لندن 3-10-2019م (الاقتصادية)- تعد المناطق الاقتصادية الخاصة إحدى الظواهر الاقتصادية التي برزت في الاقتصاد العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين حتى الآن، مرت تلك المناطق بعديد من مراحل التطور، واكتسب الاقتصاد الدولي خبرات واسعة بشأنها وبكيفية إنشائها وتطويرها. لأعوام طويلة ارتبطت المناطق الاقتصادية الخاصة بالرغبة الدائمة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أن المناخ الراهن للتجارة العالمية والاستثمار يبدو سلبيا. ورغم أن عديدا من السياسات الصناعية خلال الأعوام الأخيرة، سواء في الاقتصادات النامية أو المتقدمة، اعتمدت في نجاحها بدرجة كبيرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أنها تواجه حاليا صعوبات حقيقية تجعل تلك السياسات تحت ضغوط عنيفة ومحل تساؤلات كثيرة. وفي ظل تلك الأجواء تثار علامات استفهام حول العلاقة المفترضة بين المناطق الاقتصادية الخاصة والاستثمار الأجنبي المباشر، فالاتجاه العام للاستثمارات الأجنبية المباشرة يشهد انخفاضا فيما يتعلق بالاستثمار المنتج العابر للحدود. في هذا السياق، يصف ل"الاقتصادية"، ديكي مير الخبير الاستثماري الوضع الراهن قائلا، إن "الطلب على الاستثمار قوي مثل أي وقت مضى، لكن العرض يتضاءل والأسواق أقل ودية مقارنة بفترات سابقة". ومع هذا يرى بعض الخبراء أن هذا الوضع يبرر النمو الملحوظ لما يعرف بالمناطق الاقتصادية الخاصة، بصفتها أدوات رئيسة فاعلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر بهدف التنمية. ووفقا لبيانات مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، تم تطوير أكثر من ألف منطقة اقتصادية خاصة خلال الأعوام الخمسة الماضية، ليصل إجمالي عدد المناطق الاقتصادية الخاصة في العالم إلى ما يقارب 5400 منطقة في 147 دولة، إضافة إلى ما لا يقل عن 500 منطقة أخرى في طور الإعداد في الأعوام المقبلة. وتبدي الدكتورة كاثرين جريس الاستشارية في منظمة التجارة الدولية، ملاحظة جديرة بالاهتمام عند تحليل أهمية تلك المناطق الاقتصادية الخاصة، وتقول ل"الاقتصادية"، إن "هناك عديدا من المناطق الاقتصادية الخاصة التي لعبت دورا رئيسا في التحول الهيكلي لاقتصادات الدول التي أنشأتها، فحفزت التحديث التصنيعي، لكن أيضا علينا أن نأخذ في الحسبان الإخفاقات والفشل في جذب المستثمرين، ونظرا للتكلفة الضخمة لتلك المناطق، فإن الإخفاق له تكلفة اقتصادية مرتفعة للغاية". ولم تصدر بعد بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا للعام الجاري، لكن بيانات العام الماضي تكشف أنها واصلت انخفاضها، إذ تراجعت 13 في المائة، ليصل إجمالي الاستثمار العالمي المباشر في 2018 إلى 1.3 تريليون دولار.