لا شك ان لقاء قناة الجزيرة مع الدكتور علي الحاج نقلة في الصراع بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي من تحت الطاولة الي براح الاعلام الواسع وهذا خط جديد في التعامل مع هذه القضايا ، هذا المنهج لم يكن حاضراً في حياة الشيخ الترابي تحديداً في سنوات الحوار الوطني ولكن لا يعيبه أنه لم يكن حاضراً في حياة الشيخ الترابي فلكل مرحلة منهجها ولكل شيخ طريقته ، عموماً أراد الدكتور علي الحاج المعروف بقدراته العالية في التفاوض والمناورة تصويب رسائل قوية من منصة قناة الجزيرة الي الحزب الحاكم ، ولكن ما هي القضايا التي يناور ويفاوض علي الحاج بها في هذه الأيام ، هل يناور بالحريات من أجل المشاركة ام يناور بالمشاركة من أجل الحريات . في لقاءات سابقة صرح الدكتور علي الحاج بان قضية زواج التراضي وهي القضية الأعلي صوتاً في التعديلات الدستورية بأنها ليست بذات اهمية وفي هذا رسالة قوية لصناع القرار الحكومي بأن الحزب يتعامل بإيجابية مع هذا الأمر ، بل زاد الدكتور علي الحاج علي ذلك وصرح بان أراء الدكتور الترابي ليست مقدسة وأنه حتى الألفاظ التي اشتجر الناس حولها في التعديلات الدستورية مثل ألفاظ المتهوم والطلاقة هو علي استعداد ان يتنازل عنها بألفاظ اخري اكثر ملائمة للذوق اللغوي السوداني العام ، فقط هي قضية الحريات السياسية التي يقف عندها الشعبي موقفاً ثابتاً ، الدكتور علي الحاج في لقاء قناة الجزيرة الذي امتد لأقل من نصف ساعة ذكر فيه كلمة الحرية اكثر من ثلاثين مرة واعتقد ان هذا رقم قياسي لسياسي سوداني في تناول كلمة الحرية . لكن لا يمكن بأي حال إغفال ان نصيب المؤتمر الشعبي الذي طرحته حكومة الفريق بكري حسن صالح كان محل استهجان في دوائر المؤتمر الشعبي ، فالشعبي يعتقد ان مشاركته في حكومة الفريق بكري يجب ان تليق بتاريخه ونضاله وجهاده الكبير وإسهامه العريض في إنجاح الحوار الوطني ، الشعبي ليس مثل الاحزاب المصنوعة في دوائر الامن والمخابرات هو شريك اساسي في التحول الأكبر في الحياة السياسية السودانية عبر انقلاب الانقاذ . مع كل هذه الأشياء يصعب علي أي قارئ لهذا المشهد ان يضع مناورة المؤتمر الشعبي التي يقودها الدكتور علي الحاج في إطار معين ، الوصف الأصح هي مزيج بين رغبة الحزب في تمرير التعديلات الدستورية المتعلقة بالحريات وبين المشاركة الفاعلة في حكومة الفريق بكري . تقديري ان مساحة المناورة الواسعة التي فعلها الدكتور الحاج في قناة الجزيرة تجاوزت الحد المسموح به ، يعلم الكل ان الشعبي ربط قرار المشاركة بإيداع التعديلات الدستورية ولكن علي الحاج خرج في لقاء الجزيرة برؤية جديدة وهي ان قرار المشاركة في حكومة الفريق بكري مربوط بإجازة التعديلات الدستورية ، ولكن ايضاً الملعب السياسي لا يقاس بالمسطرة اذا أردت تحقيق أهدافك يجب عليك بذل أقصي الجهد في المناورة وممارسة الحيل والتكتيك السياسي ، وإذا أردت غير ذلك فيجب عليك ان تغادر حينها ميدان السياسية الي ميدان اخر . أعتقد ان قضية التعديلات والمشاركة في حكومة الحوار الوطني كانت أهم الأسئلة وبطبيعة الحال هي اهم الإجابات ، غير ذلك لم يقدم الدكتور علي الحاج اجابات موضوعية علي الأسئلة الأخري رغم درجة أهميتها ، لم يتحدث الدكتور علي الحاج طوال الحلقة عن أهم قضية في ميراث الشيخ الترابي وهي المتعلقة بالمنظومة الخالفة صحيح ان المحاور لم يسأله بشكل مباشر ولكن في اجابته عن المستقبل لم يتحدث عنها وأي مستقبل بلا هذه الرؤية الجوهرية للمؤتمر الشعبي ، اجابة الدكتور علي الحاج عن موقع الحركة الاسلامية السودانية مقارنة برصيفاتها في العالم الاسلامي لم تكن كافية خاصة اذا علمنا ان الحركة الاسلامية السودانية كانت فصلاً نموذجياً للحركات الاسلامية ، اعتقد ان هذا السؤال يحتاج الي جلسات عصف ذهني عميق وقطعاً هو ليس من الاسئلة السهلة التي تحتمل الاجابات الجاهزة . [email protected]