والطائرات الروسية تدك أعناق أطفال سوريا وأشلاؤهم تتناثر بين الأنقاض؛ سألت نفسي عن حقيقة الإرهاب!! وتذكرت الشاعر السوري نزار قباني الذي وضع خارطة في منتهى الوضوح لمستقبل الاستبداد في الوطن العربي والإسرائيلي: تنبأ بداعش والقاعدة قبل أن يظهرا، بل وضع أخطر صورة للحاضن العربي السني للإرهاب؛ وإمكانية التعاطف رغم وحشية هذه التنظيمات التي لا تفوق وحشيتها الإسرائيليين والروس.. رفع صوته عالياً دون نفاق: (ما أروع الإرهاب.. أنا مع الإرهاب) !! الإرهابيون في أصقاع العالم الإسلامي أشبه بقطط سوداء في الظلام، رغم أنيابهم التي تحطم الأواني وأصواتهم الحادة لا أحد يستطيع أن يرسم لهم صورة واضحة. الأمريكيون يقولون في مجالسهم الخاصة إنهم بالفعل يعرفون مصدر الإرهاب وهو: قرآن المسلمين وسنتهم!! ولكن في العلن لا يستطيعون أن يعلنوا أما المخابرات فلديها تعريف والدبلوماسية لديها تعريف.. المخابرات سعيدة بحكاية الإرهاب هذه لأنهم يستطيعون استغلال (أزمة التعريف)، في تدمير الكيانات الإسلامية، وقد يشاركون في تقوية التنظيمات الإرهابية ليبرروا لحلفائهم السياسيين تدخلات لا تقرها القوانين الدولية.. وهكذا استمرأ الجميع اللعبة مع الإرهاب حتى بلغت مرحلة ترويض الدول الخارجة عن الطاعة. أما الأنظمة المستبدة في آسيا وأفريقيا وبلاد العرب كانوا أكثر سعادة من أوربا بقوانين الإرهاب لتصفية حسابات مع المعارضة.. كما حدث في السودان عند محاكمة السياسي المعارض فاروق أبو عيسى.. وهو معارض أعزل حوكم بهذا القانون !! في تعريف أمريكا وأوربا :.. من الإرهاب أن تقاوم إسرائيل التي تذبح وتحاصر الشعب الفلسطيني ومعلوم للجميع بأن إسرائيل هي السبب الأول للإرهاب في العالم الإسلامي.. إسرائيل في العرف الأمريكي ليس أمراً يمكن محاربته أو وقفه أو حتى محاربته بالكلام.. وإذا حدث هذا ينطبق على المناضلين تعريف الإرهاب.. بهذا أصبحت أوربا وأمريكا مصدراً لقوة إسرائيل، وهي بهذا أصبحت هدفاً لمن يقاومون إسرائيل.. وهكذا تطورت المقاومة التي بلغت الآن شوارع أوربا.. هذه الحالة "اللا معقولة" للمناضلين في الشرق العربي عبر وصفها الشاعر السوري نزار قباني قبل أن يرحل: متهمون نحن بالإرهاب إذا رفضنا موتنا بجرافات إسرائيل مجرد المقاومة أصبحت إرهابا، وعندما تبنّت أمريكا هذا التعريف، تعمقت الأزمة أكثر: متهمون نحن بالإرهاب إذا رفضنا زمنا صارت به أمريكا المغرورة.. الغنية.. القوية.. إذن أصبحت بلاد العرب والمسلمين هدفا للبلطجة الأمريكية الأوربية.. بل وتطور الأمر إلى قانون دولي يحرس الإرهاب الإسرائيلي الأمريكي.. لتضييق الدائرة على العرب والمسلمين: متهمون نحن بالإرهاب إذا رمينا حجرا على زجاج مجلس الأمن الذي استولى عليه القياصرة أما قانون الإرهاب المحلي لدى الأنظمة المستبدة فهو أيضاً ذريعة للظلم ومسلط فوق رقاب الشعوب، لا يسمحون بالكتابة عن بقايا وطن ممزق بالحروب، مخلع مفكك، وطن فقد عنوانه وشعب نسي اسمه ليس فيه سوى الشكوى والأنين، ليس آفاقه حرية حقيقية تضمد جراحات الكرامة لا تظاهر ولا تجمع ولا أحزاب محترمة.. حتى الذين يكتبون تحت ضغوط الرقابة من كتاب الجرايد (يكتبون من شدة الرعب على الهواء).. مطلوب منهم إذا أنشدوا شعراً أو كتبوا مقالاً أن يكتبوا كلاماً سائباً مستوردا لا علاقة له بالناس ولا بالأرض ولا بمأزق الإنسان... قانون الإرهاب يطالبنا أن لا نصرخ في وجه: من تنازلوا عن بيتنا.. وخبزنا.. وزيتنا وحولوا تاريخنا الزاهي إلى رماد.. قانون الإرهاب يحاكمنا إذا تمردنا على أوامر الخليفة، الإمام الذي لا يجوز الخروج عليه!! وكما يقول نزار: الكاتب صاحب أجندة إذا تكلم: عن وطن رجاله بالوا على أنفسهم خوفاً ولم يبق إلا النساء يا ويل وطن تعود شعبه الهوان، (وماذا من الإنسان يبقى حين اعتاد على الهوان).. لهذا، إذا كان هذا هو ذنبنا وهذا هو القانون (ما أروع الإرهاب)!! يقول نزار صراحة: أنا مع الإرهاب إذا كان مجلس الشيوخ في أمريكا هو الذي بيده الحساب، وهو الذي يقرر الثواب والعقاب، وما دام هذا العالم منقسم بالمناصفة بين أمريكا وإسرائيل.. وما داموا صنفونا من فئة الذباب، ويكرهون رائحة الأعراب.. إذا كان كل هذا يحدث .. يقول: بكل ما أملك من شعر .. ومن نثر .. ومن أنياب ما دام هذا العالم الجديد بين يدي قصاب.. أنا مع الإرهاب وإذا كان هذا الإرهاب يستطيع أن يحرر الشعب من الطغاة المحليين والطغيان... وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان.. يقول نزار: من أجل هذا كله أرفع صوتي عاليا أنا مع الإرهاب أنا مع الإرهاب