يبدو واضحاً لكل ذي عين بصيرة- عدا جماعة الاتحاد العام المكابرين - أن منافسة الدوري الممتاز تعيش الآن في رمقها الأخير وهي تحتضر في انتظار دنو أجلها المحتوم بعد أن فتكت بها العديد من الأمراض المزمنة في مُقدّمتها الترحيل والتحكيم والتواطؤ والكباري وسوء البرمجة وأخيرا سرطان الفقر الذي افلس معظم الأندية عدا الهلال والمريخ اللذان يدخلان في حلل المحترفين الذين يكلفون ملايين الدولارات في الوقت الذي تعجز فيه أندية أخرى في نفس الدرجة من اطعام لاعبيها مجرد فول وطعمية. وقد أعجبتني حقيقة صراحة رئيس نادي هلال كادقلي الذي فجر غضبه عبر تصريحات صحفية ساخنة قال فيها ان معظم اداريي أندية الممتاز يحملون استقالاتهم في جيوبهم بعد أن باتوا مهددين بالسجون وتحدي رئيس الاتحاد العام أن يستغل أحد البصات من بورتسودان الى كادقلي ثم يرى بعدأن يصل هل بامكانه أن يمشي دعك من أن يلعب الكرة. أما حكاية التواطؤ الذي أفسد شرف المنافسة ولطخ سمعتها في الوحل فقد ظل الاتحاد العام يغض الطرف عنه بحجة صعوبة اثباته لغياب الأجلة رغم أن الجمهور الواعي لم تنطل عليه اللعبة وظل يردد باع باع كلما اشتم رائحة تواطؤ وللذين يطالبون بالأدلة فاننا نحيلهم لاعترافات بعض نجوم الممتاز عبر صحيفة الصدى التي قدمت عملا صحفيا مميزا يقطر مهنية كشف خلاله أولئك النجوم بشجاعة بعض حالات الرشاوى والتواطؤ التي كانوا شهودا عليها وقد حدثني يوماً أحد نجوم الممتاز أن رئيس ناديه الولائي قال لهم صراحة قبيل احدى المباريات أن نتيجتها باتت لاتهمهم كثيرا بعد أن ضمنوا البقاء وكان الضحية هوسيد الأتيام. أما أخطر أمراض الممتاز التي افترست جسده العليل أصلاً فقد تمثلت في عزوف الجماهير ومقاطعتها للمدرجات بصورة بدت واضحة للعيان حتى في مباريات الهلال والمريخ دعك من مباريات الأندية الولائية التي بات دخلها مخجلاً لا يتجاوز أحياناً سقف السبعمائة جنيه كما هو حادث في ود مدني التي طالما شكى وبكى سكرتير اتحادها معتصم عبد السلام الذي قال أكثر من مرة أن دخل معظم مباريات الممتاز باستاد ود مدني أصبح معجزا ولا يغطي حتى مصروفات الحكام والمراقب دعك من تكلفة الاضاءة والأمن وخلافه وهذا يعني أن النادي صاحب الأرض الذي يفترض أن يكسب الدخل ما عليه إلا أن (ياكل نيم) هذا اذا وجده أصلا. لقد ظل الحادبون على الكرة في بلادنا هذه يرفعون الصوت عالياً منذ سنوات قبل أن يحتضر الممتاز ويسوء حاله مطالبين باعادة دراسة وتقييم منافسة الدوري الممتاز واخضاعها لفحوصات سريرية وتشخيصية لأمراضها الكثر ومعالجة مكامن الخلل عسى ولعل أن تشم العافية ولكن يبدو أن الأخوة في الاتحاد العام في أذانهم وقر فلا يسمعون وفي أعينهم رمد فلا يشاهدون والدوام لله. آخر السطور خرجت أندية مدني من مولد التسجيلات بدون أي مكاسب حقيقية ويبدو أن الرومان والأفيال قد انطبق عليهما المثل: العين بصيرة واليد قصيرة أما سيد الأتيام ورغم توفر المال لديه إلا أن إدارته قد فشلت في ضم اللاعبين المبرزين الذين رصدتهم بسبب عدم إلمامها بالقوانين وكان الله في عون أندية مدني.