في مثل هذا اليوم نال جنوبالصومال الأول من يوليو لعام 1960 استقلاله من المستعمرة الإيطالية، وفي الوقت نفسه اتحد الشطران الشمال والجنوب ليكونا جمهورية الصومال الديمقراطية ، وتم اختيار أول رئيس صومالي وهو الرئيس الراحل آدن عبد الله عثمان والذي حكم البلاد عن طريق حكومة مدينة حتى العام 1967، وأعقبه الرئيس المغتال عبد الرشيد شرماركي حيث ترأس البلاد لمدة ثلاثة سنوات، وفي عام 1969 قاد الجيش الصومالي انقلابا ضد أول حكومة ديمقراطية في البلاد، ودخل الصومال في عصر الثورة الشيوعية والاشتراكية العلمية وبقيادة الرئيس الراحل محمد سياد برى والذي حكم الشعب بيد حديدية وقمع استمر لمدة 21 عاما. وفي عام 1991م تم طرد الرئيس الدكتاتوري من عرشه، وإجباره على الرحيل من قصر رئاسة الجمهورية وبقوة من الثورة الشعبية التي تحولت فيما بعد إلى جبهات قتالية وقبلية لا تعرف سوى القتل والتشرذم، وتشريد وتجويج شعب عاني وبسنوات طويلة من الفقر المدقع، و سلب حرية التعبير، والتنمية، وإبقائه في قيود الجهل والحرمان من استفادة التكنولوجية الحديثة مما أثر سلبا على اقتصاد هذا البلد العربي الإفريقي والذي يتمتع أصلا بثروات طبيعية. وفي سنوات الفوضى فشلت كل المحاولات الدولية لإنقاذ الصومال من ويلات الحرب الأهلية، وتركت القوة العظمى ( الولاياتالمتحدةالأمريكية ) التي هزمت الدولة الشيوعية المتمثلة بروسيا التي كانت تؤيد يوما من الأيام الحكومة المركزية برئاسة محمد سياد بري. وأصبح الصومال مرتعا خصبا بعد دخوله في غيبوبة عميقة للأفكار الدينية المتطرقة والإرهاب والقرصنة ونجم عن ذللك كله تشريد أكثر من 4 ملايين صومالي يعيشون في الدول المجاروة و البلدان الأوربية. ويوم العيد الوطني الذي لم يحظ باحتفاله في سنوات الفوضي يبدو وكأنه في الوقت الراهن خطابات تتم تداوله في بعض المناسبات لدى الأقاليم الجنوبية التي نالت استقلالها من المستعمرة الإيطالية الأول من يوليو، بينما الشمال ( أرض الصومال ) أعلن انفصاله عن باقي الجمهورية بداية تسعينات القرن الماضي، ويرفض إقامة المراسم في يوم الوحدة. ويتزامن العيد الوطني لجمهورية الصومال أيضا في وقت يتواجد في البلاد قرابة 22 ألف جندي إفريقي يحاربون حوالي خمسة آلالاف من متمردي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تبنت في الأسبوع الماضي مقتل أكثر من 50 جنديا بورنديا ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي في منطقة " ليغو" التابعة لإقليم شبيلي السفلى جنوب العاصمة مقديشو. وكذللك يأتي العيد في ظل انقسامات بين عدد من حكومات إقليمية تنتقد بشدة الحكومة الفيدرالية التي تتخذ من العاصمة مقديشو مقرا لها وتضم في صفوفها كل القبائل الصومالية، بيد أنها تعاني من فقدان سياسية حكيمة تدير البلاد نحو بر الأمان، ولكن في المقابل تبدو الأقاليم الإدارية مثل أرض الصومال، وبونتلاند، وجوبالاند وكأنها حكومات مركزية تعلن قطع العلاقات مع حكومة مقديشو متى شاءات. وفي الأسبوع الجاري قام متظاهرون في مدينة غارووي حاضرة إقليم نغال " بونتلاند" بانتقادات لاذعة للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس البرلمان الفيدرالي محمد شيخ عثمان جواري، واصفين الأول بالقبلي، والثاني بخائن الوطن. وفي مثل هذا اليوم كان السكان في مناطق مثل دينسور بمحافظة بكول، و جيلب بإقليم جوبا الوسطى يحتفلون بقدوم العيد الوطني للاستقلال، حيث كانوا ينصبون فوق سطوح أكواخهم العلم الوطني ذا اللون الأزراق تتوسطه النجمة الخماسية إشارة إلى المقاطعات الخمسة، ولكنهم الآن تحت وطأة استعمار الحركة التكفيرية التي تستعبد الأهالي القاطنين في مناطق نفوذها، تلقنهم عقيدة بن لادن، وأيمن الظواهر من الظلاميين المجرمين، حيث إن هناك روايات تفيد أن الركاب فيما بين مدينة برواي، وبولو مريري يتعرضون لأصناف من التعذيب والقتل والنحر على أيدي عناصر من تنظيم قاعدة القرن الإفريقي. وتقول شاهدة رفضت عدم الكشف عن هويتها إن حركة الشباب لديها عيون حتى في المناطق المحررة من قبضتها في جنوب ووسط البلاد، حيث إنها تترقب بالمرصاد لكل من ينتقد سياتها الدموية، وقامت الأيام الماضية بإنزال ركاب انطلقوا من مدينة براوي الساحلية التابعة لإقليم شبيلي السفلى على بعد 180 كلم جنوب العاصمة الصومالية مقديشو متوجهين صوب مدينة بولومري نفس الإقليم، قامت بإنزلهم من مركبة النقل، ومن ثم أعدمت عددا ممن تراها من المؤيديين للحكومة الصومالية الفيدرالية، وأضافت أن هذه الحركة تفرض على رجال الأعمال في تلك المناطق إتاوات من المبالغ المالية. ويأتي هذا العيد الوطني في فترة حرجة إذ أن النجمة الخماسية التي تتوسط في علمنا الوطني ذي اللون الأزرق لا تفيد أي مغزى حيث إن سكان مقاطعات الصومالي الغربي التابع لإيثوبيا، والجنوبي الخاضع لكينيا يعانون من سياسة التمييز والعنصرية، وفي الأول قتل حوالي 40 من أبنائنا في حد إقليم غلغدود من المحافظات الوسطى لجمهورية الصومال بعد أن بغى عليهم أبناء جغجغا ، وفي الثاني تم فرض حظر ليلي على سكان الصومالالجنوبي مثل غاريسا، ومنطيرى، ووجير، بالإضافة إلى نويا دولة كينيا في وضع جدار عازل يفصل بينها وبين جمهورية الصومال مما يؤثر سلبا على حياة المواطنين الصوماليين وحرمان حقهم من ممارسة الحرية والتنقل نظرا لكونهم رعاة يسيرون وراء الكلأ والماء. وفي النهاية هل يحتفل الصوماليون بعيد الاستقلال والوحدة، أم أنهم يتجهون صوب الانقسامات والقبيلة البغيضة ؟.