تقرير : سلوى يوسف واحسان ادم الخرطوم ، 23-3-2023(سونا) مقهى إستنارة .. أول مقهى يقدم خدماته لذوي الإحتياجات الخاصة في السودان العربي، والثاني أفريقياً من حيث الفكرة إذ إقتُبست الفكرة من مقهى في كينيا. يقع مقهى إستنارة في قلب العاصمة الخرطوم حيث ملتقى النيلين، ويعمل فيه "بإنسجام تام" فريق من الأشخاص ذوي الهمم، ويقدم المقهى خدماته لجميع الفئات، مع التركيز على فئة الإحتياجات الخاصة. خلف الله العفيف مدير مشروع "إستنارة كافيه"، قال "لسونا" إن المشروع رأي النور أخيراً بعد أن واجهته بعض العراقيل، إذ أن الفكرة جاءت من قبل خمس سنوات، وتم تنفيذها بتمويل من السفارة الفرنسية ألتى ظلت تمول المشروع لمدة عام إلى أن تم الإفتتاح الرسمي في الأول من فبراير من هذا العام . وأصبح المقهى ذاتي الدعم ، كما أنه توجد فكرة للتوسعة في المشروع بحيث يكون هنالك أفرع للمقهى في مدن العاصمة ومن ثم الولايات. وأضاف أن المشروع هو ضمن سلسلة من مشاريع منظمة الخاتم عدلان الخدمية قيد التنفيذ، والتي من شأنها أن تتأتى بأفكار جديدة تخدم المجتمع وتعود بالنفع لفئات معينة. وعن فكرة مقهى إستنارة يقول خلف الله العفيف، أن الفكرة جاءت من منطلق أن حقوق ذوي الإحتياجات الخاصة مهضومة، وأنهم يعانون من التهميش كثيراً سواءً كان من الحكومات أو المجتمع ذاته، وكان لا بد من تغيير المفهوم السائد تجاه هذه الفئة، فجاءت فكرة مقهى إستنارة كافيه بأن يخصص مكان للملتقى لهم، يندمجون في المجتمع، ويوفر فرص عمل للبعض منهم. ويقدم المقهى خدماته لرواده من اصحاب الإحتياجات الخاصة بما يناسب وضعهم والتي قد لا يجدونها في معظم المقاهي والمطاعم، كما يفرد لهم مساحة للإبداع في الأُمسيات. وأضاف العفيف أن العاملين بالكافيه غالبيتهم من معاقي الصمم والبكم، وتم تدريبهم لتقديم الخدمات في المقهى، كالطبخ وخدمة الزبائن، وهم من الجنسين، كما سيتم تدريب المعاقين حركياً ليقوموا بمهمة التحصيل "الكاشير"، ويقول أن غالبيتهم خريجي جامعات وبالأخص كلية الفنون الجميلة.. وهذا ما يفسر القدر الهائل من الإبداع في المقهى على الجدران والبيئة الخارجية للمقهى ككل. وقد أشادت الأمين العام للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة الأستاذة رحاب مصطفى، بمبادرة مقهى إستنارة، وأكدت دعم المجلس لمبادارات المجتمع المدني التي تصب في صالح توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة لأنهم اكثر الفئات التي تعاني من البطالة والضائقة المادية، ولأن نسبة الفقر داخل هذه الفئة تكاد تصل إلى اكثر من 80%. واضافت ان مثل هذه المبادرات من شأنها ان توفر دخلا لهؤلاء الأشخاص وقالت رحاب مصطفى، أن مبادرة مقهى إستنارة وظفت مجموعة من الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية، إضافة إلى انها تستخدم لغة الإشارة، وهذا يدل على زيادة الوعي داخل المجتمع السوداني تجاه قضايا هذه الفئة، وخصيصا ان لغة الإشارة هي لغة عالمية وكل دولة لديها لغة إشارة خاصة بها فهي ليست مجرد لغة تتخاطب بها هذه الفئة. وقالت إن المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة هي الجهة المنوط بها تنظيم الأشخاص ذوي الإعاقة ووضع الخطط والبرامج والإستراتيجيات، وهي تسعي لنقل تجارب القطاعات الخاصة المختلفة كمقهي الإستنارة ومقهى درة وادي النيل وغيرهما من الشركات الخاصة التي توظف الأشخاص ذوي الإعاقة، والاستفادة من تجاربهم وتطبيقها في المؤسسات الحكومية. وتقول مها علي سليمان من العاملات بمقهى الإستنارة، وهي طالبة بجامعة السودان تعاني من الصَم والبَكم متخصصة في عمل الحلويات والعصائر والمشروبات الساخنة- تقول -أنها سعيدة بهذا العمل وتعتبره تجربة جميلة ومفيدة تعلمت منها الكثير وزادت من مهاراتها في التعامل مع الأشخاص عموماً والزبائن بشكل خاص. وتضيف مها أن الكثير من فئة ذوي الإحتياجات الخاصة قادرون على فعل أي شئ يستطيع غيرهم فعله، وتتمنى أن يتم إستيعابهم لتدريبهم وتوظيفهم بالكثير من المجالات حيث أن البعض يعاني من ظروف صعبة وبحاجة للعمل ولا يجدون الفرصة لذلك رغم تمكنهم من أدآء بعض المهام بشكل أفضل من الأسوياء. محمد الهادي عبد القادر أحد رواد المقهى، قال إنه علم بوجود هذا المقهى عن طريق صديق له نصحه بالتردد عليه ولم يكن محمد يتوقع أن يجد هذا الود من التعامل، حيث وجد أن العاملين بالمقهى يتمتعون بقدر عالٍ من مهارات التعامل واللطف، والتواصل معهم لم يكن صعبا على الإطلاق، كما أن الموقع مناسب والمقهى جميل ومرتب، وأضاف محمد أن لغة الإشارة ليست صعبة ويستطيع تعلمها كل من أراد ذلك وهذا المقهى يتيح فرصة لتعلم القليل، متمنياً أن يكون المقهى بداية لسلسلة من المشاريع التي يشغلها ذوي الإحتياجات الخاصة. نصحت إحدى رائدات المقهى والتي تزوره لأول مرة الجميع بزيارته، إذ أنها وجدت المقهى جميلاً ونظيفاً والخدمات به ممتازة كما أن الموقع هادئ ومميز، وتمنت أن يتم توفير المزيد من مثل هذه المشاريع فهم قادرون على آداء المهام التي يقوم بها الأسوياء بكل سهولة وهم يستحقون الدعم والتشجيع والإهتمام. ويقدم المقهى خدماته منذ الثامنة صباحاً، ويستمر بتقديم الخدمات حتى المساء، ويقدم المشروبات الساخنة والباردة، إضافة للمأكولات، ويوجد خدمة توصيل، كما للمقهى إمكانيات وإستعدادات لتقديم خدماته لتلبية طلبات الإحتفالات بالأيام العالمية والمحلية والمحافل الدولية، بجانب المناسبات الخاصة كأعياد الميلاد والنجاحات وغيرها.