من بين الرسائل التي وردتني بشأن اقتراحي بتنظيم حملة لإنشاء مكتبات عامة، رسالة من الأستاذ بكري مكي (حسبما يفيد عنوان بريده الالكتروني) حكى فيه تجربته هو ومجموعة من زملائه الأساتذة في مجال الهندسة العاملين في السعودية، عندما جمعوا مالا كثيرا واشتروا به معدات رسم وأرسلوها هدية لكلية الهندسة بجامعة الخرطوم، وتوجه أحدهم الى الخرطوم لاستلامها من المطار فطالبه جماعة الجمارك بمبلغ يكفي لتنظيم عرس جماعي قال لهم: يا جماعة الخير هذه الكتب تبرعات لجهة غير ربحية، فقالوا له بصريح العبارة: أي شيء عندنا لازم يتجمرك إلا جثث الموتى .. وأعرف عن معاناة الأطباء السودانيين في الدوحة الذين قاموا بالحصول على معدات طبية حساسة كتبرعات للسودان من مختلف البلدان ثم اكتشفوا ان قانون الجمارك لا يميز بين مدخلات الأنشطة الخيرية ومدخلات الأنشطة «الشَّرِّية» .. أستاذنا البروف عثمان سيد احمد غادر ذات عام الدوحة نهائيا عائدا الى السودان، وكان يحسب انه لا يحمل شيئا خاضعا للتعرفة الجمركية فإذا به يفاجأ بأن كتبه ستبقى رهينة حتى يدفع عليها الرسوم المستحقة (سؤال: كيف تحتسب جمارك الكتب؟ حسب الموديل .. يعني كتاب مطبوع العام 2008 أغلى من كتاب موديل 1985؟ وهل المسألة بعدد الصفحات؟ وهل الكتاب ابو غلاف جلدي أعلى رسوما من الكتاب ذي الغلاف الورقي؟). يا جماعة أقصى ما استطيع القيام به هو جمع الكتب وشحنها الى الخرطوم، وكما قلت في مقالي السابق فقد تكرمت لجنة الشؤون الثقافية ولجنة النشاط الطلابي بمجلس الجالية السودانية في قطر، بتبني «مشروع المكتبات الوطنية».. ولكننا كمغتربين لسنا في وضع يتيح لنا الاتصال بسلطات الجمارك و»تحنيسها» لإعفاء ما سنرسله من كتب الى الجامعات او مكتبات المدن والأحياء من الرسوم الجمركية .. وهنا عندي اقتراح ومناشدة للأمانة العامة لجهاز السودانيين العاملين في الخارج: يا دكتور تاج المهدي، لماذا لا تكونوا طرفا رئيسا في هذا المشروع بما لديكم من صلات بالمغتربين في أركان الدنيا الأربعة.. تخاطبونهم ليسهموا في المشروع ثم تحصلوا لنا على الإعفاء الجمركي التام للكتب التي سنجمعها لأن ذلك جهد خيري بحت .. وكده أكون عافي للجهاز أي دولار انتزعوه من جيبي بل وأتعهد بأن أنظم حملة خاصة بجامعة المغتربين المقترحة لتصبح لها مكتبة ذات شنة ورنة. قد يبدو حديثي هنا عن تعهدي بجمع آلاف الكتب أقرب الى الفوجاج،.. ليكن، طالما الغاية نبيلة ولكنني أؤكد للمرة العاشرة ان جمع الكتب ليس أمرا صعبا بل أنا واثق من أنه وبمجرد انطلاقة المشروع، ستقدم لنا جهات قطرية تبرعات معتبرة.. لن نطلب من أية جهة نقدا (كاش) بل سنقول لهم تبرعوا لنا بكتب ونعطيهم قوائم بها، وهناك جهات لديها مكتبات، أبدت سلفا استعدادها لتزويدنا بكميات مهولة من الكتب.. ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف القطرية ستتبرع لنا بكتب تخصصية لطلاب الشريعة في الجامعات .. وعلى كده عيب ان تأتي العترسة من الجانب السوداني سواء في مجال الجمارك او تخصيص المواقع والأراضي .. ولهذا فإنني أناشد جهاز المغتربين ان يدخل على الخط .. وقد قلت من قبل أن هذا المشروع يمثل بالنسبة لي محاولة ل»حسن الخاتمة» وجهازنا العتيد بحاجة الى حسن الخاتمة بعد أن «أكل» المغتربون وأنا على رأسهم لحمه على مر السنين .. ولو طرحت سلطات ولاية الخرطوم مشروع إقامة مكتبة عامة ضخخخخخخمة ..خير وبركة.. لأننا سنفتح أكثر من جبهة بس نتوقع منهم ان يساعدونا في تسيير أمور مكتبات الأحياء والمدن الأخرى والجامعات.