تقرير: عبدالوهاب جمعة: حفلت الساحة السياسية في الآونة الاخيرة بإرهاصات متباينة حول التقارب بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي. الحزبان اللذان شطرت بينهما السياسة بعد ان الفت بينهم اماني الحكم الاسلامي ، وكلما التقت قيادات الحزبين في مناسبة اجتماعية الا وتصاعدت الانباء عن قرب الوحدة بينهما ، من سرداق عزاء اسد الحركة الاسلامية ياسين عمر الامام الى تظاهرات الاسلاميين ضد الانقلاب في مصر، ماجت الساحة بأمنيات واشواق الاسلاميين الى الوحدة ، على ان آخر حجر في بركة وحدة الاسلاميين جاء هذه المرة من الحكومة بإطلاق سراح عضو مؤثر في المؤتمر الشعبي، فقد اطلقت سلطات سجن كوبر مساء امس، سراح عضو المؤتمر الشعبي، يوسف محمد صالح ادم، الشهير ب(لبس) بعد اكثر من 12 سنة امضاها في السجن بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية في العام 2004، وكانت السلطات قد حكمت على اكثر من 10 من اعضاء المؤتمر الشعبي بأحكام مختلفة تراوحت بين 5 سنوات الى 10 سنوات و15 سنة، بتهم تتعلق بالمشاركة في محاولة انقلابية، وقضى بعضهم فترة حكمهم بينما اطلق سراح بعضهم قبل 5 شهور بعفو رئاسي، وبقي لبس في السجن رغم قرار العفو. ووصل لبس الى منزله بضاحية عد حسين جنوبالخرطوم مساء امس الاول وسط فرحة طاغية تخللتها دموع وبكاء من اولاده وذويه، بينما احتشدت قيادات من المؤتمر الشعبي لتهنئة لبس بخروجه من السجن يتقدمهم الامين العام للحزب حسن الترابي. دموع فرحة اسرة لبس بإطلاق سراح ابنها ، قابلته فرحة عارمة عند معظم الاسلاميين الذين يرون فيها فرصة لجمع الفرقاء الذين فتكت بهم تقسيمات السياسة ما بين القصر والمنشية قبل 14 عاما . مراقبون لتقاطعات الحركة الاسلامية يقولون ان اطلاق ( لبس ) قد يكون الترس الذي سيحرك عجلة التقارب بين الاخوة الاعداء، مشيرين الى ان المؤتمر الشعبي كان يضع اطلاق سراح اعضائه كأحد اهم مقدمات التقارب بين الطرفين . يرى القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي ان وحدة الاسلاميين وتوافقهم امر حتمي، بيد انه يقول ان ميعاد وكيفية حدوثه رهينان بقدرة الاشخاص على تجاوز الماضي، ويقطع القيادي بالوطني انه (لابد من صنعاء وان طال السفر ) ويعتقد عبدالعاطي ان مؤشرات التقارب واضحة تدل على قرب التوافق من الحوار الذي يجري، مشيرا الى وجود مرجعية واحدة تجعل الامر يبدو وشيكا. على ان الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر يعتقد ان اطلاق سراح (لبس ) خطوة ايجابية تتطلب خطوات اخرى من قبيل اطلاق سراح اخرين في قضايا دارفور والنيل الازرق، وتسريع روح الوفاق الوطني ، مشيرا الى خصوصية اطلاق ( لبس ) الذي مكث قرابة 12 عاما في السجن، مؤكدا ان وجود ( لبس ) في السجن كان غصة في حلق الوضع السياسي . بيد ان الامين السياسي للمؤتمر الشعبي يرى ان توصيف اطلاق ( لبس) باعتباره عربون حوار هو خاطئ في الحسابات السياسية، مشيرا الى ان خلافهم مع الوطني ليس حول ( لبس ) او ايقاف صحيفة الحزب، مشيرا الى رؤيتهم المتمثلة في ازمة الوطن والحريات العامة والنظام الفيدرالي ومسألة الدستور . اذن هى خطوة ايجابية وليست عربون حوار بين الوطني والشعبي كما قال الامين السياسي للشعبي، لكن أليس بذلك القول يتحقق القول السائد بأن كمال عمر هوالصخرة التي تنكسر فيها امال الاسلاميين في التقارب .؟ يدافع كمال عمر عن نفسه ويقول : ان ذلك التوصيف غير دقيق، مشيرا الى انه يصرِّف الخط السياسي للحزب ويقول ( انا اعبر عن الخط السياسي للحزب واوضح المواقف )، واوضح كمال انه لا يعرف الرؤية الرمادية، مشيرا الى انه لا يحمل اية مواقف شخصية تجاه الوطني. بيد ان استاذ العلوم السياسية، حسن الساعوري، يرى ان التقارب ليس وشيكا، موضحا انه بدون وحدة و تقارب قيادات الحزبين فإن التقارب لن ينجح، ويعلل استاذ العلوم السياسية ذلك الامر بما يسميه (التراكم النفسي بين الطرفين ) طيلة العشر سنوات الاخيرة، مشيرا الى ان محصلة هذا التراكم النفسي تجعل التجانس بين الطرفين متدنيا الى ابعد الحدود، مبينا ان ذلك فاقم من ازمة الثقة بين الطرفين للدرجة التي يفضل فيها كل طرف التعاون مع الاحزاب الاخرى دون الشقيق الاسلامي، ويقطع الساعوري بأن الوحدة بين الطرفين لن تكون كالسابق بل ستكون بين طرفين متشاكسين . اذن هل ستكون وحدة الوطني والشعبي في حال تحققها نسخة جديدة من مشاكسات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ابان شراكة اتفاقية السلام الشامل ومستحقات نيفاشا، ام ان الامر مجرد مبالغة؟ يؤكد القيادي بالمؤتمر الوطني ان خلافات العشر سنوات الاخيرة ليست امرا جديدا، مشيرا الى ان تلك الخلافات تعتبر رصيدا اضافيا، معللا ذلك بأن الاختلافات والمفاصلات الاسلامية التي كان يرى فيها ضعفا هى التي منحت الفقه رصيدا ثرا من المعرفة، بيد ان الساعوري يعتقد ان تلك الوحدة بين الشعبي والوطني لن يكون لها اثر في العمل السياسي الفعال بوجود قيادات الحزبين . على ان استاذ العلوم السياسية بجامعة بحري الدكتور عمر عبدالعزيز، يرى انه يمكن النظر الى وحدة الاسلاميين من مقاربة ثلاثية تستصحب ماضي انشقاق صفوة وقيادات الحزبين في ايام المفاصلة، مشيرا الى ان قواعد الحزبين اقحمت في الصراع الذي قاد الى تصفيات وفجور في الخصومة بين الطرفين، مشيرا الى اشواق القاعدة نحو الوحدة وهو الامل الوحيد الذي تعيش عليه قواعد الحركة الاسلامية، ويعتقد استاذ العلوم السياسية بجامعة بحري ان المخاطر الخارجية ودخول اعداء الطرفين في المعادلة كانت احدى الدوافع التي تعجل بالتقارب بيد انه يعتقد ان هناك قيادات بين الطرفين تعيق التقارب . ويعتقد عبدالعزيز ان التقارب والوحدة بين فرقاء الحركة الاسلامية سيكونان حدثا يهز الساحة السياسية ويمنح الطرفين قوة اكبر، مشيرا الى ان التقارب والوحدة بين الشعبي والوطني سيكونان اهم حدث سياسي في البلاد بعد حادثة انفصال جنوب السودان.