د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته السلع الإستراتيجية التي تقدم لها الدولة دعماً حتى تصل للمستهلكين بسعر معقول هي صنفان رئيسيان، الأول: المواد البترولية بكل مشتقاتها مثل البنزين والجازولين والفيرنس (ومن خلال دعمه يتم دعم استهلاك الكهرباء) وغاز الطهي وغيرها، والثاني: القمح الذي يُستورد خاماً من الخارج ويطحن داخلياً فتنتج عنه عدة مشتقات أيضاً مثل الدقيق والردة. ومن الدقيق ينتج الخبز والمكرونة والشعيرية والمعجنات وغيرها من منتجات الدقيق. فكرة الدعم هي مساعدة المواطن في تحمل أعباء المعيشة، لأن هذه السلع الأساسية، وكلها مستوردة، إذا لم تدعمها الدولة فإنها تصل للمواطن بسعر عال لا يطيقه. وللدعم طريقان إما دعم الإنتاج أو دعم الاستهلاك. ودعم الإنتاج يعني أن تعمد الدولة لتقديم التقاوي أو الكهرباء أو غيرها من وسائل الإنتاج بسعر أقل من سعرها الحقيقي في السوق الحر، وبهذا يخرج المنتج النهائي بسعر معقول. وهذا متصور إن كان المنتج محلياً غير مستورد. أما دعم الاستهلاك فيتم بأن تعمد الدولة لتحديد سعر للمنتج النهائي، وتدفع هي الفرق ما بين التكلفة الحقيقية للمنتج والسعر الذي حددته للمستهلك. وهذا يمكن أن يتم للسلع المستوردة أو المنتجة محلياً. ولأن الدعم بكل صوره يسبب تشويهاً للاقتصاد لأن عوامل الإنتاج المختلفة يصعب التحكم فيها، ولأن قنوات التوزيع تشمل المقتدرين وغير المقتدرين؛ فقد اتجهت معظم الدول لتقديم دعم مالي مباشر للفقراء في شكل مبلغ نقدي يسلم للأسر بدلاً عن دعم الاستهلاك. الوضع الحالي في السودان فيه نوعا الدعم، حيث تقوم وزارة المالية بدعم الاستهلاك، وفي نفس الوقت تقوم بتقديم دعم مالي مباشر مقداره 150 جنيهاً لحوالي 500 ألف أسرة على مستوى السودان. تلاحظ في مشروع ميزانية العام 2015 المعروض الآن أمام المجلس الوطني أن المخصص لدعم السلع الإستراتيجية، قد زاد بنسبة 57% عن المخصص للعام 2014. هذا على الرغم من انخفاض أسعار البترول عالمياً بنسبة كبيرة، وانخفاض أسعار القمح كذلك. لقد كان متصوراً نتيجة لهذين الانخفاضين أن يقل المبلغ المخصص للدعم لا أن يزيد. فما تفسير ذلك؟ التفسير بسيط وهو زيادة الاستهلاك. لقد سجل استهلاك السودان من المشتقات البترولية ومن القمح الخام زيادات مضطردة منذ العام 2010 وبنسب كبيرة مذهلة أحياناً. ففي العام 2012 ورغم انفصال جنوب السودان في العام الذي قبله، ورحيل أعداد هائلة من الجنوبيين لبلدهم، زاد استهلاك القمح الخام بنسبة 30% بدلاً عن أن ينقص. واستمرت الزيادة المئوية في الاستهلاك في القمح وفي المشتقات البترولية عاماً بعد عام، بنسبة تفوق نسبة النمو السكاني بكثير. السبب الوحيد لهذا هو التهريب. كل دول الجوار الجغرافي فيما عدا ليبيا ومصر يتم تهريب المواد البترولية والدقيق ومشتقاته لها بصورة راتبة وكبيرة. وذلك لأن أسعار هذه المواد بالسودان، تقل كثيراً عن أسعارها بهذه الدول، بسبب الدعم الذي تقدمه دولتنا لهذه السلع. لقد سمى السيد رئيس الجمهورية هذا السلوك من دولتنا بالغفلة وقد صدق. هذه غفلة ما بعدها غفلة. ضبط الحدود صعب، والتحكم الإداري في الحصص أصعب منه، ويفتح أبواباً لا تسد للفساد. والحل المناسب يكون بالتحرير الكامل لهاتين السلعتين مع الحرص على مراعاة الفقراء وذوي الدخل المحدود، إما بالدعم المادي المباشر، أو ببطاقة تموينية إلكترونية تتيح لهم الحصول على حصة معينة بسعر مدعوم. والله الموفق.