في جولة عشوائية من خلال «الريموت» باحثاً عن فضائية استقر عندها، فجأة توقفت عند فضائية وبمحض الصدفة، وهي تبث أغنية لفناننا الكبير العميد أحمد المصطفى (البعدو يحنن/ والقربو يجنن/ الهين ولين/ وديع وحنين/ شغل بالي) ولكن بصوت المطرب الذائع الصيت محمد منير. كان هناك أداء استعراضي مصاحب للأغنية من أطفال على مسرح وأمامه جمهور مشاهد. كان الأطفال يؤدون رقصات على صوت محمد منير وبتوزيع موسيقي جديد للأغنية. تلك الأغنية كانت تشنِّف آذاننا ونحن صبية من أبناء جيلي، وخاصة حينما كنا نرتاد دار «سينما سنار الوطنية» حيث كانت تُذاع قبل بداية «المناظر» وكذلك في «الإستراحة» قبل بداية «الفيلم» ألا نضّر الله تلك الأيام بما فيها من أغانٍ واجتماعيات وتعليم وصحة وأعياد...! مثلما ردد الفنان محمد منير من قبل عدداً من أغنيات فنانينا المعروفين، ها هو يختار درة من درر قمة الطرب السوداني الشامخ أحمد المصطفى. وبما أنني لم أشاهد بداية بث الأغنية ولكنني أتوقع وآمل أن تكون هناك إشارة قبل بثها تؤكد أن هذه الأغنية لفناننا السوداني الأصيل أحمد المصطفى حتى لا يغمط حقه الأدبي عند المشاهد العربي. لقد التفت بعض فنانينا الشباب إلى عبقرية أداء وألحان أغاني المبدع أحمد المصطفى مؤخراً ليؤدونها فيا لها من صلة وجدانية بعصر أحمد المصطفى!! كيف لا، وهو عبقرية النهضة الفنية آنذاك. إن محمد منير فنان ذكي ونجم كبير بلا منازع ولمّاح في اختياره من ثمار أغاني الآخرين، يقدمها ويضيف إليها، ومثلما طالعنا من قبل وسمعنا بأن الفنان «العميد» كان متأثراً بالموهبة العظيمة الفذة محمد عبد الوهاب وكان يردد بعض أغنياته الشهيرة بإيقاعاتها الحديثة آنذاك.. فلن نُدهش حينما يردد محمد منير تلك الأغنية لأحمد المصطفى ذات الإيقاع الخفيف حسب ما هو سائد الآن في الغناء عامة، ولا نستبعد أن يكون لمحمد منير بعض إلمام بزيارة أحمد المصطفى للقاهرة بعد الحرب العالمية الثانية والتقائه بالقمم الفنية آنذاك ومنهم عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش والشاعر أحمد رامي الذي تغنى له «العميد» بإحدى قصائده المهداة له وهي «راحل مقيم» ولابد أن يكون منير قد اجتذب انتباهه ذاك (الدويتو) بين الشحرورة صباح وأحمد المصطفى في أغنية «رحماك يا ملاك» التي ظهرت في منتصف الخمسينيات في فيلم المخرج فؤاد الجزايرلي، كما أننا لا نشك بأن أُذن محمد منير قد التقطت أغنية «بنت النيل» وهي من روائع ما صدح به أحمد المصطفى في القاهرة. لقد قال الدكتور إبراهيم دقش في كتاب الأستاذ السر قدور «أحمد المصطفى فنان العصر» قال عن أحمد المصطفى «فهو من الذين تزيِّنك معرفتهم». ومن جانبنا نقول إن ترديد محمد منير لأغنية أحمد المصطفى «يزين غناء المطرب محمد منير».