إلى صناعة الزجاج المسطح والأواني الزجاجية المنزلية وزجاج العربات وتصنيع زجاج الديكور والألواح الزجاجية ذات المقاسات والسماكة المُختلفة أجهزة الكمبيوترات والهواتف النقالة الذكية وأجهزة التلفزة وفي مجال الإلكترونيات تصنع اللاقطات الشمسية والترانزستورات والألياف البصرية وغيرها من الأجهزة والمواد الصناعية التي ترتكز عليها التكنولوجيات المتقدمة من مادة السيليكون المستخلصة من رمل السيليكا. المستشار الاستراتيجي بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بروفيسور مصطفى نواري قال ل(سونا) إن السودان يعاني كثيراً في ما يتعلق بالبنيات التحتية التي تشجع على الاستثمار في هذه الموارد؛ وبالتالي ستكون قسمته ضيزى في أي بيع أو معاملة ترتبط بالسوق العالمي الذي تتصف أسعار الموارد الأولية فيه بأنها رخيصة. ويقول نواري إن المعالجات الكيمائية أو الفيزيائية التي ينبغي أن تجرى لهذه الرمال لتزيد وتضيف في قيمتها المادية لا تتوفر في السودان حاليا؛ ومنها التقنيات الحديثة والإدارة الفنية والتشغيلية والكوادر المدربة عليها.ويضيف أن الخدمات الأساسية التي يمكن أن تقدم للمستثمرين سواء كانوا من القطاع الخاص السوداني أو الأجنبي غالية الثمن أو غير متوفرة مثل الكهرباء والصرف الصحي والسكك الحديد الناقلة وغيرها؛ مما يجعل أسعار بيعها في السوق العالمي عالية جدا وغير تنافسية. وبحسب ما ذكره فإن الاستثمار في الصناعة التحويلية لهذه الرمال يقدر ما بين 500 -600 ألف دولار أمريكي حتى يمكن صناعة منتج عالي الجودة وذي مواصفات قياسية يقبل بها السوق العالمي. وفيما تتراوح أسعار السيلكون من الرمال المحلولة (رغوة السيليكا) في البورصات والسوق العالمي ما بين 1000- إلى 2000 دولار أمريكي للطن الواحد، تبلغ رمال السيليكا الخام ما يتراوح ما بين 50 - إلى 300 دولار للطن. الخبير الاقتصادي عصام صديق قال ل(سونا) إن التعامل في هذه الرمال يعتمد على الموقع الذي توجد فيه، فاذا "اصلا جلبتها الرياح يمكن بلا شك الاستفادة منها وهى تكشف التربة الأصلية وهي أهم. أما اذا كانت هذه الرياح مستوطنة فيجب دراسة البدائل بصورة "عميقة" وخاصة دراسة الأثر البيئي، فأشجار الهشاب توجد فى القيزان الرملية في كردفان "ولا نرغب فى المساس به فهو صمَام أمان البلد. و يؤكد صديق أنه من الأفضل دائما إضافة قيمة للمواد الأولية وتحويلها إلى منتج يصل إلى المستهلك النهائي وبصورة طبيعية لاتؤثر على الخواص وتكون ذات عمالة مكثفة؛ وفى السلع التى لنا فيها ميزة واضحة مثل الصمغ العربي والدخن وغيره. وتوجد بعض مصانع الزجاج في السودان تعد على أصابع اليد، ولكن رئيس قسم الهندسة الكيميائية بجامعة كردفان بروفيسور ياسين محمد، وأحد مؤسسي القسم، وهو باحث ومخترع في ذات الوقت كان قد تقدم لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي مؤخراً بمشروع إنتاج وتصنيع الزجاج من رمال منطقة بارا بولاية شمال كردفان، وفاز المشروع بالحصول على تمويل من الوزارة. ويطمح في إقامة مصنع متقدم ومتطور جداً للزجاج في السودان مستفيدا من اختراعه. وتعتبر مصر والسعودية أهم الدول العربية التي أقامت صناعة لتثمين رمل السيليكا وتصديره في حين بدأت الأردن والجزائر السير في هذا الاتجاه. وكانت السعودية قد ذكرت أنها تنتج مليون طن من «رمل السيليكا» في صناعة الزجاج والصناعات الكيماوية، وأغراض مواد البناء الخالية من الشوائب والأكاسيد. وقالت السعودية " نسعى إلى استخدام هذه الرمال المتوافرة، بأنواع جيدة، في عدد من مناطق المملكة، لتصنيع الألواح المستخدمة، في إنتاج الطاقة الشمسية"، ومن ثم تحويل المملكة إلى دولة رائدة في الطاقة الشمسية، والمواد الأساسية لإنتاجها.