عادت دوائر الضوء مجدداً إلى محيط زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، فالرجل منذ أن وجه انتقاداته إلى قوات الدعم السريع في مايو المنصرم أصبح في مرمى الدوائر القانونية ومدفعية المؤتمر الوطني، ففي بحر هذا الأسبوع قال رئيس الجمهورية عمر البشير في لقائه مع قادة الأجهزة الإعلامية "الصادق المهدي سيحاكم وفقاً للقانون لا أكثر ولا أقل" وفي ظل وجود الرجل خارج البلاد وتمسك الوطني بمحاكمته تبرز فرضية ملاحقته بواسطة الانتربول، وهي الخطوة التي تباينت فيها وجهات النظر.. المفتي: إذا أرادت الحكومة إعادة المهدي عبر الانتربول فإنها لا تعدم التهمة الجنائية نبيل أديب : البوليس الدولي معني بالجرائم العابرة للقارات لا الجرائم السياسية تباين المسببات ترتكز أهداف المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الانتربول" وفقاً لموقعها على الشبكة العنكبوتية، "على تأمين وتنمية التعاضد في إطار الأنظمة القائمة في مختلف البلدان وفقاً لروح البيان العالمي لحقوق الإنسان والمساهمة الفعالة في الوقاية من جرائم القانون العام ومكافحتها، مع الإشارة إلى أنه يحظر على الانتربول حظراً باتاً أن ينشط او يتدخل في شؤون ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري" ، إلا أن الموقف بشأن المهدي يثير جدلاً كثيفاً وسط تباين في الآراء. ففي الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن المهدي لم يرتكب جرماً يقود إلى ملاحقته بالبوليس الدولي، يقول آخرون إن الحكومة حال رأت حقيقةً استعادة الرجل بالجبر (الانتربولي) فأنها لا تعدم الجرم الذي يلاحقه، وفي هذا السياق يقول الخبير القانوني د.أحمد المفتي إن الحكومة إذا أرادت أن تبحث عن المهدي بواسطة البوليس الدولي فإنها لا تعدم التهمة الجنائية ويضيف ل(السوداني) أن تعاون المهدي مع جهات الحاملة للسلاح ضد الدولة يشكل تهمة كافية للملاحقة مشيراً إلى أن الشرطة الدولية لا يقتصر دورها على الجرائم الدولية فقط وإنما حتى القانون الوطني مثلاً – حال هروب لشخص حرر له شيكاً فإن النشرة يمكن أن تعمم ويتم القبض عليه- ، لكن المفتي يستبعد ملاحقة الحكومة له لجهة أن الجانب السياسي يغلب على الجانب القانوني.. إلا أن المحامي نبيل أديب له وجهة نظرة مغايره من المفتي، حيث يقول أديب ل(السوداني) إن البوليس الدولي لا يقبض على شخص وإنما ينقل معلومات عن الشخص المطلوب القبض عليه ويعمم نشرته حسب خطورة الجريمة "الحمراء والصفراء" على الدول المحتمل أن يكون فيها المتهم ويخطرهم بالدولة التي ترغب في القبض عليه، مشيراً إلى أن الجرائم المعني بها هي الجرائم العابرة للقارات مثل الإتجار بالبشر ونقل الدعارة والحشيش والأفلام الإباحية، ويضيف مستطرداً ممنوع نهائياً أن يتدخل في الجرائم السياسية ولا يجوز له أن يعمم نشرة بشأنها، ويؤكد أديب على عدم وجود فرصة للسودان لملاحقة المهدي، معتبراً أن حمل السلاح ضد الدولة من الجرائم السياسية وأصبحت مضمنة في القوانين العالمية منذ اتفاقية جنيف الرابعة عام 1970م ، وتتيح التعامل معهم حال التزامهم بقانون "الحرب والحياد" وعدم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فلاش باك وبالعودة إلى الوراء نجد أن المهدي تصاعدت وتائر الخلاف بينه والحكومة منذ الهجوم والنقد اللاذع الذي وجهة لقوات الدعم السريع واتهمها بارتكاب جرائم في مايو الماضي الأمر الذي بموجبه مثل أمام نيابة أمن الدولة بالسجانة إلى أن دخل إلى المعتقل بأيام قلائل من مثوله، إلا أن الرجل عقب خروجه من سجن كوبر طار إلى باريس وأبرم وثيقة "إعلان باريس" مع الجبهة الثورية في أغسطس الماضي ذاك الإعلان الذي لازالت تداعياته مستمرة ولم تتوقف دوئره عن الغليان بعد، وفيما بعد مضت الأطراف الموقعة إلى تنفيذ ما اتفق عليه فطار المهدي إلى القاهرة والإمارات وأديس أبابا مبشراً بما تواثق عليه، في وقت أودعت نجلته مريم زنزانة السجن من سلم الطائرة بعد عودتها من باريس، وقتها شدد القيادي بالمؤتمر الوطني وعضو البرلمان محمد الحسن الأمين على ضرورة مساءلة ومحاكمة ابنة المهدي (مريم) مشيراً إلى أنها حرضت المجموعات المسلحة ضد الحكومة ومضى قائلاً إن المحاكمة ستطال رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي بذات التهمة، وفي ذات السياق قال وزير الإعلام أحمد بلال عثمان إن ابنة المهدي متهمة بتقويض النظام الدستوري الذي تصل عقوبته إلى حد الإعدام وفقاً للقانون الجنائي السوداني لسنة 1991م في المادة (50)، لكن في المقابل قدم مسؤول الدائرة القانونية سابقاً وعضو المكتب السياسي بحزب الأمة القومي المحامي صالح حامد مرافعة قانونية عن تصريحات قادت الحكومة حينذاك، وقال حامد ل(السوداني) إن توقيع إعلان باريس يأتي في سياق إمكانية البحث عن حل يفضي إلى استشراف مستقبل يحقق الاستقرار والسلام في إطار العمل السياسي المدني ويضيف حامد وفقاً لهذا المنظور فإن إعلان باريس يعد مدخلاً إيجابياً لتحقيق السلام في السودان والحكومة هي المستفيد الأول، بل تضمن الإعلان وقف العدائيات لمدة شهرين وهي بمثابة مقدمة لوقف شامل لإطلاق النار، ويمضي مؤكداً أن المهدي شأنه كشأن أي رئيس حزب يبحث عن حلول لمشكلات وقضايا بلده، والحديث عن محاكمته يعتبر ضيق أفق من الحكومة ويؤكد عدم مقدرتها على الاستفادة من إعلان باريس، لذا التوجه نحو إطلاق التهم والمحاكمة وعبارات التخوين حديث غير إيجابي، ويمضي حامد مشيراً إلى أن الحكومة تعاملت مع إعلان باريس بردة فعل دون قراءة سياسية. وتعيد قصص إعادة سياسيين إلى البلاد الحادثة الأشهر، حيث نجحت الحكومة في 2004م في استرداد رئيس التحالف السوداني العميد (م) عبد العزيز خالد على خلفيه اتهام له بالمشاركة في تفجير أنبوب نفط شرقي السودان، حيث ألقي القبض على خالد في مطار أبوظبي بواسطة الشرطة الدولية التي سلمته مباشرة للسلطات السودانية التي أودعته مباشرة في السجن حتى أصدر الرئيس عمر البشير قراراً بالعفو عنه.