طب العيون Ophthalmology يثعتبر أحد أهم فروع الطب وأكثرها إنسانيةً وأهميةً، إذ أن هذا التخصص العظيم من الطب يُساعد في علاج أمراض العيون المختلفة، ويُنقذ ملايين البشر حول العالم من الإصابة بنقص الرؤية أو العمى، ولهذا يعتبر هذا الفرع من فروع الطب من أرقى الفروع وأكثرها دقةً، كما أنه يحتاج إلى تجميعٍ عالٍ كي يتمكن طالب الطب من دراسته والتخصص فيه، خصوصاً أن طب العيون ذو مجال واسع، وله فروع عديدة. ويهتم طب العيون بعلاج الأمراض التي تصيب العين نتيجة مؤثرات خارجية مثل التهابات العيون الفيروسية أو البكتيرية، بالإضافة إلى الرمد الربيعي، كما يهتم بعلاج العيوب الانكسارية التي تُصيب النظر مثل طول النظر وقصر النظر، وعملية زراعة العدسات وعلاج الماء الأبيض والماء الأزرق والجلوكوما. اما أهم الأمراض التي يتعامل معها طب العين ويسعى للتعامل معها بسرعة ومنع تطورها، مرض اعتلال الشبكية السكري ومرض ارتفاع ضغط العين "الجلوكوما"، بالإضافة إلى فقدان الرؤية المفاجئ الذي ينتج عن أسباب مختلفة مثل الانفصال الشبكي. ولقد تطور طب العيون عبر التاريخ، فالاهتمام بالعين قائمٌ منذ عهد أبقراط، وقد اهتم الأطباء بتطوير هذا العلم بالغ الأهمية، والعمل على اكتشاف العديد من الأجهزة التي تسهل عملية الفحص والعلاج فى السودان شهدت مسيرة طب العيون مراحل متعددة حتى وصلت الى ما وصلت اليه من تقدم وتطور ، وقبيل حقبة الاستعمار الانجليزى نهاية القرن التاسع عشر كانت معالجة امراض العيون تتم بالطرق البلدية الشعبية ، والتى يستخدم فيها الاعشاب غالبا لعلاج بعض الحالات والتى لم تكن تتعدى الام العيون والتهاباتها قبل قرن كامل . اسس الحكم التركي العثمانى في عام 1821 اول مستشفي له في العاصمة الجديدة الخرطوم،لتقديم العلاج الاوروبي السائد في ذلك العصر للجنود الأتراك دون سواهم من السكان. وبدأت خدمات المستشفي محدودة وضئيلة ولكنها تحسنت في السنوات الأخيرة للحكم خاصة في السنين من 1877 الي 1884. بعد قيام الثورة المهدية تحولت العاصمة الي امدرمان وظل المستشفي مهجورا حتي بداية الحكم المصري الانجليزي حيث اعيد فتحة ليصبح مستشفي عسكري للجيش الانجليزي . وفي عام 1924 بدأت ثورة اللواء الأبيض وتمرد الكتيبة السودانية ضد الجيش الأنجليزي ثم اقتحم الظباط السودانيون المستشفي واتخذوه قاعدة لهم. لقد احدثوا خسائر كبيرة بين الجنود الأنجليز مما اضطر الجيش الأنجليزي لهدم المستشفي عليهم. عند ازالة الانقاض وجد الضابط عبد الفضيل الماظ ممسكاً بمدفعه وأصبعه علي الزناد. بعد الاسقلال خلد عبد الفضيل باقامة نصب تزكاري له في نفس ذلك المكان. بعد ثورة 1924 وبعد جلاء القوات الانجليزية اعيد فتح المستشفي واعيدت تسميته ليصبح مستشفي النهر. واشتهر بأن أصبح المستشفي الوحيد في السودان وافريقيا لعلاج امراض العيون والأمراض الصدرية خاصة الدرن. وعندما سمع رائد طب العيون الدكتور حسين أحمد حسين أن الإنجليز رحلوا وأن بعض مديري المؤسسات الحكومية حجزوا مواقع لعملهم قام بنقل مرضاه الموجودين بقسم العيون في مستشفى الخرطوم ليلاً بعربة «لوري» إلى مستشفى الجيش الإنجليزي.. وفي رواية أخرى قيل إن الموقع كان ثكنات لجيش المستعمر، وفي جولة الزعيم اسماعيل الأزهري على مرافق الدولة بعد خروج المستعمر في عام 1956 وجد عم حسين يتوسط مرضاه فقال له «مبروك عليك المستشفى يا حسين» ومن يومها كتب تاريخ مستشفى العيون الأول في السودان وسُمي باسم المناضل عبدالفضيل الماظ وكان يتبع لوزارة الصحة الاتحادية .
فى العام 1954م تم انشاء المعهد العالي للبصريات على أكتاف الدكتور الجليل حسين أحمد حسين أول مدير لمستشفى العيون والدكتور أحمد علي زكي وكان تابعا لوزارة الصحة وقد تم ضمه لمؤسسات التعليم العالي عام 1986م.
بدأ دخول مهنة البصريات إلى السودان فى الربع الأول من هذا القرن عام 1924م. وذلك بإنشاء محل للنظارات بواسطة المستر موريس قولدنبيرج وكان المحل مخصص لإعداد وتركيب النظارات بالمكان المعروف الآن بمركز البصريات السودانية بشارع البرلمان
وفي عام 1948م عاد الدكتور حسين أحمد حسين (أبو طب العيون فى السودان) إلى الخرطوم قادما من المملكة المتحدة حاملا معه فكرة قيام معهد البصريات وتنفيذا لهذه الفكرة قام بعدة مكاتبات مع الدكتور أحمد علي زكي (أول وكيل لوزارة الصحة) انتهت هذه المكاتبات بقيام المعهد كقسم من أقسام مستشفى العيون الخرطوم فى فى منتصف عام 1954م. وكان الغرض من قيامه توفير كادر متخصص فى عمليات الكشف على العين ووصف النظارات الطبية، وذلك لأن فترة الإنتظار لعملية كشف النظر تمتد لشهور نسبة للمهام الأخرى التى يقوم بها أخصائي العيون، وبهذا يعد الدكتور حسين أحمد حسين الأب الشرعى لمهنة البصريات بالسودان. فى العام 1993م اسست مؤسسة البصر الخيرية العالمية فرعية السودان لمساعدة المصابين بالعمى وأمراض العيون من خلال إقامة مخيمات العيون المجانية ، كشف على المواطنين الذين يعانون من مشاكل بصرية في مقدمتها المياه البيضاء و السوداء التي تتحول بمرور الزمن الى عمى يصعب علاجه دون استخدام تقنيات الجراحة الدقيقة التي كانت غير متاحة إلا للأثرياء الذين يستطيعون تحمل نفقات العلاج والسفر والإقامة خارج السودان. لقد عمل قطاع السودان بالمؤسسة على استخدام أطباء عالميين في مجال طب العيون بغرض نقل تجاربهم العملية وتوطينها في السودان من خلال التدريب العملي لأطباء العيون، بالإضافة الى عمل المجمع على إيجاد فرص تسمح بمشاركة أطباء العيون بالسودان في كل مؤتمرات العيون الدولية التي تُنظم بالخارج.. كما أدخل المجمع احدث أجهزة التقانة الخاصة بجراحة العيون الأمر الذي جعل مجمع مكة للعيون أكبر مستشفى للعيون بإفريقيا حيث تُجرى فيه عمليات جراحة الشبكية وزراعة القرنية التي كانت حتى وقت قريب غير متوافرة في دول العالم الثالث. نظرا للإنجازات التي حققتها مؤسسة البصر الخيرية في السودان جعلت رئاسة الجمهورية تمنح المؤسسة ثلاثة أوسمة رفيعة تقديراً لجهودها في تخفيف معاناة مرضى العيون ودورها في توطين العلاج بالداخل بعد أن أصبح مجمع مكة لطب العيون أكبر مستشفى للعيون بإفريقيا تجرى فيه عمليات جراحية دقيقة كزراعة القرنية التي يتم استيرادها من احدى بنوك العيون بالولاياتالمتحدة، فرغم أن مجمع مكة أقام بنكاً لحفظ القرنية إلا أنه لا زال بدون رصيد بسبب إحجام السودانيين عن قبول التبرع بقرنية الموتى لصالح الأحياء رغم وجود فتاوى دينية من مجمع الفقه الإسلامي تجيز التبرع «بالقرنية» من أجل إعادة البصر لأشخاص أحياء بعد توافر تقانة إجراء عمليات زراعة القرنية داخل مجمع مكة الذي ينتظر فيه مئات الأشخاص وصول «القرنية» من الولاياتالمتحدةالأمريكية لإعادة البصر من جديد، نشاط المؤسسة بدأ في السودان بمخيمات علاج العيون المجانية في العام 1993م حيث ضم المخيم أربعة آلاف من مرضى العيون أُجريت خلاله أربعمائة عملية جراحية بالتنسيق مع وزارة الصحة الاتحادية، فالمؤسسة لديها فروع حول العالم بلغ عددها ثمانية وثلاثين فرعاً تعمل على مساعدة مرضى العيون، فبعد إقامة عدة مخيمات في ولايات السودان المختلفة تم انشاء (9) مستشفيات للعيون في السودان من بينها (3) بالخرطوم والست الباقية بولايات السودان المختلفة. وللدور الذي لعبته مؤسسة البصر في تطوير طب العيون بالسودان كافأتها رئاسة الجمهورية بمنحها أربعة أوسمة رفيعة، بينما سعت المؤسسة الى توطين خبرات طب العيون بالداخل من خلال عملها على التكفل بإرسال ثلاثة إختصاصيين في مجال العيون الى كل المؤتمرات الدولية التي تعقد حول أمراض العيون من خارج العاملين في مجمع مكة الذي لديه خمس فرص في كل المؤتمرات الدولية التي تعقد حول أمراض العيون ومكافحة العمى بالإضافة الى الورش والمنتديات. وهناك تعاون بين المجمع والمستشفيات الحكومية في مجال تقانة طب العيون حيث يتم تحويل بعض الحالات التي تحتاج لعمليات جراحية دقيقة. تواصل قطر الخيرية في إطار حرصها على تنفيذ مشاريع تنموية نوعية، وبدعم أهل الخير في قطر، تنفيذ مشروع مستشفى بن زامل للعيون بولاية النيل الأبيض، الذي ينتظر أن يستفيد منه أكثر من 800 ألف شخص، وتقدر تكلفته الاجمالية بنحو مليوني ريال، ويساهم مستشفى بن زامل في توفير منشآت لعلاج أمراض العيون بمواصفات جيدة، والتخفيف من معاناة المرضى المتمثلة بالاضطرار للانتقال إلى مراكز بعيدة عن أماكن سكنهم، وتوفير خدمة شبه مجانية لمرضى العيون من أصحاب الدخل المحدود. وقد جاء إنشاء المستشفى بمحلية كوستي بولاية النيل الأبيض نسبة للحاجة الماسة للبنيات التحتية الجيدة التي تعنى بعلاج مرضى العيون والنقص الكبير في المستشفيات والمراكز الصحية التي تعالج العيون في المنطقة، بالإضافة إلى الانتشار الواسع لأمراض العيون في المنطقة وعدم قدرة شرائح كثيرة على تكاليف العلاج نظرا لحالتهم المعيشية الصعبة. وتعتبر منطقة محلية كوستي بولاية النيل الأبيض منطقة حدودية مع جنوب السودان ، من المؤسسات الاخرى التى تعمل فى مجال طب العيون على سبيل المثال فقط المستشفى التعليمي التابع لكلية البصريات بجبرة المؤسسة الوحيد ة من نوعها في السودان والمنطقة حيث تم تأسيس المستشفى في العام 2010م ويعتبر اول مستشفى متخصص في مجال العيون بالسودان ويتبع لكلية البصريات جامعة النيلين .ويعتمد توظيف الكوادر العاملة بالمستشفى على اساتذة كلية علوم البصريات والموظفين في تخصصاتهم المختلفة بالاضافة الى عدد من المتعاونين في عدد من الوظائف .وكل الاقسام الموجودة بالكلية هي اقسام المستشفى مثل امراض العيون والعدسات اللاصقة ، الحول ،الابصار المتدني ،التصويرالطبي ، ميدان الرؤية . مستشفى البصريات للعيون مؤسسة لتدريب وتأهيل طلاب جامعة النيلين بكلية البصريات والطب في مستوى البكلاريوس والدبلوم التقني كما ان المستشفى يعتبر من المراكز المعتمدة في تدريب اختصاصي العيون من الاطباء . يتعاون المستشفى مع جهات عديدة منها منظمة مكافحة العمى العالمية ومع البرنامج القومي لمكافحة العمى في السودان وهناك تعاون بين الكلية وبين البرنامج التركي لمكافحة العمي في افريقيا ويتم بموجبه اجراء عمليات المياه البيضاء ( الكترات ) مجانا .كما تربط المستشفى علاقات عديدة مع الكثير من المنظمات العاملة في مجال مكافحة العمى في افريقيا بصورة خاصة .