استضافت الدوحة منتدى الأممالمتحدة لتحالف الحضارات، وقوام هذا المنتدى العشرات من القادة في السياسة والصحافة والثقافة لبحث كيفية تنفيذ عنوان المنتدى وما إذا كان بالإمكان أن يوجد نوع من التلاقي بل والتحالف بين الحضارات في العالم، بعض المفكرين ظن بأن الحضارة الغربية هي نهاية التاريخ ومنهم الفيلسوف الياباني فوكاياما، في كتابه نهاية التاريخ.. ولكن الوقائع والحقائق التاريخية أثبتت خطأ ظنه وتحليله والنتائج التي توصل إليها حتى اقتنع بذلك وغيَّر موقفه مما أطلقه من شعارات.. ونحن في العالم الإسلامي نقول بضرورة «حوار الحضارات» باعتبارنا أصحاب واحدة من أرقى الحضارات التي شهدها تاريخ البشرية وهي حضارة الإسلام التي جاء بها خاتم الأنبياء والرسل.. وقصدنا من الحوار تقليب المنطق وإعلاء قيم الحقائق الثابتة وليس مجرد الانبهار بما يحققه الغرب من تقدم صناعي وتكنولوجي علينا.. بينما نحن الذين أعطى الغرب مفاتيح تلك الحضارة في العلوم والرياضيات والطب وغيرها.. وإطلاق اسم تحالف في الحقيقة هي عملية أو محاولة تثبيت ما بلغته الحضارة الغربية من نهضة وتقدم وتفوق مادي علينا، استناداً إلى أن الحضارة الإسلامية أرسخ قدماً وأقوى بنية وأكثر أهلية على البقاء والديمومة لأنها من عند المولى عز وجل. ولأن أقدامها ثابتة وقائمة على أسس سليمة ويكاد الغرب يعلم ذلك تماماً ولكنه لا يريد أن يعترف لنا بأن حضارتنا قوية البنى وقابلة للتعايش مع متغيرات الزمان والمكان.. وبدلاً من صراع الحضارات وهو مصطلح غربي نادى علماؤنا بالحوار وإعمال المنطق والأدلة والفعل.. ثم جاءت تسمية الأمر بالتحالف.. ونحن نعتقد أن التحالف ربما يكون أكثر مقبولية من الصراع.. لأنه في الحالة الثابتة لا تتوفر مقومات البقاء للحضارة الغربية التي بدأت تتفكك أواصرها وتتحلل جوانبها الآن بفضل طبيعة العناصر التي تكونها.. ودون الرجوع إلى تفاصيل الأسباب التي جعلت من الحضارة الغربية عرضة للزوال فإن علامات ذلك تبدو بوضوح في مظاهر انهيار القيم الإنسانية في المجتمعات الغربية والانهيارات الاقتصادية والتشققات الواضحة في جدران اقتصاديات تلك الحضارة المادية في الغرب اليوم. نحن في السودان نمتلك كل عناصر الحضارة الراسخة عبر الحقب من تنوع ثقافي، عرقي، وتنوع في المناخات والتربة ولدينا إرث من الماضي السحيق والقريب.. لدينا جذور الحضارة النوبية «الفرعونية تجاوزاً» ولدينا الحضارات الثقافية والدينية، وقد ظلت بلادنا دائماً داعمًا لحركة الحياة بكل تفاعلاتها.. ولذا فإن الإنسان السوداني لديه القابلية الكاملة لمواجهة التغييرات والانتقالات من مرحلة إلى أخرى.. مع إحراز التطور اللازم.. لدينا إرث في التعاطي مع متغيرات العصور انطلاقاً من الجذور الثابتة.. لدينا القدرة على استقبال كل عناصر الحضارات.. ولذا فإن حوار الحضارات هو العنوان الأمثل للوصول إلى صيغة التفاهم بين الأمم والشعوب.. وينبغي أن يكون التحالف أمراً قابلاً للنقض دون أن تندمج الحضارات في بعضها البعض وتخلق طفرة جديدة في الحياة البشرية ...المهم في هذا الأمر أيضاً أن يُحدث التحالف أو مجرد الحوار مساحة من التقارب والالتقاء على سبيل نهضة الشعوب.