قرأت كتباً كثيرة في النقد الأدبي المعاصر، ولكنني لم أجد كتاباً في امتاع المؤلف الأدبي الجميل (أضواء النقد)، للناقد الكبير الأديب الشاعر القاص الأستاذ مصطفى عوض الله بشارة، الذي قدم للمكتبة السودانية والعربية والإسلامية أكثر من خمسة عشر كتاباً، يظفر النقد الأدبي والدراسات والتوثيق بجانب كبير منها.. آخرها حزمة المؤلفات الأدبية التي رصد فيها الحراك الأدبي والشعري في السودان خلال القرن المنصرم، والتي قدم فيها أبرز أعمال أدبائنا وشعرائنا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.. عندما أصدر الأستاذ مصطفى بشارة كتابه، لم يكن في الساحة إلا كتاباً أدبياً وحيداً، عكف على نقد الانتاج الأدبي في السودان في ذلك الوقت، ألا وهو كتاب (محاولات في النقد) للشاعر الراحل محمد محمد علي.. الشاعر المعروف قريب الشاعر جماع.. ومن أبناء عمومته، وقد رحل رحمه الله مع الرئيس عبد الناصر في يوم واحد، في اليوم الثاني والعشرين من سبتمبر عام 1970م تماماً مثل المنفلوطي... الأديب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي رحل في يوم واحد مع زعيم الأمة سعد زغلول، مما حدا بشاعر النيل حافظ إبراهيم أن يقول في رثائه: اخترت يوم الهول يوم وداع لما نعاك إلى القلوب الناعي من مات في فزع القيامة لم يجد قدماً تشيع أو حفاوة ساعِ وإذا عدنا إلى أستاذنا بشارة الذي بدأ حياته بعمله الروائي القصصي (عواطف وقلوب)، في وقت تتوهج فيه أضواء القصة والرواية، بواسطة أعلام تلك المرحلة.. عثمان علي نور، وعثمان الحوري، والزبير علي، وأبوبكر خالد، والطيب زروق.. وفي وقت كانت أية رواية أو قصة أو مجموعة قصصة، تعتبر إضافة كبيرة لعالم القصة والأدب في السودان.. وهي الفترة التي شهدت (أبراج الحمام) لفؤاد أحمد عبد العظيم.. وأعمال الحميدي.. وعلى المك، والتي توجهت بعدها الأقلام الشابة والتي تزعمها بلا شك عيسى الحلو في ريش الببغاء، وغير ذلك من الأعمال، وقد تجلت في ذلك الوقت كتابات محمود محمد مدني.. وعبد الهادي صديق، وعبد القدوس الخاتم.. وغيرهم من شباب تلكم المرحلة. ولما كان الكثيرون منشغلون بالابداع وتقديم تجاربهم لترى النور.. كان اهتمام طائفة من الأدباء المقتدرين، بجانب النقد، فشهدت تلكم المرحلة أعمال أستاذنا الفذ مصطفى عوض الله بشارة، شاعراً وكاتباً وقاصاً وناقداً، وشهدت في ذات الوقت أعمال أبناء جيله الذين تخصصوا واهتموا بالنقد الأدبي، أمثال الشاعر المبدع محمد محمد علي، والناقد الكبير الأستاذ الدكتورعز الدين الأمين- الذي أسس في هذا الجانب جماعة الأدب المتجدد.