تمنى ممثل يوغندا في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التي أُختتمت الأسبوع الماضي في جنيف للسفير جون أوكاس ليوث مندوب السودان الدائم للأمم المتحدة في المقر الأوربي أن يراه (رئيساً للوزراء في جوبا). ورغم أن الأمنية ألقيت همساً إلا أن جون رد عليه باللغة الإنجليزية قائلاً (ولماذا ليس في الخرطوم). واعتبر المسؤولون السودانيون الذين شاركوا في اجتماعات جنيف هذا الحوار أو أمنية ممثل يوغندا غير منفصلة عن رغبات حكومته التي تتمنى أن ينفصل الجنوب. ولم يكن هذا الموقف فقط هو الذي لفت انتباه ممثلي الحكومة السودانية في اجتماعات جنيف، بل الموقف اليوغندي الشاذ والمفارق للأغلبية الإفريقية التي آزرت السودان في رفضه للتمديد لمقرر حقوق الإنسان السيد محمد عثمان شاندي الخبير المستقل لأوضاع حقوق الإنسان. وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي قد أصروا بعد الاستماع الى تقرير من شاندي عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان على التمديد له لفترة جديدة لم تتقرر مدتها بعد. وقال مولانا عبد الدائم زمراوي إن موقف الدول الغربية كان سياسياً أكثر من كونه متعلقاً بإنتهاكات أو تجاوزات لحقوق الإنسان.. وأضاف أن الدول التي لم تنطلق من أجندة سياسية خلال المداولات أقرت بوجود تحسن في أوضاع حقوق الإنسان وتحول ديمقراطي وحرية تعبير.. وهو أمر غضت عنه أمريكا والاتحاد الأوربي الطرف وتمترس خلف القرار القاضي بالتمديد لشاندي. وقال مولانا زمراوي إن أمريكا وأوربا لم تنكرا وجود تحسن ولكنهم برروا إصرارهم على التمديد بأن السودان يشهد لحظة مصيرية تتمثل في إجراء الإستفتاء على حق تقرير المصير، وأن مثل هذا الظرف يحتم وجود ممثل للمجلس في السودان. وعبر مولانا زمراوي عن أسفه لأن موقف يوغندا لم يكتف بمساندة التمديد والخروج على الإجماع الإفريقي، بل أطلق تحذيرات من أن الموقف في السودان سيكون مماثلاً لما حدث في رواندا. وقال زمراوي إن ممثل يوغندا لم يعجبه جو التوافق الإفريقي. مولانا احمد ادريس مقرر المجلس الاستشاري قال ل «الرأي العام» إن قضية التمديد لشاندي تحتاج الى أن تبت فيها الاجهزة الحكومية في الخرطوم لافتاً الى ان الامر سيخضع الي نقاش من قبل المجلس وجهات حكومية ذات صلة. مشروع قرار التمديد لشاندي الذي اعتمده المجلس في جلسة ساخنة تقدّمت به الولاياتالمتحدة وسويسرا والنرويج واليابان والقرار فاز بأغلبية «25» صوتاً مقابل «19» صوتاً وامتناع «3» دول عن التصويت. السفير جون أوكاس اعرب عن اسفه لنتيجة التصويت، ووصف ماتم في جنيف وقرار التمديد لشاندي بأنه يمثل إهانة وتلطيخاً لصورة السودان. وقال في تصريحات له هناك (ليس من السهل على السودان أن يقاوم عمالقة الثروة والسلطة، لا سيما وأن بعض الدول قد انقلبت على اتفاقياتها مع السودان) لكنه اكد ان السودان ورغم ذلك سيحترم آراء من صوّتوا ضدها. ولفت الى أن السودان لا يمكن أن يعمل وهو مقهور. وقال إن سجل السودان في مجال حقوق الإنسان «متقدم» مُقارنةً مع دول أخرى في العالم، متهماً الاتحاد الأوروبي بازدواجية المعايير والتعامل مع قضايا التمرد والانفصاليين بوجهات نظر مختلفة. موقف الصين كان مؤيداً للسودان حيث أشادت بتعاون السودان مع آليات حقوق الإنسان والتقدم المحرز فيه بموجب تقرير الخبير الخاص ذاته المعروض أمام مجلس حقوق الإنسان، واعربت الصين عن تضامنها مع السودان والمجموعة الأفريقية في مشاوراتها بحثاً عن المصالحة ودعم حقوق الإنسان، ورأت المجموعات الأفريقية والعربية والإسلامية عدم وجود أي مبرر لاستكمال عمل المقرر الخاص نظراً لما حَقّقَه السودان من تقدم في مجال حقوق الإنسان، وشددت على أنه يحتاج في المقابل إلى دعم من دول العالم والمنظمات الدولية، بيد أن الاتحاد الأوروبي أكد وجود تحديات مقبلة، وأشار إلى أنه ليس من الصواب انسحاب مجلس حقوق الإنسان من السودان الآن في ظرف حسّاس من تاريخ هذا البلد، وأضاف أن البدائل المعروضة من أفريقيا أو السودان لا تضمن الاستقلالية والحياد. وفي الخرطوم وجد قرار التمديد رفضا من عدد ممن تحدثت معهم (الرأي العام) في هذا الملف. وقال حمدتو مختار عضو الوفد الحكومي السابق في اجتماعات جنيف، إنّ الحكومة يحق لها رفض استقبال الخبير المستقل، لافتاً إلى أن القبول به في السابق تم بفارق ضئيل في التصويت، وأكد ل «الرأي العام»، عدم وجود ما يستلزم انتداب خبير مستقل، وأشار إلى أن وجوده يوصم السودان بأنه دولة توجد بها انتهاكات لحقوق الإنسان إلا أن د. احمد المفتي الخبير القانوني مقرر المجلس الاستشاري الاسبق لحقوق الانسان ورئيس مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان كان اعتبر في حوار سابق مع «الرأي العام» ان الامر سيان بقاء المقرر من عدمه رغم ان وجود مقرر خاص مؤشر على ان حقوق الانسان في الدولة المعنية ليس على ما يرام، لكنه قال إن التعامل مع آليات حقوق الانسان بجنيف افضل من الاستعاضة بآليات مجلس الامن التي تسيس القضايا وتخضعها للفيتو. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 7/10/2010م