زاوية حادة حكمة تعلمتها من طلعت فريد جعفر عباس نشرت قبل أشهر، نداء عبر هذه الصحيفة للجامعات بتسلم كتب أكاديمية تبرعت لنا بها جامعة قطر، أي أننا فريق مشروع تعمير وإنشاء المكتبات (تام)، نوفِّر الكتب وعلى الجامعات تسلمها وشحنها، وتلقيت ثلاثة اتصالات من ثلاث جامعات ناشدتني أن «أكمل جمايلي» وأتولى أمر شحنها وتخليصها، ومنعني الحياء من أن أقول لهم: وبالمرة أتولى قراءتها وتلخيص محتوياتها.. في يوليو توفر لدينا نحو «10» آلاف كتاب، وفي أواخر أكتوبر ارتفع العدد الى نحو «25» ألف كتاب في كل التخصصات الأكاديمية، وتشاورت مع جنديين كان لهما القدح المعلى في أمر الحصول على الكتب: الاستاذ محمد عثمان بشير المحاضر في علوم الكمبيوتر بجامعة قطر والأستاذة يسرا جعفر مضوي أمينة المكتبة بنفس الجامعة، قلت لهما إنني على استعداد لتسليم الكتب لأية جامعة تبدي رغبة في الاستفادة منها حتى لو كانت خاصة وإنه سبق لي أن كتبت هنا في «الرأي العام» بأننا سنساوم أية جامعة خاصة تتسلم كتب المشروع بأن تعطي منحا مجانية للطلاب الفقراء المتفوقين، فكان ردهما «على بركة الله» وأجريت اتصالا بالصديق الدكتور مبارك بشير من جامعة العلوم والتقانة وأخبرته بأمر الكتب المتوفرة، ووعد باستشارة ذوي الشأن في الجامعة لينظروا في «العرض»، وخلال خمس دقائق كانت إدارة الجامعة قد كلفت شخصا في الدوحة بتسلم الكتب، وشحنها، وقد كان، توجهت سبع شاحنات الى جامعة قطر وحملت الكتب مباشرة الى مخازن شركة الشحن، ومن المقرر أن تصل الكتب الى جامعة التقانة خلال سبعة أيام!! سيصيح البعض: هذه جامعة «تجارية» ولا يجوز منحها كتبا تبرعت بها جهة ما!! وسأصيح بدوري: إما أن تحصل عليها جامعة سودانية خاصة او عامة وإما أن تفوز بها جامعة أخرى في بلد آخر، كما حدث مع مشروع المخبز الآلي الذي عرضته على إدارة جامعة الخرطوم قبل «5» أشهر ليتم تخصيص عائداته للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والعامة (الفقراء) وظل الأمر بين «حا وتُرْ» حتى زهج المتبرع وحوله الى قطاع غزة.. واطمئنوا فجامعة التقانة ملتزمة بتقديم منح وإعانات للطلاب المعسرين وقد يقول قائل إن جامعة التقانة تملك الموارد المالية ومن ثم بادرت الى الاستفادة من تلك الكتب،.. هذا كلام صحيح وسليم «100%»، ولكن كيف تستحق مؤسسة تعليمية مسمى جامعة وهي لا تملك الكتب ولا تملك الموارد لاقتناء الكتب بكلفة تساوي واحدا على المائة من كلفتها الأصلية، وما قيمة جامعة بدون كتب؟.. عندما ينتصر فريق كرة مصري على آخر يصيح مشجعو الفريق المنتصر في وجه مشجعي الفريق الخصم: قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا، واعتقد أننا بحاجة الى حركة لتحرير التعليم العالي تتولى إغلاق «80%» من جامعاتنا وتحويلها الى مدارس للدايات أو للتعليم المهني والفني.. وسيبك من الكتب!! على مسؤوليتي هناك من يحملون لقب «أستاذ جامعة» بينما خسارة فيهم حتى مسمى موظف استقبال في الجامعة العربية (أتعس مؤسسة إقليمية.. واسأل الله ان يلهم أهل تشاد الرشاد ولا يرتكبوا حماقة الانضمام الى جامعة العرب لأن الفيهم يكفيهم).. وأساتذتنا الأكفاء محبطون لعدم توفر الكتاب الجامعي والمختبرات/المعامل الضرورية. ولكن أهم شيء في تقديري هو أن نجد من يرغب في الاستفادة من الكتب التي نتسولها من مختلف الجهات، فالمحصلة التي نبتغيها هي ان تصل الكتب الى القارئ السوداني، أياً كانت الجامعة أو المدرسة التي يلتحق بها.. أعيد عليكم حكمة تعلمتها من عمنا المرحوم طلعت فريد عندما كان وزيرا للشباب والرياضة (وأسماه المذيع فيصل النور التجاني في إذاعة ركن الجنوب: وزير بتاع شباب ولعب فطارت منه الوظيفة)، تعرض مكتب الوزارة في ود مدني لسرقة بضع كرات كانت الوزارة قدمتها له وتقرر تشكيل لجنة للبحث في أمر السرقة وما ان سمع طلعت فريد بالحكاية حتى أبلغ المكتب: السرقوا الكور مش حيلعبوا بيها؟ خلاص.. انتهى الموضوع وبلا تحقيق بلا دوشة! الرأي العام