أجندة جريئة. وانتهت الجولة بتناول المُثلَّجات..!! هويدا سر الختم حُسم أمس أمر رئاسة البرلمان بعودة أحمد إبراهيم الطاهر الرئيس السابق للمجلس الوطني ب(383) صوتاً بعد فوزه على منافسه من المؤتمر الشعبي دكتور اسماعيل حسن فضل الحائز على(26) صوتاً من جملة (420) صوتاً.. وأصبح المجلس جاهزاً لبدء مهامه..قدّم رئيس المجلس خطبة طويلة أهم ما فيها قوله:(إنّ مهمتنا(إحكام) العملية التشريعية والرقابية)..ومفردة(إحكام) هذه يمكن أن تحدث بصورة سلبية أو أخرى إيجابية.. وحتى لايقال عن شخصي(متشائمة ومتبلية) نأخذ الصورة الإيجابية لإحكام العملية التشريعية والرقابية.. ونتغاضي عن الأغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني التي يصعب عليها إحكام هذه المهام في ظل تداخل التمثيل التنفيذي مع الرقابي التشريعي في وقت واحد.. وعليه بهذه النظرة التفاؤلية فإن إحكام العملية التشريعية والرقابية يحتاج أن يغير المؤتمر الوطني جلده الشمولي بعد أن خلع ثوب الشمولية وتدثّر بالديمقراطية ويعلي قيمة الوطن بكل تجرد ونكران ذات.. فالشكل الحالي للبرلمان إن لم يدار بالصورة التي ذكرتها لايمكنه أن يُحدث أي(إحكام) للتشريع أو الرقابة.. فالحكم هو ذاته الجلاد.. ولكن إن أراد المؤتمر الوطني نظافة صفوفه وتنقيتها وإثبات حسن النية لعمل جاد ومختلف عن السابق..يمكنه فعل ذلك وليرينا ذلك بمراجعة القوانين المعيقة للتحول الديمقراطي وضبط العمل الرقابي.. والأهم من ذلك التعامل بشفافية في هذا الأمر بعمل شراكة حقيقية مع الأجهزة الإعلامية وخصوصاً الصحافة لفرض رقابة حقيقية على الأجهزة التنفيذية.. ومن جانب آخر نريد من النواب الذين يشغلون المقاعد الأخرى من حزبيين ومستقلين أن يُفعِّلوا وجودهم داخل المجلس بإشعال قاعة المجلس بالمسائل المستعجلة وطلبات الإحاطة وأن يقاتلوا من أجل عمل تشريعي رقابي ناجح.. ولن يتم ذلك إلاَّ بعمل شراكة حقيقية مع الصحافة كما ذكرت آنفاً..فالصحافة يمكنها تمليك النواب معلومات مُفصّلة عن قضايا تمس العمل التنفيذي الأمر الذى يُمكِّن النواب من الوقوف أمام المنصة بثبات وثقة بوجود المعلومات الموثّقة.. وأنا أعلم أنّ هناك كثير من النواب لايقرأون الصحف على الرغم من أنها أداة مهمة من أدوات عملهم.. وأرجو أن ينتبه النواب المعارضون لوضعهم الحساس في المجلس بجانب الحزب الحاكم الذي يحتل أغلبية مقاعده حتى لايتم احتواء بعض القضايا بطريقة ذكية..أذكر في العام 2007 أجريت تحقيقاً صحفياً بصحيفة (السوداني) عن توطين العلاج بالداخل، القضية الشهيرة الأكثر فساداً على الإطلاق.. فوردنا اتصال من مجلس الوزراء ووزارة الصحة يطالبون بمرافقتنا في جولة على المستشفيات لإثبات كفاءة عمل أجهزة التوطين..وكنت قد أجريت جولة مسبقة في مستشفيات العاصمة بحضور المهندسين المعارضين للمشروع من الوزارة..وجولة في الولايات بواسطة مراسلينا وكلها أثبتت بالوثائق تعطل الأجهزة وعدم كفاءتها..المهم في الأمر حددنا الموعد وفاجأت وزارة الصحة بتجهيز فريق كامل من المهندسين أسوة بالوزارة التي جهّزت مهندسها ل(يهندسنا) في الجولة.. ألسنا صحفيين وليس مهندسين؟!.. وفوراً انسحب مهندس الوزارة قبل بداية الجولة وسمعته وهو يهاتف رئاسة الوزارة بأنه لايريد أن يصبح كبش فداء.. مربط الفرس هناك في مستشفى الخرطوم وبالمصادفة وجدت لجنة من المجلس الوطني مشكلة للوقوف على أجهزة التوطين..اللجنة لم يكن يرافقها مهندسو أجهزة طبية فوضعت نفسها بين يدي الجناة الذين أروها الأجهزة بمنظارهم وانتهت الجولة بتناول المثلجات..هذا نموذج لا نريده في البرلمان القادم. التيار