( تم النشر---محمد عثمان ادم 1-11-2019) رام الله 1-11-2019م (وفا)-(فانا)-(سونا)- لطالما ضربت المرأة الفلسطينية مثالا في التضحية والنضال، وكانت صورتها تلامس القلوب وتطرح تساؤلات في عقول الملايين حول العالم لحجم الألم والمعاناة والتحدي، التي تواجهها على المستوى الوطني والاجتماعي. ورغم ضخامة التحديات أمامها، إلا انها كانت حاضرة وبقوة في المفاصل المختلفة لتحقيق ذاتها، وبدأت جهودها تؤتي ثمارها. شهد عام 2019 اهتماما من المستوى السياسي في فلسطين، للنهوض بواقع المرأة، من خلال سن قرارات بقوانين أو إقرار قوانين أو تعديل أخرى من شأنها أن تخلق فرقا أو تحدث تحولا إيجابيا يتيح ويمكّن النساء من تحقيق ذواتهن. وزيرة شؤون المرأة آمال حمد، أكدت أن فلسطين وضمن التزامها بالاتفاقيات ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، و"سيداو"، شكلت لجنة في مجلس الوزراء مختصة بمواءمة التشريعات والقوانين الوطنية مع التشريعات والقوانين الدولية. وأوضحت أن وزارة المرأة في الحكومة الثامنة عشرة، وضعت رؤية جديّة للعمل على تمكين المرأة، وتعزيز دورها وضمان حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تنطلق من النظرية إلى تطبيق الخطط الوطنية والقطاعية وعبر القطاعية، بالتعاون مع المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني. قوانين وتشريعات لتعزيز مكانة المرأة: احتفلت فلسطين في السادس والعشرين من الشهر الجاري باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، الذي اعتمده مجلس الوزراء في جلسته رقم (13) المنعقدة في السابع عشر من تموز 2019. وجاء هذا القرار في إطار خطة الحكومة الفلسطينية وقيادتها السياسية، للعمل على تمكين المرأة وتعزيز دورها على المستوى الوطني. اختيار تاريخ السادس والعشرين من تشرين أول/ أكتوبر له دلالات قيّمة وعريقة بمسيرة المرأة الفلسطينية وكفاحها؛ ففي مثل هذا اليوم من العام 1929 عُقد أول مؤتمر نسائي فلسطيني في مدينة القدس، وكان بداية فعلية لمشاركتها في العمل السياسي. وفي إطار التزام فلسطين بالاتفاقيات التي وقعت عليها، قرر مجلس الوزراء في 21 من تشرين أول/ اكتوبر 2019، التنسيب إلى الرئيس محمود عباس، لتعديل المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية لعام 76 القاضي بتحديد سن الزواج ليصبح 18 عاما لكلا الجنسين، مع استثناءات يقررها قاضي القضاة، كما أقرت بالجلسة ذاتها التنسيب للرئيس بتعديل البند القانوني الخاص بحق الأم بفتح حسابات مصرفية لأبنائها القصر. وزير العدل محمد الشلالدة، أكد أن العمل جارٍ لإقرار قانون "حماية الأسرة من العنف" بشكله النهائي، الذي أعيد تفعيل العمل على المسودة الخاصة به عام 2015، ومراجعة الأحكام الواردة فيه، بالاستناد إلى المبادئ الدولية لحقوق المرأة، خاصة المتعلقة بحمايتها من العنف. وأضاف أن الجهود متواصلة لتعديل قانون العقوبات بما يضمن مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، ومن ضمنها: المساواة بين الرجل والمرأة، وضمان معاقبة مرتكبي الجرائم بداعي الشرف، وتجريم الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للنساء والفتيات. منذ أن أصبحت فلسطين عضوا "مراقبا" في الأممالمتحدة عام 2012، وقعت على 100 اتفاقية تخص مناهضة التعذيب، والعنف ضد المرأة، وإلغاء عقوبة الإعدام، ومكافحة غسيل الأموال، ومكافحة الفساد، و"سيداو" ومكافحة الارهاب، لتكريس مبدأ الدولة الديمقراطية الدستورية القانونية، الذي من شأنه أن يرفع مكانة فلسطين. وبناء على اتفاقية "سيداو"، أصدر الرئيس محمود عباس قرارا بقانون بتاريخ 11-5-2014 يستثني مرتكبي جرائم قتل النساء على خلفية الشرف، من الاستفادة من العذر المخفف الوارد في المادة (98) في حال الإقدام على الجريمة تحت تأثير الغضب الشديد. وكان رئيس الوزراء محمد اشتية أكد عمل حكومته على نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وتفعيل جميع المؤسسات نحو العمل على تطبيق "سيداو". نساء في مواجهة الاحتلال: إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجهها المرأة الفلسطينية، يشكل الاحتلال التحدي الأشرس لها، فانتهاكاته طالت شتى مناحي حياتها، وصعّبت تقدمها اجتماعيا واقتصاديا. فالاحتلال وإجراءاته وقفت حائلا دون تمكين المرأة في العديد من المجالات وحرمها حقها في التعليم والحصول على الرعاية الطبية، كذلك الواقع الاقتصادي، خاصة في المناطق المعزولة بجدار الفصل العنصري والمستوطنات. المرأة في فلسطين مستهدفة كما الرجل، فهي شهيدة وأم وأخت وزوجة وابنة شهيد، فمنذ بداية عام 2019 استشهدت 9 نساء بينهن 5 أمهات، وبينهن طفلتان، بحسب التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين. في العام ذاته، وحتى نهاية حزيران اعتقل الاحتلال 76 امرأة. ولا تزال 43 أسيرة يقبعن في سجون الاحتلال غالبيتهن في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، وتصل مدد محكومياتهن إلى 16 عاماً، بينهن 13 أما. ووفقا لنادي الأسير، فإن عددا من الشابات الأسيرات كن قاصرات عند اعتقالهن، وكبرن في المعتقلات الإسرائيلية. أم ناصر أبو حميد، أو كما يطلق عليها "خنساء فلسطين، تختزل معاناة نساء فلسطين تحت الاحتلال، فهي أم لشهيد وخمسة أسرى محكومين بالسجن مدى الحياة، وهدم الاحتلال منزلها الواقع في مخيم الأمعري للاجئين في مدينة رام الله، خمس مرات، آخرها في الرابع والعشرين من تشرين أول/ اكتوبر 2019. وأمر الرئيس محمود عباس بإعادة بنائه. الأسيرة هبة اللبدي فلسطينية تحمل الجنسية الأردنية، تخوض في هذه الأثناء إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 38 يوما، ضد اعتقالها الاداري. اللبدي، خضعت منذ اعتقالها في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الماضي إلى تحقيق وحشي داخل أحد مراكز التحقيق التابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي. المرأة بالأرقام: الواقع الذي تعيشه المرأة، كان نتاجا للتحديات التي فرضها الاحتلال إلى جانب المعيقات الاجتماعية والثقافية، لم يمنعها من تحقيق إنجازات في المشاركة السياسية وعلى الصعيدين المهني والعلمي. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ارتفعت نسبة النساء اللواتي يشغلن منصب "وزير" من 3% عام 1994 إلى 14% عام 2019، فيما ارتفعت نسبة مشاركة النساء في الهيئات المحلية من 8% للعام 2004/2005 إلى 20% 2018/2019، كما ارتفعت نسبة السفيرات من 5% عام 2008 إلى 11% عام 2019، و13% ممن يشغلون منصب المدير العام كان من النساء للعام 2019. وفي العام 2018، بلغت نسبة المشاركة السياسية للنساء في المجلس الوطني الفلسطيني 11%، وبلغت نسبة النساء في المناصب الإدارية 17%، وبلغت نسبة النساء الصحفيات 25%، والنساء المهندسات المنتسبات للنقابة 25%، والقاضيات في القضاء المدني 18%، و5% فقط من النساء من أفراد الشرطة الفلسطينية. ورصد "الإحصاء" في العام ذاته 2018، تقدما في نسبة مشاركة النساء في قوة العمل للأفراد 15 سنة فأكثر من 13% عام 2000 إلى 21% عام 2018، في حين شهدت معدلات البطالة بين الإناث ارتفاعا من 12% عام 2000 إلى 51% عام 2018. وعلى صعيد التعليم، شهدت معدلات الأمية لدى الإناث انخفاضا من 20% عام 1997 إلى 5% للعام 2017. إحداث التغيير الإيجابي في مجتمع ما، مرتبط بسن قوانين وتشريعات تنظم العلاقة بين مكوناته، وتهدف إلى ترسيخ قيم العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة.