دعوني أيها الأخوة أقتبس من المقال الرائع الذي كتبه الأخ خباب محمد أحمد النعمان في جريدة آخر لحظة27/4/2011 حيث قال: ( ويبقي أن نقول أن نافع وقوش ليسا تيارين منفصلين وإن بديا كذلك ، إنهما ذات واحدة تصطرع في طياتها حمم التناقض ، وينعكس عليها تشوهات المنظومة واضطراب السياق، ولكن مع ذلك يستطيع كل منهما النظر الي ذاته في مرآة الآخر مع اختلاف الأبعاد وتغير المقاسات ) . وأنا الآن من أشد الناس حزناٌ لأن ثورة الإنقاذ أكلت ثورها السمين الفريق أول صلاح قوش وكادت أن توزعه للضباع ليأخذ كل منه قطعة ، ولم تنتظر الي التاسع من يوليو 2011 ليحتفل معها بانفصال الجنوب ، كان يمكن إرجاء إقالة صلاح قوش حتي انفصال الجنوب لأنه كان من اللاعبين الأساسيين في هذا الإنفصال . إن الدكتور نافع والفريق أول صلاح قوش كلاهما وجهان لعملة واحدة ( طرة وكتابة ) لا يمكن المجازفة بمسح أحدهما ، مهما كانت الأسباب ، ومهما قال المروجون من أصحاب الفتن والدسائس ، فقد كان الواجب علي لجنة الحكماء أو القيادة العليا بالمؤتمر الوطني أن تبذل قصاري جهدها لمعالجة هذا الموقف قبل وصوله للسيد الرئيس ، لأنه في هذه الحالة سيكون السيد الرئيس ملزما بتطبيق القانون ، وملزما بحماية اللوائح الداخلية للحزب ، وخاصة فيما يتعلق بالنظام الأساسي والتنظيمي والإداري للحزب ، كما هو ملزم أيضاٌ أن يقول للفريق أول صلاح قوش بأنك أخطأت بالرد علي مساعد الرئيس الدكتور نافع بهذه الطريقة غير الائقة ، وعياناٌ بياناٌ في الأجهزة الإعلامية . إذن كان لا بد للسيد الرئيس أن يحمي حزبه ويعالج المواضيع الخطيرة بقرارات أخطر منها ، لأنها وصلت اليه وكان من الممكن أن لا تصل اليه ، ولكن ، هنالك السؤال المنطقي الذي يجب طرحه والإجابة عليه وهو : لماذا تم رفع ذلك الملف للسيد الرئيس ليبت فيه بالسرعة الممكنة ؟ لماذا لم يتم لم شمل كل من الدكتور نافع والفريق صلاح في جلسة صلح عصرية بواسطة أقطاب الحزب وبعيدا عن الصحافة وما شابه ذلك ، ودون علم السيد الرئيس ؟ . هل هنالك من يترصد للنيل من صلاح قوش داخل حزب المؤتمر؟. لذلك أيها الأخوة دعونا نتفاكر معا بكل وضوح لنصل الي نصف الحقيقة ونصف الحل ، أولا يجب أن يعلم الجميع بأن السيد المشير عمر احمد البشير هو الرئيس المنتخب لكل السودانيين ، فهو رئيسي ، ورئيسك ، ورئيس السيد الصادق المهدي، والسيد مولانا محمد عثمان الميرغني ، والسيد نقد ، والسيد الفريق أول سلفا كير ومعه كل الجنوبيين الي التاسع من يوليو 2011 ، وذلك بنص الدستور ، شاء من شاء وأبي من أبي . وهذا هو الواقع أيها الأخوة، ومن هنا فعندما يكون هنالك قرار صادر من رئيس الجمهورية لأمر معين فهذا القرار له تقدير وتأويل ربما يعرفه رئيس الجمهورية والشخص المكلف بذلك فقط ، ولا تعرفه البقية الباقية ، فتعيين السيد الفريق أول صلاح قوش كرئيس لمستشارية الأمن برئاسة الجمهورية يعني أن هذه الوظيفة وظيفة رئاسية وليست حزبية، وأن المسؤول الأول والأخير عن هذه المستشارية هو السيد رئيس الجمهورية ، وليس حزب المؤتمر الوطني ، وقد تشتمل هذه المستشارية علي ملفات غاية في السرية لا يجوز أن يطلع عليها إلا عدد قليل من المسؤولين ، أو لربما القليل جداٌ. لقد التقيت بالأخ صلاح قوش في دولة قطر الرائعة ، حيث كنت أعمل هناك وكان هو يرأس وفداً عسكرياً عالي المستوي في زيارة للدوحة، وكنت أنا من ضمن لجنة الإستقبال التي كونها العميد الركن ناصر عبدالله النعيمي قائد القوات البحرية الأميرية القطرية آنذاك لاستقبال ذلك الوفد عند زيارته للقوات البحرية، وعند عودتي الي السودان لم التقي به حتي الآن ، ولطبيعتنا العسكرية معاٌ فأنا أعلم المعني الحقيقي لرد السيد صلاح قوش بكلمة ده شيء ما بيخصوا ، فالذي أوقع السيد صلاح في هذا المطب هو طبيعة السؤال الذي تم طرحه بواسطة السائل ، ولأن العسكريين يدمنون دائماٌ سرية القول عند تلقي تعليماتهم ، وتنفيذ أوامرهم فقد كان ما كان ، وهنالك قصد مرئي ، وقصد غير مرئي في كافة المواضيع التي أثيرت عن اجتماعات استشارية الأمن مع الأحزاب ، فالقصد المرئي هو خلخلة مواقف الأحزاب العنيدة ونقلها الي المربع الأخير حتي يمكن التفاهم معها في حلحلة ما تبقي من أجندة وطنية وخاصة أن السودان مقبل علي الجمهورية الثانية التي تحتاج الي توحيد الصف ، وتقوية الجبهة الداخلية ، أما القصد الغير مرئي فهو قصد غير مرئي ولا يمكن معرفته ، ولن نتعب عقولنا في البحث عنه ، لأنه قد يقودنا الي عشرات التخمينات دون الوصول الي الحقيقة. والأمر الثاني والهام جداٌ كان يجب علي الأخ صلاح قوش أن يستقيل من أي وظيفة منحها له حزب المؤتمر الوطني ويكتفي بوظيفة المستشار الأمني حتي لا يكون تحت القوانين المباشرة لحزب المؤتمر والتي نالت منه بكل سهولة ، لقد اعتمد الأخ صلاح قوش في رده ، علي مساندة الرئيس له ، ونسي بأنه لا زال تحت مظلة حزب المؤتمر الوطني وقوانينه التنظيمية والإدارية لذلك لم يعط السيد الرئيس أي فرصة لإنقاذه. أيها الأخوة إن السياسيين بشر ينفعلون أكثر مما ننفعل، ولا اعتقد بأن المهاترات التي حدثت بين الدكتور نافع والسيد صلاح بوش كانت السبب الرئيسي في ابعاده من المستشارية ، بل أكاد أجزم بأن هنالك تراكمات ضاق بها صدر الدكتور نافع حيث شعر بأن هنالك تداخل وتدخل في مسؤولياته واختصاصاته بواسطة المستشارية . ومن هذا المنطلق وبعد أن كسب الدكتور نافع حقوقه كاملة دون نقصان ، نرجو منه أن يبادر بنفسه ويذهب الي الفريق صلاح قوش في منزله ويحتضنه ويظهر لجميع السودانيين بأن لكل جواد كبوة ، وبأنه لا يحمل أي غبن أو ضغينة تجاه أخيه صلاح . أما الأمر الأخير أيها الأخوة هو أن من الأشياء الغريبة التي لفتت نظري بأن حكومة الإنقاذ تعتمد اعتماداٌ كلياٌ علي الجانب الأمني في ادارة الدولة ، ونلاحظ أن الكثير من القيادات النافذة تنتمي للمؤسسة المخابراتية والأمنية ومن هنا ستقع الكارثة.