أكد شهود عيان اندلاع قتال عنيف في عاصمة جنوب السودان جوبا داخل الثكنة العسكرية الرئيسة في المدينة، مما أدى إلى مقتل خمسة جنود. وذلك في وقت شكل فيه رئيس البلاد سلفا كير ميارديت لجنة من قيادة حزب الحركة الشعبية (الحاكم) لإجراء حوار مع «مجموعة السبعة» المفرج عنهم خلال الأيام المقبلة، وهو ما قد يسفر عن إجراء تغيرات حكومية حال نجاحه. وسمعت أصوات الرصاص والانفجارات في أنحاء واسعة من العاصمة، فيما تصاعدت ألسنة الدخان الكثيف من داخل المجمع العسكري. وأثار إطلاق النار الكثيف الذعر بين المواطنين، فغادروا مساكنهم إلى الشوارع، واندفع عدد منهم إلى مقرات الأممالمتحدة، خشية أن تكون القوات المتمردة هي من نفذت العملية العسكرية. وعلى الفور انتشرت قوات عسكرية كبيرة في الشوارع المحيطة بالثكنة العسكرية، وهي التي اندلع فيها القتال بين القوات الموالية لنائب الرئيس السابق رياك مشار والقوات الحكومية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال وزير الإعلام المتحدث باسم حكومة الجنوب مايكل ماكوي ل«الشرق الأوسط»، إن «إطلاق النار نتج عن سوء فهم أدى لاشتباك داخل الجيش وإلى تبادل إطلاق نار، ونفى أن يكون إطلاق النار نتج عن وقوع انقسامات داخل قيادة الجيش الشعبي». ووصف ماكوي ما حدث أمس بأنه شيء عادي يحدث في أي موقع عسكري، وقال إنه يتعلق بقضايا إدارية مرتبطة بدفع الرواتب، ولا علاقة له بالتمرد، أو محاولة الانقلاب العسكري. وأضاف ماكوي أنه عقد مؤتمرا صحافيا بجوبا أمس لطمأنه المواطنين، دعاهم خلاله لممارسة حياتهم الطبيعة، وأن الأشياء عادت للسيطرة. وحمل ماكوي صحافيين وإذاعات مسؤولية نشر ما سماه «المعلومات غير الحقيقية»، وحذر من إجراء مقابلات مع قادة التمرد وبثها في جوبا، وقال إن الحكومة لن تسمح لأي وسيلة إعلام ببث ونشر أنشطة «المتمردين». ووجه ماكوي تحذيرا شديد اللهجة للصحافيين من القيام بمثل هذه الأنشطة الصحافية التي وصفها بالمعادية، قائلا: «حال تكرارها فسنذهب بالصحافيين إلى حيث نأخذ المعادين للحكومة»، وأضاف: «نحن لا نطلب منهم مناصرة الحكومة بل تقديم الحقائق كما هي»، ودعا ماكوي صحافيين وصفهم بأنهم «معادين» لحكومته إلى الخروج عن جنوب السودان. ورغم أن الاشتباكات اقتصرت على تلك الثكنة العسكرية، فإن قوات كبيرة انتشرت في الشوارع لبث الطمأنينة في نفوس السكان القلقين من تهديدات التمرد بشن الهجوم على مدينتهم. من جهته وصف المتحدث باسم جيش جنوب السودان «الجيش الشعبي» فليب أقوير، في تصريحات بأنه خلاف إداري عادي بين مجموعات تابعة للقوات الخاصة كوماندوز، جرى احتواؤه. وذكر شهود عيان أن أجساد جنود حكوميين شوهدت ملقاة خارج الثكنة العسكرية. وقال رئيس وحدة التوجيه المعنوي لجيش جنوب السودان ل«الشرق الأوسط» إن «الجيش الشعبي استطاع احتواء مواجهات محدودة بالقيادة الجنوبية وقعت بين الحرس الخاص بقائد القوات الخاصة (الكوماندوز)، وفصيلة من الجيش الشعبي، في خلاف حول صرف المرتبات وبطء الإجراءات»، مؤكدا أن الاشتباكات أدت إلى مقتل خمسة جنود وجرح آخرين. وأوضح تشكيل لجنة للتحقيق في الواقعة، كاشفا عن اعتقال بعض المتورطين.