منتهى الخطل والاهتبال والاستهبال أن يُوعد أهل السودان بإنفراجة في الأزمات لمجرد الحصول على وديعة سعودية مهما كان حجمها، هذا إن صح أن هناك وديعة في طريقها إلى الخرطوم. فمع وزراء حكومة الانقاذ ومسئوليها الذين استمرأوا الاستهتار بحياة البشر يستحيل أن تحدث هذه الانفراجة المزعومة. بلد قضى مسئولوه على كل أموال النفط على مدى سنوات عديدة دون أن يرى محمد أحمد لها أثراً إيجابياً واحداً يستحيل أن تدب في اقتصاده الحياة من جديد عبر مساعدات الآخرين. فالمال بلا تخطيط أو ضمائر مسئولين حية لا يغير إلا حياة أفراد يزدادون ثراءً في كل ساعة تتكاثر فيها أعداد فقراء ومسحوقي البلد. وكيف نتوقع انفراجة ونحن نطالع كل صباح تصريحات وزراء الانقاذ غير المسئولة ونسمع عن أكاذيبهم ونشاهد أفعالهم اللا انسانية ونقف على تخطبهم اللا منتهي. بالأمس قرأنا خبراً يفيد بتخطيط وزارة تدمير صحة البشر للتعاقد مع أطباء بنجلاديشيين لكي يحلوا مكان الكفاءات السودانية التي شردها حميدة من البلد. وفي نفس اليوم طالعنا تصريحات لوزير الصناعة يؤكد فيها أن السودان سيصبح دولة صناعية خلال ال 15 سنة القادمة! كيف نتوقع من خريجين ومهندسين وعمال يعتمدون في علاجهم على الأطباء البنغال أن يحولوا دولتنا المنكوبة إلى واحدة من البلدان الصناعية في العالم! بنغال عديل يا حميدة!! هل يعلم هذا الوزير المتعجرف أننا طوال اقامتنا في بلدان الخليج التي تكثر فيها الجاليات الآسيوية لم يحدث أن سمعنا أو رأينا طبيباً بنغالياً في أي من المستشفيات! جيرانهم لم يقتنعوا بفكرة استقدامهم كأطباء يداوون مرضاهم، لكن يبدو أن حميدة أكثر ذكاءً وحرفية من المسئولين الخليجيين! حتى بين الكوادر الطبية المساعدة نرى كل يوم السيسترات والممرضات ومحضري العمليات من الفلبينيين، الهنود والتايلنديين، لكننا لم نر ولا بنغالياً واحداً. أكثر مهنة تعمل فيها هذه الجنسية - مع أكيد احترامنا لكل الجنسيات- هي تصليح عوادم المركبات، تليها النجارة والسباكة. فكيف يطيب لوزير يفترض أنه مسئول عن صحة البشر في الخرطوم الاستعانة بأطباء بنغال في بلد أُشتهر وسط شعوب العالم بحرفية ومهارة أطبائه! أي هوان هذا الذي نعيشه يا أهل السودان! أيعقل أن يصر المريض الخليجي في بعض المستشفيات هنا على الانتظار حتى ولو كان طويلاً رافضاً الدخول لطبيب من جنسية أخرى ممنياً نفسه بمقابلة الطبيب السوداني لأنه في نظره ماهر ومُحب لعمله ومخلص في أداء مهمته.. أيعقل أن ينتظر أهل الخليج طبيبنا في مستشفياتهم لمداواته من آلامه، بينما يصر حميدة على الاستعانة بأطباء بنغال ربما لزيادة معاناة وآلام المرضى السودانيين في بلدهم! ورغم كل ذلك يأتيك الوعد بالتحول لدولة صناعية في السنوات القادمات! أليس هذا (هبلاً) و(عبطاً) بالله عليكم! كيف لبلد يفتقر مواطنه للخدمات العلاجية، التعليم المناسب، البيئة النظيفة، الماء ، الكهرباء والغاز أن يتحول للصناعة! ربما أن وزير الصناعة يقصد صناعة الأخبار الكاذبة والأوهام. [email protected]